أرشيف الشعر العربي

من عاشقٍ ناءٍ، هواهُ دانِ،

من عاشقٍ ناءٍ، هواهُ دانِ،

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
من عاشقٍ ناءٍ، هواهُ دانِ، ناطِقِ دَمعٍ صامتِ اللّسانِ
موثقِ قلبٍ مطلقِ الجثمانِ، مُعَذَّبٍ بالصّدّ والهِجرانِ

طليقِ دمعٍ، قلبهُ في أسرِ

من غَيرِ ذَنبٍ كَسَبتْ يَداهُ، غيرَ هَوًى نمّتْ بِهِ عَيناهُ
شوقاً إلى رؤية ِ من أشقاهُ، كأنما عافاهُ من أبلاهُ

إذ كانَ أصلُ نَفعِهِ والضّرّ

يا ويحهُ من عاشقٍ ما يلقى ، من أدمعٍ منهلة ٍ ما ترقا
ذابَ إلى أن كانّ يفني عشقاَ، وعن دقيقِ الفكرِ عنهُ ذقّا

فكادَ يَخفَى عن دَقيقِ الفِكرِ

لم يبقَ منهُ غيرُ طرفٍ يبكي، بأدمعٍ مثلِ نظام السلكِ
يُخمِدُ نِيرانَ الهَوى ويُذكي، كأنّها قَطرَ السّماءِ تَحكي

هيهاتَ هل قِيسَ دَمٌ بقَطرِ

إلى غَزالٍ من بَني النّصارَى ، فضلَ بالحسنِ على العذارى
كلُّ الورى منذُ نشا حيارَى ، في رِبقَة ِ الحُبّ لهُ أسارَى

ينشدُ قولَ مدركٍ في عمرِو

يا عمرو ناشَدتُكَ بالمَسيحِ ألا سمعتَ القولَ من نصيحِ
يُعربُ عن قَلبٍ لهُ جَريحِ، ليسَ من الحبّ بمستريحِ

كَسيرِ قَلبٍ ما لَهُ من جَبرِ

يا عمرو بالحَقّ منَ اللاّهوتِ، والروحِ روح القدسِ والناسوتِ

ذاكَ الذي خَصّ من النّعوتِ،

وأنشَرَ المَيتَ ببَطنِ القَبرِ

بحَقّ ناسوتٍ ببَطنِ مَريمِ، حَلّ مَحلّ الرّوحِ منها في الفَمِ
ثمّ استحالَ في القنومِ الأقدمِ، يُكَلّمُ النّاسَ ولمّا يُفطَمِ

بحَقّ مَن بَعدَ المَماتِ قُمّصَا ثوباً على مقدارهِ ما قصصَا
وكانَ للَّهِ تَقِيّاً مخلِصَا، ومبرئاً من أكمهٍ وأبرصَا

بما لَدَيهِ من خَفيّ السّرّ

بحَقّ مُحيي صورَة ِ الطّيورِ، بالنّفخِ في المَوتَى وفي القبُورِ
ومَن إلَيهِ مَرجِعُ الأُمُورِ، يعلمُ ما في البرّ والبحورِ

وما بِهِ صرفُ القَضاءِ يَجرِي

بحَقّ مَن في شامخِ الصّوامعِ من ساجدٍ لربهِ وراكعِ
يبكي، إذا ما نامَ كلّ هاجعِ، خَوفاً من اللَّهِ بدَمعٍ هامعِ

ويهجرُ اللذات طولَ العمرِ

بحَقّ قومٍ حَلَقوا الرّؤوسَا، وعالجوا طولَ الحياة ِ بوسا
وقرعوا في البيعة ِ الناقوسا، مشمعلينَ يعبدونَ عيسَى

قد أخلصوا في سرّهم والجهرِ

بحَقّ ماري مَريمٍ وبولُسِ، بحَقّ شَمعون الصّفا وبطرُسِ
بحَقّ دانيلٍ وحَقّ يُونُسِ، بحَقّ حَزقيلَ، وبَيتِ المَقدِسِ

وكلّ أوّابٍ رَحيبِ الصّدرِ

ونينَوى إذ قامَ يَدعو رَبّهُ مطهراً من كلّ ذنبٍ قلبهُ
ومستقيلٍ، فأقيلَ ذنبهُ، ونالَ من أبيهِ ما أحَبّهُ

إذ رامَ من مَولاهُ شدّ الأزرِ

بحَقّ ما في قُلّة ِ المَيروُنِ من نافِعِ الأدواءِ للجنُونِ
بحَقّ ما يُؤثَرُ عن شَمعونِ من بَرَكاتِ النّخلِ والزّيتونِ

خِصبِ البلادِ في السّنينَ الغُبرِ

بحَقّ أعيادِ الصّليبِ الزُّهرِ، وعيدِ مارِيّا الرّفيعِ الذّكرِ
وعيدِ أشموني، وعيدِ الفِطرِ، وبالشعانينِ الجليلِ القدرِ

مواسمٌ تمنعُ حملَ الإصرِ

وعيدِ اشَعيا وبالهَياكِلِ، والدخنِ اللاتي لوضعِ الحاملِ
يشفى بها من كلّ خبلٍ، ومن دَخيلِ السّمّ في المَفاصِلِ

لكونها من كلّ داءِ تبري

بحَقّ سَبعين من العِبادِ، قاموا بدينِ اللهِ في البلادِ
وأرشدوا الناسَ إلى الرشادِ، حتى اهتدى من لم يكن بالهادي

وحققَ الحقُّ بكشفِ السترِ

بحَقّ الاثني عشرَ منَ الأمَم، ساروا إلى الرحمن يتلونَ الحكم
حتى إذا صُبحُ الهدى جَلا الظُّلَم، صاروا إلى اللَّهِ ففازوا بالنِّعَم

ثمّ استداموها بفرطِ الشكرِ

بحَقّ ما في مُحكَمِ الإنجيلِ من منزلِ التحريمِ والتحليلِ
وبالبتول والأبِ الهيولي، بحَقّ جيلٍ قد مضَى وجيلِ

يُسنِدُ زيدٌ علمَهُ عن عمرِو

بحَقّ مار عَبدا التّقيّ الصّالحِ، بحَقّ لوقا، بالحَكيمِ الرّاجحِ
والشّهَداءِ بالفَلا الصّحاصِحِ، من كلُّ غادٍ منهمُ ورائحِ

بحَقّ مَعموديّة ِ الأرواحِ، والمذبحِ المعمورِ في النواحي
ومن به من لابس الأمساحِ، من راهبٍ باكٍ ومن نَوّاحِ

يذرفُ ليلاً دمعهُ ويذري

بحَقّ تَقريبِكَ في الآحادِ، وشربكَ القهوة َ كالفرصاد
وما بعَينَيكَ من السّوادِ، بطولِ تقطيعكَ للأكبادِ

وسلبكَ العشاقَ حسنَ الصبرِ

بحَقّ شَمعونَ، وما يَرويهِ بالحمدِ للهِ وبالتنزيهِ
وكلّ ناموسٍ لهُ فَقيهِ، مُؤتَمَنٍ في دينِهِ وجيهِ

مُتّبَعٍ في نَهيِهِ والأمرِ

شيخينِ كانا من شيوخِ العلمِ، وبَعضِ أركانِ التّقَى والحِلمِ
لم ينطقا قطّ بغيرِ الفهمِ، موتهما كانَ حياة َ الخصمِ

وعنهما أخبرض كلّ حبرِ

بحُرمَة ِ الأسقُفِّ، بالمطرانِ، والجاثِليقِ العالِمِ الرّبّاني
والقِسّ، والشمّاسِ، والغُفرانِ، والبَطرَكِ الأكبرِ، والرّهبانِ

والمقربانِ ذي الخصالِ الزهرِ

بحُرمَة ِ المَحبوسِ في أعلى الجَبَل، بحَقّ لوقا حينَ صَلّى وابتَهَل
وبالمَسيحِ المُرتضَى وما فَعَل وبالكنيساتِ القديماتِ الأُوَل

وبالذي يُتلَى بها من ذِكْرِ

بكلّ ناموسٍ لهُ مقدَّمِ يعلمُ الناسَ ولمّا يعلمِ
بحُرمَة ِ الصّومِ الكَبيرِ الأعظَمِ، وما حَوَى الميلادُ لابنِ مريمِ

من شرَفٍ سامٍ عظيمِ الفَخرِ

بحَقّ يومِ الذّبحِ في الإشراقِ، وليلة ِ الميلادِ والسلاقِ
بالذّهَبِ الإبريزِ لا الأوراقِ، بالفصحِ يا مهذبَ الأخلاقِ

وكلِّ ميقاتٍ جَليلِ القَدرِ

ألاّ سعيتَ في رضَى أديبِ، باعَدَهُ الحبُّ عن الحَبيبِ
فذابهُ شوقاً إلى المذيبِ، أعلى مُناهُ أيسَرُ القَريبِ

من بَسطِ أخلاقٍ وحُسنِ بِشرِ

وانظُرْ أميري في صَلاحِ أمري، مُحتَسِباً فيّ عَظيمَ الأجرِ
مكتَسِباً منّي جَميلَ الشّكرِ، في نظمِ ألفاظٍ ونظمِ شعرِ

ففيكَ نظمي أبداً ونثري

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (صفي الدين الحلي) .

قم صاحِ نلتقطِ اللذاتِ إن ذهلتْ

أمسيتُ ذا ضرّ وفي يدكَ الشفا،

قالَتْ: كحَلتَ الجفونَ بالوَسنِ،

لو فعَلتُم معَ المُحبّ صَوابَا،

مجرَى القَوافي في حروفٍ ستّة ٍ،


مشكاة أسفل ٢