نفوسُ الصيدِ أثمانُ المعالي،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نفوسُ الصيدِ أثمانُ المعالي، | إذا هَزّتْ مَعاطِفَها العَوالي |
وأبدَتْ أوجُهُ البِيضِ ابتِساماً، | يُطيلُ بكاءَ آجالِ الرّجالِ |
ومَن عَشِقَ العَلاءَ، وخافَ حَتفاً | غَدا عندَ الكَريهَة ِ، وهوَ سالي |
ولم يَحُزِ العُلى إلاّ كَميٌّ، | رَحيبُ الصّدرِ في ضِيقِ المَجالِ |
تيقنَ أنّ طيبَ الذكرِ يبقى ، | وكلَّ نعيمِ ملكٍ في زوالِ |
لذاكَ سمتْ بركنِ الدينِ نفسٌ | تعلمَ ربُّها طلبُ الكمالِ |
سَمتْ فأرَتهُ حَرّ الكَرّ بَرداً، | ويَحْمُومَ المَنيّة ِ كالزّلالِ |
فألبسَ عرضهُ درعاً حصيناً، | وصَيّرَ جِسمَهُ غَرَضَ النّبالِ |
تبوأ جنة َ الفردوسِ داراً، | وحَلّ على الأرائِك في ظِلالِ |
وخلفَ كلَّ قلبٍ في اشتغالٍ، | وكلَّ لهيبِ صدرٍ في اشتعالِ |
بروحي مَن أذابَ نَواهُ روحي، | وأفقدَ فقدُهُ عزّي ومالي |
ولم أكُ قَبلَ يومِ رَداهُ أدري | بأنّ التُّربَ برجٌ للهلاكِ |
وقالوا: قد أصبتَ، فقلتُ: كلاّ، | وما وقعُ النبالِ على الجبالِ |
ولم أعلَمْ بأنّ الرّمسَ يُمسِي | بموجٍ الحربِ من صدفِ اللآلي |
أيا صخراَ احنانِ أدمتَ نوحي، | فها أنا فيكَ خنساءُ الرجالِ |
وفَتْ لي فيكَ أحزاني ودَمعي، | وخانَ عليكَ صبري واحتمالي |
بذلتَ النفسَ في طلبِ المعالي، | كبذلكَ للهَى يومَ النوالِ |
تسابقُ للوغَى قبلَ التنادي، | كبذلكَ للهَى يومَ النوالِ |
شددتَ القلبَ في حوضِ المنايا، | ووَبلُ النُّبلِ مُنحَلّ العزالي |
لبستَ على ثيابِ الوشيِ قلباً، | غنيتَ بهِ عن الدرعِ المذالِ |
تَهُزُّ لمُلتَقَى الأعداءِ عِطفاً، | يهزّ رطيبهُ مرحُ الدلالِ |
فعشتُ، وأنتَ ممدوحُ السجايا، | ومتَّ، وأنتَ محمودُ الخلالِ |
أرُكنَ الدّينِ كم رُكنٍ مَشيدٍ | هَدَدتَ بفَقدِ ذيّاكَ الجَمالِ |
ربوعكَ بعدَ بهجتِها طلولٌ، | وحاليها من الأنوارِ خالِ |
تنوحُ لفقدِكَ الجردُ المذاكي، | وتَبكيكَ الصّوارِمُ والعَوالي |
يَحِنّ إلى يَمينِكَ كلُّ عَضبٍ، | وتشتاقُ الأعنة ُ للشمالِ |
أتَسلُبُكَ المَنونُ، وأنتَ طَودٌ، | وتُرخِصُكَ الكُماة ُ، وأنتَ غالِ |
وتَضعفُ عَزمَة ُ البيضِ المَواضي، | وتَقُصرُ همّة ُ الأسَلِ الطّوالِ |
ولم تُحطَمْ قَناة ٌ في طعانٍ، | ولم تُفلَلْ صِفاحٌ في قِتالِ |
ولا اضطرمتْ جيادٌ في طرادٍ، | ولا اعتركتْ رجالٌ في مجالِ |
ولا رَفَعوا بوَقعِ الخَيلِ نَقعاً، | ولا نسجَ الغبارُ على الجِلالِ |
وتُمسي اللاّذخيّة ُ في رُقادٍ، | تَوَهَّمُ فِعلَها طَيفَ الخَيالِ |
ولم تُقلَعْ لقَلعَتِهِمْ عروشٌ، | إذا استَوَتِ الأسافِلُ والأعالي |
ولا وادي جهنّمَ حينَ حلوا | بهِ أمسَى عليهم شَرَّ فالِ |
سأبكي ما حَييتُ، ولستُ أنسَى | صَنائعَكَ الأواخِرَ والأوالي |
ولو أنّي أُبَلَّغُ فيكَ سُؤلي، | بكيتكَ بالصوارمِ والعوالي |
بكلذ مهندِ الحدّينِ ماضٍ | تَدبّ به المَنيّة ُ كالنّمالِ |
يريكَ به ركامُ الموتِ موجاً، | وتمنعهُ الدماءُ منَ الصقالِ |
وإسمرَ ناهزَ العشرينَ لدنٍ، | رُدَيْنيِّ المَناسبِ ذي اعتِدالِ |
يُضيءُ على أعاليهِ سِنانٌ | ضياءَ النّارِ في طرفَ الذُّبالِ |
وأشفي من دماءِ عداكَ نفساً، | تنوطُ القولَ منها بالفعالِ |
لعَلّ الصّالحَ السّلطانَ يَجلُو | بغُرّة ِ وجهِهِ ظُلمَ الضّلالِ |
ويُجريها من الشِّعبَين قُبّاً، | إلى الهَيجاءِ تَسعَى كالسّعالي |
يحرضُها الطرادُ على الأعادي، | كأنّ الكرّ يذكرُها المخالي |
عليها كلُّ ماضي العزم ذمرٍ، | كميٍّ في الجلاد وفي الجدالِ |
ويشفي عندَ أخذِ الثأرِ منهُم | نفوساً ليسَ تقنعُ بالمطالِ |
وأعلَمُ أنّ عَزمتَهُ حُسامٌ، | ولكنّ التفاضي كالصقالِ |