أدرْها بأمنٍ لا يُغَيّرَكَ الوَهمُ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أدرْها بأمنٍ لا يُغَيّرَكَ الوَهمُ، | وزفّ على الجلاسِ ما خلفَ الكرمُ |
وداوِ أذاها بالسّماعِ، فإنّها | بلا نَغَمٍ غَمٌّ، بلا دَسَمٍ سُمّ |
معتقة ٌ لو غسلوا ميتاً بها | لما ذابَ منهُ المخّ وانهشمَ العظمُ |
ولولا اتقاءُ اللهِ قلتُ بأنها | بها تنطقُ الأمواتُ أو تسمعُ الصمُّ |
فلم ير يوماً كاسها من رأى الأذى ، | ولا مَسّها بالكَفّ مَن مَسّه الهَمّ |
فخذها على طيبِ السماعِ، فإنها | بَشاشة ُ وجهِ العيشِ إن عَبَسَ الهَمّ |
ولا تَخشَ من إثمٍ، إذا ما شربتَها، | لظاهرِ قولِ النّاسِ إنّ اسمَها الإثمُ |
ولو أنّ وصفَ الشيءِ عَينٌ لذاتِهِ، | أو الذكرَ للشيءِ المراد هوَ الجرمُ |
لمَا ماتَ مَن سَمّوهُ باللّفظِ خالِداً، | ولا خرّ مَلكٌ في الثّرى واسمه نجمُ |
كما خرّ نجمُ الدينِ من عرشِ ملكه | ولم يُغنِ عَنهُ الباسُ والعَزمُ والحَزمُ |
مضَى الملكُ المَنصورُ من دَستِ ملكهِ | ولم ينجه الملكُ الممنعُ والحكمُ |
مليكٌ أفاَ العدلَ في كلّ معشرٍ، | فليسَ لهُ، إلا لأموالهِ، ظلمُ |
وما غيبتهُ الأرضُ، إلاذ لأنها، | لأقدامِهِ، ما كانَ يُمكِنُها اللّثمُ |
وخلفَ أشبالاً سعوا مثلَ سعيه | لئَلاّ يَعمّ النّاسَ مِن بَعدِهِ اليُتمُ |
ملوكاً حَذَوا في الجُودِ حَذوَ أبيهِمُ | ففي كلّ وصفٍ من نداهُ لهم قسمُ |
وأشرقَ في الشبهاءِ في الدستِ منهمُ، | وقد غابَ عَنها نَجمُها، بدرُها التمّ |
هو الصّالحُ المَلكُ الذي لبِسَ البَها، | وللنّاسِ منهُ، فوقَ ثوبِ البَها، رَقمُ |
جَميعُ أماراتِ الشّهيدِ ظَواهِرٌ | عليهِ تساوى الباسُ والرأيُ والفهمُ |
وأهونُ شيءٍ عندهُ الخيلُ واللهَى ، | وأنفَقُ شيءٍ عندَهُ النّثرُ والنّظمُ |
وأحسَنُ أيّامِ السّماحِ وَلُودُها، | إذا أعجبَ النجالَ أيامُها العقمُ |
وربّ حَديثٍ من عُلاهُ سَمِعتُهُ، | لحلوِ جناهُ، من حلوقِ النُّهَى طعمُ |
وفَيضِ نَوالٍ من يَدَيهِ أفَدتُهُ، | له في قلوبِ النّاسِ من جَسدي وسمُ |
ولمّا أرادَ الدّهرُ كَيدي فزُرتُهُ، | وبتُّ، ولي في صحفِ إنعامِهِ رسمُ |
فأخرَ صرفَ الدهرِ عني، فلا يرَى | مقابلتي لمّا درَى أنهُ الخصمُ |