أقطراتِ أدمعي لا تجمدي،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أقطراتِ أدمعي لا تجمدي، | ويا شواظَ أضلعي لا تخمدي |
ويا عيوني السّاهراتِ بعدَهم، | إن لم يَعُدْك طيفُهم لا ترقُدي |
ويا سيوفَ لحظِ من أحببتُه | جهدَك عن سفك دمي لا تُغمدي |
ويا غوادي عَبرَتي تَحَدّري، | ويا بوادي زفرتي تصعدي |
فقد أذلتُ أدمعي، ولم أقُل | إن يُحمَ عن عَيني البكا تجَلّدي |
أنا الذي ملّكتُ سلطانَ الهوَى | رقّي، وأعطيتُ الغرامَ مِقوَدي |
ما إن أزالُ هائِماً بغادَة ٍ | تسبي العقولَ، أو غزالٍ أغيدِ |
فهوَ الذي قد نامَ عنّي لاهِياً، | لمّا رَماني بالمُقيمِ المُقعِدِ |
مُوَلَّدُ التركِ، وكم من كمدٍ | مولَّدٍ من ذلكَ المولَّدِ |
معتدلُ القدّ عليهِ كُمّة ٌ، | فَهوَ بها كالألفِ المُشَدَّدِ |
قالَ المَجوسُ إنّ نورَ نارِهم | لو لم تُشابِهْ خَدّهُ لم تُعبَدِ |
يريكَ من عارضِهِ وفرقِه | ضدّينِ قد زادا غليلَ جسدي |
فذاكَ خَطٌّ أسوَدٌ في أبيَضٍ؛ | وذاكَ خطٌّ أبيَضٌ في أسوَدِ |
للهِ أياماً مضتْ في قربِه، | والدهرُ منهُ بالوصالِ مسعدي |
ونحنُ في وادي حماة َ في حمّى | بهِ حَلَلنا فوقَ فرقِ الفَرقَدِ |
فحبذا العاصي وطيبُ شعبِه، | ومائِهِ المُسلسلِ المُجَعَّدِ |
والفُلْكُ فوقَ لُجّهِ كأنّها | عقاربٌ تدبُّ فوقَ مبردِ |
وناجمُ الأزهار من مُنظَّمٍ | على شَواطيهِ، ومن منضَّدِ |
من زهرٍ مفتحٍ، أو غصنٍ | مرَنَّحٍ، أو طائرٍ مغرِّدِ |
والورقُ من فوقِ الغصون قد حكتْ | بشَدوِها المُطرِب صوتَ مَعَبَدِ |
كأنّما تنشرُ فضلَ الملكِ الـ | ـأفضلِ نجلِ الملكِ المؤيدِ |
أروعُ مَحسودُ العَلاءِ أمجَدٌ، | من نسلِ محسودِ العلاءِ أمجدِ |
المؤمنُ الموحدُ ابنُ المؤمنِ الـ | ـموَحِّدِ ابنِ المؤمنِ الموحِّدِ |
السيّدُ ابنُ السيّدِ ابنِ السيّدِ | ابنِ السيدِ ابن السيدِ ابنِ السيدِ |
من آلِ أيوبَ الذينَ أصبحوا | كواكباً بها الأنامُ تهتدي |
من كلّ خفاقِ اللواءِ لابسٍ | ثوبَ الفخارِ مطرزاً بالسؤددِ |
مهذبٍ محببٍ مجربٍ، | للمجتني والمجتلي والمجتدي |
فقَولُهُ وطَوْلُهُ وحَولُه | للمُعتَني والمُعتَفي والمُعتَدي |
ما إن يَشينُ مَنَّهُ بمنّة ٍ، | ولا يَشوبُ برَّهُ بمَوعِدِ |
سماحَة ٌ تَخفِضُ قدرَ حاتمٍ | في أدَبٍ يَهزَأُ بالمُبَرّدِ |
نامتْ عيونُ الناس أمناً عندما | رَعاهم بطَرفِهِ المسهّدِ |
صوتُ الصّهيلِ والصّليلِ عندَهُ | أطيبُ من شدوِ الحسانِ الخردِ |
يلهيهِ صدرُ النهدِ في يوم الوغى | بالكرّ عن صدرِ الحسانِ النُّهّدِ |
ويَغتَني بالمُلدِ من سُمرِ القَنا | عن كلّ مجدولِ القوام أملدِ |
خَلائِقٌ تُعدي النّسيمَ رقّة ً، | وسَطوَة ٌ تُذيبُ قَلبَ الجَلمَدِ |
وبأسُ ملكٍ مجدُهُ من عامرٍ، | وفيضُ جودِ كفّهِ من أجوَدِ |
وربّ يومٍ أصبَحَ الجوُّ به | مُحتَجِباً من العَجاجِ الأركَدِ |
كأنّ عَينَ الشّمسِ في قَتامِهِ | قد كحلتْ من نقعهِ بإثمدِ |
شَكا بهِ الرّمحُ إليهِ وحشَة ً، | فاسكنَ الثعلبَ قلبَ الأسدِ |
حتى إذا ما كبرتْ كماتُه، | والهامُ بينَ ركعٍ وسجدِ |
أفردتِ الرّماحُ كلَّ تؤام، | وثَنّتِ الصّفاحُ كلَّ مُفرَدِ |
يا ابنَ الذي سَنّ السّماحَ للوَرى | فأصبحتْ بهِ الكرامُ تقتدي |
الصادقُ الوعدِ كما جاءَ بهِ | نَصُّ الكِتابِ والصّحيحِ المُسنَدِ |
مَن أصبَحت أوصافُهُ من بَعده | في الأرضِ تُتلى بِلسانِ الحُسّدِ |
ما ماتَ من وارى الترابُ شخصَه | وذكرهُ يبقَى بقاءَ الأبدِ |
حتى إذا خافَ الأنامُ بعدَهُ | تعلُّقَ الملك بغير مُرشدِ |
فوّضَ أمرَ الملك من محمّدٍ | النّاصر الملك إلى محمّدِ |
الأفضَلِ الملكِ الذي أحيا الوَرى | فأشبهَ الوالدَ فضلُ الولدِ |
العادلِ الحكمِ الذي أكفُّهُ | لَيستْ على غَيرِ النُّضارِ تَعتَدي |
لو زينَ عصرُ آلِ عبادٍ بهِ، | لم يَصِلِ الملكُ إلى المُعتَضِدِ |
يا من حباني من جميلِ رأيهِ | ببشرهِ والبرِّ والتوددِ |
طوقتني بالجودِ، إذ رأيتني | بالمدحِ مثلَ الطائرِ المغردِ |
أبعدتموني بالنوالِ، فاغتدى | شوقي مقيمي، والحياءُ مقعدي |
لولا حَيائي من نَوالي برّكم، | ما قَلّ نَحوَ رَبعِكم ترَدّدي |
فاعذِرْ مُحِبّاً طالَ عنكُم بعدُه، | وودهُ ومدحهُ لم يبعدِ |
فكمْ حقوقٍ لكُمُ سَوابِقٍ، | ومنة ٍ سالفة ٍ لم تجحدِ |
تُنشِطُ رَبّ العَجزِ، إلاّ أنّها | تُعجِزُ بالشّكرِ لِساني ويَدي |