نمّ بسرّ الروضِ خفقُ الرياحْ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نمّ بسرّ الروضِ خفقُ الرياحْ، | واقتَدَحَ الشّرقُ زِنادَ الصبّاحْ |
وأخجَلَ الوَردُ شُعاعَ الضّحَى ، | فابتَسَمتْ منهُ ثغورُ الأقاحْ |
وقامَ في الدوحِ لنعي الدجى ، | حمائمٌ تطربنا بالصياحْ |
مذ ولد الصبح ومات الدجى | صاحتْ، فلم ندرِ غناً أم نواحْ |
ويوم دجنٍ حجبتْ شمسهُ، | وأشرَقتْ في لَيلِهِ شمسُ راحْ |
فَما ظَننّا الصّبحَ إلاّ دُجًى ، | ولا حَسبِنا اللّيلَ إلاّ صَباحْ |
وقابتْ نورَ الضحى أوجهٌ | للغِيد تَبغي في الصبّاحِ اصطِباحْ |
فظلتُ ذا النورينِ في مجلسي | منوجهِ صبحٍ ووجوهٍ صباحْ |
وشادِنٍ إن جالَ ماءُ الحَيا | في مُقلَتَيهِ زادَهنّ اتّقاحْ |
يُسكِرُنا من خَمرِ ألحاظِهِ، | ويمزجُ الجدّ لنا بالمزاحْ |
من لحظِهِ يَسقي، ومن لَفظِهِ | وريقهِ خمراً حلالاً مباحْ |
نَواظرٌ تُعزى إلَيها الظُّبَى ، | وقامَة ٌ تُعزى إلَيها الرّماحْ |
يا عاذلي في حسنِ أوصافهِ، | ومسمعي وصفَ الفتاة ِ الرداحْ |
في حبّ ذي القرطينِ، يا لائمي، | لي شاغلٌ عن حبّ ذاتِ الوشاحْ |
دَعني أُقَضّي العيشَ في غِبطَة ٍ | مُتّبِعاً مَغدَى الهَوى والمَراحْ |
من قبلِ أن يَهتِفَ داعي النّوى ، | فلَم أجِدْ عن بَينِنا من بَراحْ |
فكلّ يومٍ لي برُغمِ العُلَى | في كلّ أرضٍ غربة ٌ وانتزاحْ |
واضيعة َ العمرِ وفوتَ المنى ، | بينَ رِضَى الكُومِ وسُخطِ المِلاح |
ورُبّ لَيلٍ خُضتُ تَيّارَهُ | بأدهَمٍ يَسبُقُ جَريَ الرّياحْ |
محجلِ الأربعِ ذي غرة ٍ | ميمونة ِ الطلعة ِ ذاتِ اتضاحْ |
كأنهُ قد شقّ بحرَ الدجى ، | وبعدهُ خاضَ غديرَ الصباحْ |
لم تَعلَمِ الأبصارُ في جَريِهِ | قادمة ً خفتْ بهِ أمْ جناحْ |
مذ فسدَ العيشُ رأى قصدهُ | للمَلِكِ الصّالحِ عينَ الصّلاحْ |
المَلكُ النَّدبُ الذي شُكرُهُ | صار اعتبِاراً للورَى واصطِلاحْ |
مُمَنَّعُ المَجدِ رَفيعُ العُلى ، | لهم يكُ إلاّ مالهُ مستباحْ |
يكادُ من دِقّة ِ أفكارِهِ | يزري بما يجري القضاءُ المتاحْ |
لهُ يَدٌ، إن جادَ، كانتْ حَياً، | وهمة ٌ، إن جالَ، كانتْ سلاحْ |
ورحبُ صَدرٍ كُلّما هيمَنَتْ | فيهِ نَسيمُ المَدحِ زادَ ارتِياحْ |
يا حامِلَ الأثقالِ مِن بَعدِ ما | حطّ مراراً غيرهُ واستراحْ |
لولاكَ، يا وابلُ، زَرعُ النّدى | أضحى هشيماً، وذرتهُ الرياحْ |
يا ابنَ الذي حَجّ إليهِ الوَرَى | لكونِهِ كعبة َ دينِ السماحْ |
إن قَصُرَتْ منّى إليكَ الخُطى ، | ما قصرتْ منّي يدُ الامتداحْ |
فقد جعَلتُ الأرضَ من مَدحِكم | خَضرا، وشِعري جائلٌ كالوِشاحْ |
خفضتُ بالنصبِ استعاراتهِ، | كما أعيرَ الذلُّ خفضَ الجناحْ |
إذا تلاهُ الوفدُ قالَ الورى : | هذا هوَ السحرُ الحلالُ المباحْ |
ذِكرُكَ كالمِسكِ، ولكِنّهُ | إن ضوعتهُ نسمة ُ المدحِ فاحْ |