إذا لم تعني في علاكَ المدائحُ،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إذا لم تعني في علاكَ المدائحُ، | فمن أينَ لي عُذرٌ عن البُعدِ واضِحُ؟ |
وكيفَ اعتذاري بالقريضِ، وإنّما | عَهِدتُكَ تُغضي دائِماً وتُسامحُ |
وإنّي على بُعدِ الدّيارِ وقُربِها، | أُطارِحُ فيكُمْ فِكرَتي وتُطارحُ |
وأنظمُ أبكارَ المعاني وعونَها، | فإنْ لمْ أسِرْ سارَتْ إلَيكَ المَدائحُ |
وإنّي لأهوى حاسديكَ لأنّها | تُفاتحُني عن ذِكرِكُمْ وأُفاتحُ |
يسرونَ بالتذكارِ مغرى ً بذكركم، | يُبالغُ في أوصافِكمْ ويُناصِحُ |
إذا سألوا عن سرّكم، فهوَ كاتمٌ؛ | وإن سألوا عن فضلكم، فهو بائحُ |
سقَى أرضَكم سارٍ منَ الوَبلِ سائحٌ، | وباكَرَها غادٍ من المُزنِ رائحُ |
فتلكَ عرينٌ للأسودِ، وبينها | مسالكٌ فيها للظباءِ مسارحُ |
ظباءٌ سوانحٌ وورقٌ صوارحٌ، | وقضبٌ نوافحٌ، وغدرٌ طوافحْ |
وبينَ قِبابِ الحيّ سِرْبُ جآذِرٍ | من التركِ في روضٍ من الأمنِ سارحُ |
إذا هيَ هزّتْ للطّعانِ قُدودَها، | فلا أعزلٌ إلاّ أنثنى ، وهوَ رامحُ |
وهيفاءُ لو أهدتْ إلى الميتِ نشرَها، | لأنشرَ من ضمتْ عليهِ الصفائحُ |
ولو أنّها نادَتْ عظامي أجابَها | فمي لاصدًى من جانبِ القبرِ صائحُ |
لئنْ بخلتْ إنَّ الخيالَ مسامحٌ، | وإن غضبتْ فالطيفُ منها مصالحُ |
حبيبٌ لإهداءِ التّحيّة ِ مانعٌ، | وطَيفٌ للذّاتِ التّواصُلِ مانحُ |
وبكرِ فلاة ٍ لمْ تخفْ وطءَ طامثٍ، | ولا افتضّها من قبلِ مهريَ ناكحُ |
كشَفتُ خِمارَ الصّونِ عن حُرّ وَجهها | ضُحًى ، ولثامُ الصّبحِ في الشرق طائحُ |
وأنكَحتُها يَقظانَ من نَسلِ لاحقٍ، | فأمسَتْ به، مع عُقمِها، وهيَ لاقحُ |
من الشهبِ في إدراكهِ الشهبَ طامعٌ، | فناظرُهُ نحوَ الكَواكبِ طامحُ |
أخوضُ به بحرَ الدّجى وهوَ راكِدٌ، | وأُورِدُهُ حَوضَ الضّحى وهوَ طافح |
وقائلٍ ما لي أراهُ كدمعهِ | يظلُّ ويمسي، وهوَ في الأرضِ سائحُ |
أطالبُ مغنًى ؟ قلتُ: كلاً، ولا غنًى ، | ولستُ على كَسبِ اللِّذاذِ أُكافحُ |
ولكنّ لي في كلّ يومٍ إلى العُلَى | حوائجَ، لكنْ دونَهنّ جَوائحُ |
فقالت: ألا إنّ المَعالي عزيزَة ٌ، | فكيفَ، وقد قلتْ لديك المنائحُ |
فهل لكَ وفرٌ؟ قلتُ: إي، وهو ناقصٌ، | فقالت: وقدرٌ؟ قلتُ: إي، وهوَ راجحُ |
فقالتْ: وجدٌّ؟ قلتُ: إي، وهو أعزلٌ، | فقالتُ، وضدٌّ؟ قلتُ: إي، وهوَ راجحُ |
فقالتْ: ومجدٌ؟ قلتُ: غي، وهوَ معتبٌ | فقالتْ: وسعدٌ؟ قلتُ: إي، وهو ذابحُ |
فقالتْ: وملكٌ؟ قلتُ: إي، وهو فاسدٌ، | فقالتْ: وملكٌ؟ قلتُ: إي، وهوَ صالحُ |
مليكٌ شرَى كنزَ الثناءِ بمالِهِ، | على أنهُ في صفقة ِ المجدِ رابحُ |
تَظُنُّ بأيديهِ الأنامُ أنامِلاً، | وهنّ لأرزاقِ العبادِ مفاتحُ |
جوادٌ، إذا ما الجودُ غاضتْ بحارُه، | حليمٌ، إذا خفّ الحلومُ الرواجحُ |
إذا خامرتهُ الراحُ أبقتْ روية ً | من الرأي لا تخفى عليها المصالحُ |
يعمُّ الأقاصي جودهُ، وهو عابسٌ، | وتخشى الأداني بشرهُ، وهوَ مازحُ |
كما تهبُ الأنواءُ، وهيَ عوابسٌ، | وتَضحَكُ في وجهِ القَتيلِ الصّفائحُ |
من القَومِ إن عُدّ الفَخارُ، فإنّهم | هم الرّوحُ فَخراً، والأنامُ جَوارحُ |
أكفهمُ للمكرماتِ مفاتحٌ، | وذكرهمُ لاسمِ الكرامِ فواتحُ |
إذا احتَجَبوا نَمّتْ عليهم خِلالُهم، | كذا المسكُ يخفى جرمهُ، وهو فائحُ |
أيا ملكاً أرضَى المعالي بسعيهِ، | وراضَ جِيادَ المُلكِ وهيَ جَوامحُ |
نهضتَ بأمرٍ يعجزُ الشمَّ ثقلهُ، | فقمتَ بهِ جزعاً، ورأيكَ قادحُ |
وألفتَ شملَ الملكِ بعدَ شتاتهِ، | وقد صاحَ فيهِ بالتّفَرّقِ صائحُ |
مددتَ إلى العلياءِ كفكَ، والعُلى | تمدُّ أكفاً ما لهنّ مصافحُ |
فجاءَتكَ طوعاً في الزمامِ، ولم تكنْ | |
فجاءتكَ طوعاً في الزمامِ، ولم تكنْ | بمُهجَتِها إلاّ علَيكَ تُكافحُ |
وجمرة ِ حربس أججَ الشوسَ وقدها | وبيضُ الظبَى والعادياتُ الضوابحُ |
رجالٌ جحاجحٌ، وجردٌ سوابحٌ، | وسُمرٌ جَوارحٌ، وبِيضَ صَفائحُ |
وَقفتَ لها والمُرهَفاتُ ضَواحِكٌ، | وُجوهُ الرّدى ما بَينَهنّ كَوالحُ |
ووجهكَ واضحٌ، وعضبكَ ناضحٌ، | وزندُكَ قادحٌ، وعزمكَ فادحُ |
فَيا مَلِكاً يُثني عَليهِ فَمُ العُلَى ، | وتنسبهُ يومَ الهياجِ الصفائحُ |
لئنْ بعدتْ منا الجوانحُ عنكمُ، | فَفي رَبعِكُم منّا القُلوبُ جَوانحُ |
ولكنّ حالي في التباعدِ بينٌ | لدَيكَ، وعُذري في التّأخّرِ واضحُ |
سأختمُ أبكارَ المدائحِ باسمكم، | كمَا باسمِكُم قِدماً لها أنا فاتحُ |