قَبيحٌ بمنْ ضاقتْ عنِ الأرضِ أرضُهُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
قَبيحٌ بمنْ ضاقتْ عنِ الأرضِ أرضُهُ | وطولُ الفَلا رحبٌ لديهِ وعرضُهُ |
ولم يبلِ سربالَ الدُّجى فيه ركضُهُ، | إذا المرءُ لم يدنس من الؤمِ عرضُهُ |
فكلُّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ | |
إذا المرءُ لم يحجُبْ عن العينِ نومها | ويغلي من النفسِ النفيسة ِ سومَها |
أضيع، ولم تأمنْ معاليهِ لومَها، | وإن هوَ لم يَحمِلْ على النّفسِ ضَيمَها |
فليسَ إلى حُسنِ الثّناءِ سَبيلُ | |
وعصبة ِ غدرٍ أرغمتها جدودنا، | فَباتَتْ، ومنها ضِدُّنا وحَسُودُنا |
إذا عَجِزَتْ عن فِعلِ كَيدٍ يكيدُنا | تُعَيّرُنا أنّا قَليلٌ عَديدُنا |
فقلتُ لها: إنّ الكرامَ قليلُ | |
رَفَعنا على هامِ السّماكِ مَحَلَّنا، | فلا ملكٌ إلاّ تفيأ ظلَّنا |
فقَد خافَ جيشُ الأكثرينَ أقَلَّنا، | وما قَلّ مَن كانتْ بَقاياهُ مِثلَنا |
شَبابٌ تَسامَى للعُلى وكُهُولُ | |
يُوازي الجِبالَ الرّاسياتِ وقارُنا، | وتبنى على هامِ المجرّة ِ دارُنا |
ويأمنُ منْ صرفِ الزّمانِ جوارُنا، | وما ضَرّنا أنّا قَليلٌ وَجارُنا |
عزيزٌ، وَجارُ الأكثرين ذَليلُ | |
ولمّا حلَلْنا الشّامَ تَمّتْ أُمورُهُ | ومنّا مُبيدُ الألفِ في يَومِ زَحفِهِ، |
وبالنيربِ الأعلى الذي عزّ طورُهُ، | لنا جبلٌ يحتلُّهُ من نجيرُهُ |
منيعٌ يردُّ الطرفَ، وهوَ كليلُ | |
يريكَ الثريّا من خلالِ شعابِهِ، | وتحدقُ شهبُ الأفقِ حولَ هضابِهِ |
ويعثرُ خطوُ السحبِ دونَ ارتكابهِ، | رسا أصلُهُ تحتَ الثّرَى وسما بهِ |
إلى النّجمِ فَرعٌ، لا يُنالُ، طويلُ | |
وقَصرٍ على الشّقراءِ قد فاضَ نَهرُهُ، | وفاقَ على فخرِ الكواكبِ فخرُهُ |
وقد شاعَ ما بينَ البريّة ِ شكرُهُ، | هوَ الأبلقُ الفردُ الذي شاعَ ذكرُهُ |
يعزُّ على منْ رامَهُ ويطولُ | |
إذا ما غضبنا في رضي المجدِ غضبة ً | لندركَ ثأراً أو لنبلغُ رتبة ً |
نَزيدُ، غَداة َ الكرّ في المَوتِ، رَغبة ً، | وإنّا لَقَوْمٌ لا نَرى القتلَ سُبّة ً |
غذا ما رأتهُ عامرٌ وسلولُ | |
أبادتْ ملاقاة ُ الحروبِ رجالنا، | وعاشَ الأعادي حينَ مَلّوا قِتالَنا |
لأنّا، إذا رامَ العُداة ُ نِزالَنا | يقربُ حبُّ الموتِ آجالنا لنَا |
وتَكرَهه آجالُهُمْ، فتَطولُ | |
فمنّا معيدُ الليثِ في قبض كفّهِ، | ومُورِدُهُ في أسرِهِ كأسَ حَتفِهِ |
وما ماتَ منّا سيدٌ حتفَ أنفهِ | |
ولا ضَلّ يَوماً حيثُ كانَ قَتيلُ | |
إذا خافَ ضَيماً جارُنا وجَليسُنا، | فمِنْ دونِهِ أموالُنا ورؤوسُنا |
وإنْ أجّجَتْ نارَ الوَقائعِ شُوسُنا، | تسيلُ على حدّ الظُّباتِ نفوسنا |
وليستْ على غيرِ الظُّباتِ تسيلُ | |
جنَى نفعنَا الأعداءُ طوراً وضرنَّا، | فما كانَ أحلانا لهمْ وأمرَّنا |
ومُذْ خَطَبُوا قِدماً صَفانا وبِرَّنا، | صفونا، ولم نكدُر، وأخلصَ سرَّنا |
أناسٌ أطابتْ حملنا وفحولُ | |
لقد وَفتِ العَلياءُ في المجدِ قِسطَنا، | وما خالفتْ في منشإ الأصلِ شرطنا |
فمُذْ حاوَلَتْ في ساحة ِ العزّ هَبطَنا، | علوْنا إلى خيرِ الظّهورِ وحطَّنا |
لوقتٍ إلى خيرِ البطونِ نزولُ | |
تُقِرُّ لَنا الأعداءُ عندَ انتِسابِنا، | وتخشى خطوبُ الدّهرِ فصلَ خطابنا |
لقد بلغتْ أيدي العُلى في انتخابنا، | فنحنُ كماءِ المزنِ ما في نصابِنا |
كَهامٌ، ولا فينا يُعَدُّ بخيلُ | |
نغيثُ بني الدنيا ونحملُ هولهمْ، | كما يَومُنا في العِزّ يَعدِلُ حَولَهم |
نَطولُ أُناساً تَحسُدُ السُّحبُ طَولَهمْ | ونُنكِرُ إن شِئنا على النّاسِ قولَهم |
ولا يُنكِرونَ القولَ حينَ نَقولُ | |
لأشياخنا سعيٌ بهِ الملكَ أيدوا، | ومِنْ سَعِينا بَيتُ العَلاءِ مُشَيَّدُ |
فَلا زالَ منّا في الدّسوتِ مُؤيَّدُ، | إذا سيدٌ منّا خلا قامَ سيدُ |
قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فعولُ | |
سبقنا إلى شأو العُلى كلَّ سابقِ، | وعمَّ عطانا كلَّ راجٍ ووامِقِ |
فكَمْ قد خَبَتْ في المَحل نارُ مُنافِقِ | وما أُخمِدَتْ نارٌ لَنا دونَ طارِقِ |
ولا ذَمَّنا في النّازِلينَ نَزيلُ | |
علونا مكانَ النجمِ دونَ علونا، | وسامَ العُداة َ الخَسفَ فَرطُ سُمُوّنا |
فَماذا يَسُرُّ الضّدَّ في يومِ سَوّنا، | وأيّامُنا مَشهورَة ٌ في عَدُوّنا |
لها غُرَرٌ مَعلومَة ٌ وحُجولُ | |
لنا يومَ حربِ الخارجيّ وتغلبِ | وَقائعُ فَلّتْ للظُّبَى كلّ مَضرِبِ |
فأحسابنا من بعدِ فهرٍ ويعربٍ، | وأسيافنا في كلّ شرقٍ ومغربِ |
بها من قِراعِ الدّارِعينَ فُلُولُ | |
أبَدْنا الأعادي حينَ ساءَ فعالُها، | فَعادَ عَلَيها كيدُها ونَكالُها |
وبيضٌ جلا ليلَ العجاجِ صقالُها | معودَة ٌ ألاّ تسلَّ نصالُها |
فتُغمَدَ حتى يُستَباحَ قَبيلُ | |
هم هَوّنوا في قَدرِ مَن لم يُهِنْهُمُ، | وخانوا، غداة َ السلم، من لم يخنهمُ |
فإنْ شِئتِ خُبر الحالِ منّا ومنهُمُ | سلي إن جهلتِ الناسَ عنّا وعنهمُ |
فلَيسَ سَواءً عالِمٌ وجَهولُ | |
لئن ثلمَ الأعداءُ عرضي بسومهم | فكم حَلَموا بي في الكَرَى عند نومهم |
وإذا أصبحوا قطباً لابناءِ قومهم، | فإنّ بني الرّيّانِ قُطبٌ لقومهم |
تدورُ رحاهُمْ حولهم وتجولُ |