شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
شفّها السيرُ وقتحامُ البوادي، | ونزولي في كلّ يومٍ بوادٍ |
ومقيلي ظلُّ المطيّة ِ، والتُّرْ | بُ فِراشي، وساعداها وسادي |
وضَجيعي ماضي المَضاربِ عَضْبٌ | أصلحتهُ القيونُ من عهدِ عادِ |
أبيضٌ أخضرُ الحديدة ِ ممّا | شقّ قدماً مرائرَ الآسادِ |
وقميصي درعٌ كأنّ عُراها | حبكُ النّملِ أو عيونُ الجرادِ |
ونَديمي لَفظي، وفكري أنيسي، | وسروري مائي، وصبريَ زادي |
ودليلي من التوسّمِ في البيـ | ـدِ لِبادي الأعلامِ والأطوادِ |
وإذا ما هدَى الظّلامُ، فكَمْ لي | من نُجومِ السّماءِ في السبل هادي |
ذاكَ أنّي لا تَقبَلُ الضّيمَ نَفسي، | ولو أنّي افترشتُ شوكَ القتادِ |
هذه عادّتي، وقد كُنتُ طِفلاً، | وشَديدٌ عليّ غَيرُ اعتِيادي |
فإذا سرتُ أحسبُ الأرضَ ملكي، | وجَميعَ الأقطارِ طوعَ قِيادي |
وإذا ما أقَمتُ، فالنّاسُ أهلي، | أينَما كنتُ، والبلادُ بلادي |
لا يَفوتُ القُبولُ مَن رُزِقَ العَقـ | ـلَ وحُسنَ الإصدارِ والإيراد |
وإذا صَيّرَ القَناعة دِرْعاً | كانَ أدعى غل بلوغِ المُرادِ |
لَستُ ممّنْ يَدِلُّ مَع عَدَمِ الجَـ | ـدّ بفِعْلِ الآباءِ والأجداد |
ما بَنيتُ العَلياءَ إلاّ بجَديّ، | وركوبي أخطارَها واجتهادي |
وبلَفظي، إذا ما نَطَقتُ، وفَضلي، | وجدالي عن منصبي وجلادي |
غَيرَ أنّي، وإنْ أتَيتُ منَ النّظْـ | ـمِ بلَفْظٍ يُذيبُ قَلبَ الجَماد |
لَستُ كالبحتريّ أفخَرُ بالشّعْـ | ـرِ وأَثني عِطفَيّ في الأبراد |
وإذا ما بَنَيتُ بَيتاً تَبَختَرْ | تُ كأنّي بنيتُ ذاتَ العِمادِ |
إنّما مَفخَري بنفسي، وقَومي، | وقناتي، وصارمي، وجوادي |
معشرٌ أصبحتْ فضائلُهم في الأرْ | ضِ تُتلَى بألسُنِ الحُسادِ |
ألبسوا الآملينَ أثوابَ عزِّ، | وأذلّوا أعناقَ أهلِ العِنادِ |
كم عَنيدٍ أبدى لنا زُخرُفَ القَوْ | لِ وأخفَى في القلبِ قدحَ الزّنادِ |
ورمانا من غدرهِ بسهامٍ، | نَشِبَتْ في القُلُوبِ والأكباد |
فسرينا إليهِ في أجمِ السُّمْـ | ـرِ بغابٍ يسيرُ بالآسادِ |
وأتَينا مِن الخُيولِ بسَيْلٍ | سالَ فوقَ الهِضابِ قبلَ الوِهاد |
وبرزنا منَ الكماة ِ بأطوا | دِ حُلومٍ تَسري على أطواد |
كلّما حاولوا الهوادَة َ منّا | شاهدوا الخيلَ مُشرفاتِ الهَوادي |
وأخذنا حقوقنا بسيوفٍ | غنيتْ بالدّما عنِ الأغمادِ |
فكأنّ السيوفَ عاصِفُ ريحٍ | وهُمُ في هبوبِها قومُ عادِ |
حاولتْ رؤوسهمْ صعوداً فنالتـ | ـهُ ولكنْ من رؤوسِ الصِّعادِ |
فَلَئِنْ فَلّتِ الحَوادِثُ حَدّي | بعدَما أخلصَ الزّمانُ انتقادي |
فلقد نلتُ من مُنى النّفسِ ما رُمْـ | ـتُ وأدركتُ منهُ فوقَ مُرادي |
وتحَقّقتُ انّما العَيشُ أطوا | رٌ كلٌّ مصيرُهُ لنفادِ |