سَلي الرّماحَ العَوالي عن معالينا،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَلي الرّماحَ العَوالي عن معالينا، | واستشهدي البيضَ هل خابَ الرّجا فينا |
وسائلي العُرْبَ والأتراكَ ما فَعَلَتْ | في أرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَّهِ أيدينا |
لمّا سعَينا، فما رقّتْ عزائمُنا | عَمّا نَرومُ، ولا خابَتْ مَساعينا |
يا يومَ وَقعَة ِ زوراءِ العراق، وقَد | دِنّا الأعادي كما كانوا يدينُونا |
بِضُمّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَة ً، | إلاّ لنَغزوُ بها مَن باتَ يَغزُونا |
وفتيَة ٍ إنْ نَقُلْ أصغَوا مَسامعَهمْ، | لقولِنا، أو دعوناهمْ أجابُونا |
قومٌ إذا استخصموا كانوا فراعنة ً، | يوماً، وإن حُكّموا كانوا موازينا |
تَدَرّعوا العَقلَ جِلباباً، فإنْ حمِيتْ | نارُ الوَغَى خِلتَهُمْ فيها مَجانينا |
إذا ادّعَوا جاءتِ الدّنيا مُصَدِّقَة ً، | وإن دَعوا قالتِ الأيّامِ: آمينا |
إنّ الزرازيرَ لمّا قامَ قائمُها، | تَوَهّمَتْ أنّها صارَتْ شَواهينا |
ظنّتْ تأنّي البُزاة ِ الشُّهبِ عن جزَعٍ، | وما دَرَتْ أنّه قد كانَ تَهوينا |
بيادقٌ ظفرتْ أيدي الرِّخاخِ بها، | ولو تَرَكناهُمُ صادوا فَرازينا |
ذلّوا بأسيافِنا طولَ الزّمانِ، فمُذْ | تحكّموا أظهروا أحقادَهم فينا |
لم يغنِهِمْ مالُنا عن نَهبش أنفُسِنا، | كأنّهمْ في أمانٍ من تقاضينا |
أخلوا المَساجدَ من أشياخنا وبَغوا | حتى حَمَلنا، فأخلَينا الدّواوينا |
ثمّ انثنينا، وقد ظلّتْ صوارِمُنا | تَميسُ عُجباً، ويَهتَزُّ القَنا لِينا |
وللدّماءِ على أثوابِنا علَقٌ | بنَشرِهِ عن عَبيرِ المِسكِ يُغنينا |
فيَا لها دعوه في الأرضِ سائرة ٌ | قد أصبحتْ في فمِ الأيامِ تلقينا |
إنّا لَقَوْمٌ أبَتْ أخلاقُنا شَرفاً | أن نبتَدي بالأذى من ليسَ يوذينا |
بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا، | خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا |
لا يَظهَرُ العَجزُ منّا دونَ نَيلِ مُنى ً، | ولو رأينا المَنايا في أمانينا |
ما أعوزتنا فرامينٌ نصولُ بها، | إلاّ جعلنا مواضينا فرامينا |
إذا جرينا إلى سبقِ العُلى طلقاً، | إنْ لم نكُنْ سُبّقاً كُنّا مُصَلّينا |
تدافعُ القدرَ المحتومَ همّتُنا، | عنّا، ونخصمُ صرفَ الدّهرِ لو شينا |
نَغشَى الخُطوبَ بأيدينا، فنَدفَعُها، | وإنْ دهتنا دفعناها بأيدينا |
مُلْكٌ، إذا فُوّقت نَبلُ العَدّو لَنا | رَمَتْ عَزائِمَهُ مَن باتَ يَرمينا |
عَزائِمٌ كالنّجومِ الشُّهبِ ثاقِبَة ٌ | ما زالَ يُحرِقُ منهنّ الشيّاطِينا |
أعطى ، فلا جودُهُ قد كان عن غلَطٍ | منهِ، ولا أجرُهُ قد كان مَمنونا |
كم من عدوِّ لنَا أمسَى بسطوتِهِ، | يُبدي الخُضوعَ لنا خَتلاً وتَسكينا |
كالصِّلّ يظهرُ ليناً عندَ ملمسهِ، | حتى يُصادِفَ في الأعضاءِ تَمكينا |
يطوي لنا الغدرَ في نصحٍ يشيرُ به، | ويمزجُ السمّ في شهدٍ ويسقينا |
وقد نَغُضّ ونُغضي عن قَبائحِه، | ولم يكُنْ عَجَزاً عَنه تَغاضينا |
لكنْ ترَكناه، إذْ بِتنا على ثقَة ٍ، | إنْ الأميرَ يُكافيهِ فيَكفينا |