أحوال
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
غداً أمضي وبعد غد أعودُ | كأني لا أُرادُ ولا أُريد ! |
ويثقل في دروب النور خطوي | وفي هذا الدجى بصري حديد |
وما لي قد حنْيتُ اليوم ظهري | وأزعُمُ أنني رجلٌ شديدُ |
وأزعم أنَّ ملءَ السمع ذكري | وذكري مثل صاحبه بليدُ ! |
وأزعمُ أنني ما زلتُ غضّاً | وفوق الطوْق قد شبّ الحفيد ! ! |
وأمضي كالكفيف إلى مصيري | وأمضي لا أتيه ولا أحيدُ |
وأعجب كيف لا اسطيعُ نُطقاً | وتحتَ لساني الدرُّ النضيدُ ! ! |
عتبتُ عليك يا زمنَ الأفاعي | أتعبثُ في مصائرنا القرود ؟ |
أتحكمنا النذالة والنفايا | وترسمُ ما تشاء وما تُريد ؟ |
عتبتُ عليك كيف تشل ساقي | ويَخفقني بدرِّتك العبيدُ ؟ |
تواريني التراب ولستُ ميتاً | كما واريتني وأنا وليد |
لماذا يا عدوَّ الله تبكي | وقلبُك من فظاظته حديد ؟ ؟ |
ألفناها دموعَ الذل حتى | سئمنا ما نقولُ وما نُعيد |
تجودُ وما علمتُ لديك شيئاً | تجودُ به ، فكيف إذن تَجود ؟ ؟ |
وتعييني الإجابةُ يا صديقي | فبحر الصمت ليس له حدود |
كتبت على جدار الصبر شعري | فلم يبق الجدارُ ولا القصيد ! |
وعبدّتُ الطريق فما مشينا | وبيضتُ الهمومَ وهن سود |
وكم أَرّخْتُ من عطشي فصولاً | لتزهر في أكفكمُ الورودُ ! |
وكم أنذرتكم في الصبح جيشاً | وقلت لكم لقد رجعت يهود ! |
وتزحف هذه الخمسون نحوي | أَوَ عْدٌ يا جُهينةُ أم وَعيدُ ؟ ؟ |
إليكَ إليكَ يا وطني المفدى | وأدري أنه قُطع البريد |
فلا الزيتون في عيني ذاو | ولا عِنب الخليل به صدود |
عشقتكِ يا جبال النار طفلاً | ونارُ العشقَ ليس لها خمودُ |
أمدّ عليك حين الحرّ جفني | ويرعشُ حين أذكرك الوريدُ |
وحاشا أن أخون العهد يوماً | وحاشا أن يساورني الجحود |
أنحيا كالقطيع ولا نبالي | ونزعمُ أنه العيش الرغيد ؟ |
وتنسلخ البلاد بساكنيها | وتُنتهك الحدود فلا حدود |
ونمضغ ذلَّنا والعارُ يمشي | على أكتافنا وله جنودُ |
وكيف ألمُّ يا أبتاه صوتي | ويخرسُ فوق حنجرتي النشيدُ ؟ ؟ |