أمي ..!
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مالي سمعتُ كأنْ لم أسمعِ الخبرا | هل صار قلبيَ في أضلاعه حَجرا ؟ |
مالي جمدتُ فلم تهتزَّ قافيتي | ولا شعرتُ ولا أبصرتُ من شعرا |
كأنَّ كلَّ سواقي الشعر قد أسِنت | من جففَّ الشعرَ من بالشعرِ قد غدرا ؟ |
أنا الذي عزفت أوتارُه نغماً | هزَّ الورى والذُرا والطيرَ والشجرا |
مالي سكتُ فلم أنطقْ بقافية | ولا رأيت بعيني الدمعَ منحدرًا ؟ |
هل جففَّ الرملُ إحساسي وجففّني | فأصبح الشعرُ لا علماً ولا خبرا ؟ |
وهل عجزتُ عن التعبير واأسفي | كأنني لم اصغْ للغادةِ الدُررا ! ؟ |
أمي تموت ويُمناها على كبدي | يا أمُّ رُحماك إنَّ القلبَ قد فُطِرا |
هزّي سريري إني لم أزلْ ولداً | ودّثرينيَ إن الريحَ قد زأرا .. |
وجفّفي عَرَقي فالصيفْ ألهبني | وسلسلي الماءَ كي أقضي به وطرا |
مُدي يَديّكِ كما قد كنت ألثمها | فقد نهضتُ وَوَجْهُ الصبح قد سفرا |
وحّوطيني .. تلك العيُن خائنة | وكم رأيتُ عيوناً تقدح الشررا |
ولوّني أغنياتِ الصيف في شفتي | وقرّبي من وسادي النجم والقمرا |
ما زال صوتك يا أماه يتبعني | يا ربُّ رُدَّ حبيباً أدمنَ السفرا |
يا ربِّ صُنْهُ من الأشرارِ كلهمُ | ورُدَّ عنه الأذى والكيْد والخطرا |
واجبرْ إلهي كسْراً ، حلَّ في ولدي | فأنتَ تجبرُ يا مولاي ما انكسرا |
يا ربِّ جفّت دموع الأمهات هنا | فأنزلنَّ علينا الغيث والمطرا |
كلُّ العصافير عادت من مهاجرها | متى نعودُ إلى أعشاشِنا زُمرا |
وارحم إلهيَ زوْجاً غاص عائلها | في ظلمة السجن لم تبصرْ له أثرا |
وطفلةً كلما قالت زميلتها | أتى أبوك ؟ تشظّى القلبُ وانفجرا |
وارحم إلهي شيخاً دبَّ فوق عصاً | قد كاد من طول ليل يفقد البصرا |
يا من رددتَ إلى يعقوب يوسفَه | لا تتركِ الشيخَ فرْداً لا يُطيق كرى |
يا ربّ ما ذنبُ أحرارٍ إذا وقفوا | مثلَ الجبالتِ وموج الظلم قد سكِرا ؟ ! |
ما زال صوتك يا أماه يجلدُني | إني أسأتُ وجئتُ اليوم معتذرا |
لا والذي خلق الدنيا وصورّها | ما خنتُ عهدك يوماً ، ما قطعت عُرى |
لكنها مِحَنٌ حلت بساحتنا | أودت بفكر الذي قد روّض الفِكرا |
أمي تموت ولم أفزع لرؤيتها | ولا قرأتُ على جثمانها سُورا |
ولا حملتُ على كِتْفي جِنازتها | ولا مشيتُ مع الماشين معتبرا |