كذا فليجلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كذا فليَجلَّ الخطبُ وليَفدحِ الأمرُ | فليسَ لعين لم يفضْ ماؤها عذرُ |
توفيتِ الآمالُ بعدَ محمد | وأصبحَ في شُغْلٍ عنِ السَّفَرِ السَّفْرُ |
وما كانَ إلا مالَ من قلَّ مالهُ | وذخراً لمنْ أمسى وليسَ له ذخرُ |
وما كانَ يدري مجتدي جودِ كفهِ | إذا ما استهلَّتْ أَنَّه خُلِقَ العُسْرُ |
ألا في سبيلِ اللهِ منْ عُطِّلَت لَه | فِجَاجُ سَبِيلِ اللهِ وانثغَرَ الثَّغْرُ |
فَتًى كُلَّما فاضَتْ عُيونُ قَبِيلة ٍ | دماً ضحكتْ عنه الأحاديثُ والذكرُ |
فتًى ماتَ بين الضربِ والطعنِ ميتة ً | تقومُ مقامَ النصرِ إذْ فاتهَ النصرُ |
وما ماتَ حتى ماتَ مَضرِبُ سيفهِ | مِنَ الضَّرْبِ واعْتَلَّتْ عليهِ القَنا السُّمْرُ |
وقد كانَ فَوْتُ المَوْتِ سَهْلاً فردَّهُ | إليه الحِفاظُ المرُّ والخُلُقُ الوَعْرُ |
ونفسٌ تعافُ العارَ حتى كأنَّه | هو الكفرُ يومَ الروعِ أوْ دونَه الكفرُ |
فأثبتَ في مستنقعِ الموتِ رجلَه | وقال لها منْ تحت أخمُصِكِ الحشرُ |
غَدَا غَدْوَة ً والحَمْدُ نَسْجُ رِدائِهِ | فلم ينصرفْ إلا وأكفانُه الأجرُ |
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما دجا | لها الليلُ إلاَّ وهْيَ مِنْ سُنْدُسٍ خَضْرُ |
كأنَّ بَنِي نَبْهَانَ يومَ وَفاتِه | نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِنْ بَيْنها البَدْرُ |
يُعَزَّونَ عن ثاوٍ تُعزى بهِ العلى | ويبكي عليهِ الجودُ والبأسُ والشعرُ |
وأنَّى لهمْ صبرٌ عليه وقد مضى | إلى الموتِ حتى استشهدا هو والصبرُ! |
فتًى كانَ عَذْبَ الرُّوحِ لامِنْ غَضاضَة ٍ | ولكنَّ كبراً أنْ يقالَ به كبرُ! |
فتى سلبتهُ الخيلُ وهوَ حِمًى لها | وبَزَّتْهُ نارُ الحَرْبِ وهْوَ لها جَمْرُ |
وقدْ كانتِ البيضُ المآثيرُ في الوغى | بَواتِرَ فهْيَ الآنَ مِن بَعْدِهِ بُتْرُ |
أمنْ بعدِ طيِّ الحادثاتِ محمداً | يكونُ لأثوابِ الندى أبداً نشرُ ؟! |
إذا شجراتُ العُرفِ جُذَّتْ أصولها | ففي أيِّ فرعٍ يوجدُ الورَقُ النَّضْرُ ؟ |
لَئِنْ أُبغِضَ الدَّهْرُ الخَؤونُ لِفَقْدِهِ | لَعَهْدِي بهِ مِمَّنْ يُحَبُّ له الدَّهْرُ |
لئنْ غدَرَتْ في الروعِ أيامُه بهِ | لَما زَالتِ الأيَّامُ شِيمتُها الغَدْرُ |
لئن ألبستْ فيهِ المصيبة َ طيِّءٌ | لَمَا عُريَتْ منها تَمِيمٌ ولا بَكْرُ |
كذلكَ ما نَنفَكُّ نَفْقدُ هالِكاً | يُشارِكُنا في فَقْدِهِ البَدْوُ والحضْرُ |
سقى الغيثُ غيثاً وارتِ الأرضُ شخصَه | وإنْ لم يكنْ فيهِ سحابٌ ولا قطرُ |
وكيفَ احتمالي للسحابِ صنيعة ً | بإسقائِها قَبْراً وفي لَحدِهِ البَحْرُ ! |
مضى طاهرَ الأثوابِ لم تبقَ روضة ٌ | غداةَ ثوى إلا اشتهتْ أنَّها قبرُ |
ثَوَى في الثَّرَى مَنْ كانَ يَحيا به الثَّرَى | ويغمرُ صرفَ الدهرِ نائلُهُ الغمرُ |
عليك سَلامُ اللهِ وَقْفاً فإنَّني | رَأيتُ الكريمَ الحُرَّ ليسَ له عُمْرُ |