لا أنتِ أنتِ ولا الديارُ ديارُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لا أنتِ أنتِ ولا الديارُ ديارُ | خفَّ الهوى وتولتِ الأوطارُ |
كانَتْ مجاورة ُ الطُّلولِ وأَهلِها | زَمناً عِذابَ الوردِ فهي بِحارُ |
أيَّامَ تُدْمِي عَينَه تِلكَ الدُّمى | فيها وتقمرُ لبهُ الأقمارُ |
إذ لا صَدوفُ ولا كَنودُ اسماهُما | كالمعنيين ولا نوارُ نوارُ |
بيضٌ فَهنَّ إذا رُمِقْنَ سَوافِراً | صورٌ وهنَّ إذا رمقنَ صوارُ |
في حَيثُ يُمتهنُ الحَديثُ لِذي الصبا | وتُحصَّنُ الأسرَار والأَسرارُ |
إذْ في القتادة ِ وهي أبخلُ أيكة ٍ | ثَمرٌ وإذ عُودُ الزَّمانِ نُضارُ |
قَدْ صَرَّحتْ عنْ مَحضها الأخبارُ | واستبشرتْ بفتوحكَ الأمصارُ |
خبرٌ جلا صدأَ القلوبِ ضياؤهُ | إذْ لاحَ أنَّ الصدقَ منهُ نهارُ |
لولا جلادُ أبي سعيدٍ لم يزلْ | للثغرِ صدرٌ ما عليه صدارُ |
قدتَ الجيادَ كأنهنَّ أجادلٌ | بِقرَى دَرولِية ٍ لها أوْكارُ |
حتَّى التَوى منْ نَقعِ قَسطَلها على | حِيطانِ قُسطنطينة َ الإعْصارُ |
أوقدتَ من دُونِ الخليجِ لأهلها | ناراً لهَا خَلفَ الخليجِ شرارُ |
إلا تكنْ حصرتْ فقدْ أضحى لها | منْ خوفِ قارعة ِ الحصارِ حصارُ |
لوْ طاوعتكَ الخيلُ لم تقفلْ بها | والقُفْلُ فيه شَباً ولا مِسمارُ |
لمَّا لَقوكَ تَواكلُوكَ وأعْذَرُوا | هَرباً، فلمْ ينفعهُمُ الإعذارُ |
فهُناكَ ناُر وَغى ً تُشَبُّ وهَاهُنا | جَيشٌ له لَجبٌ وثَمَّ مُغارُ |
خشعوا لصولتكَ التي هي عندهم | كالموتِ يأتي ليسَ فيهِ عارُ |
لما فصلتَ منَ الدروبِ إليهمِ | بعرمرمٍ للأرضِ منهُ خوارُ |
إنْ يبتكرْ ترشدهُ أعلامُ الصوى | أو يسرِ ليلاً فالنجومُ منارُ |
فالحَمَّة ُ البَيْضاءُ مِيعادٌ لَهمْ | والقُفلُ حَتمٌ والخليجُ شِعارُ |
علموا بأنَّ الغزوَ كانَ كمثلهِ | غَزواً وأنَّ الغَزو مِنكَ بَوارُ |
فالمشيُ همسٌ والنداءُ إشارة ٌ | خَوفَ انتِقامِكَ والحَديثُ سِرارُ |
إلا تنل منويلَ أطرافُ القنا | أو تُثنَ عَنهُ البيضُ وهيَ حِرارُ |
فلقدْ تمنى أنَّ كلَّ مدينة ٍ | جَبلٌ أَصمُّ وكلُّ حِصْنٍ غَارُ |
إلا تفرَّ فقدْ أقمتَ وقدْ رأتْ | عَينَاكَ قِدْرَ الحربِ كيف تُفارُ |
في حَيْث تَستَمِعُ الهَريرِ إذا عَلا | وترى عَجاجَ الموتِ حينَ يُثارُ |
فانْظُرْ بِعَيْنِ شَجَاعَة ٍ فَلتعْلَمَنْ | أنَّ المقامَ بحيثُ فرارُ |
لَمَّا أَتتكَ فُلُولُهمْ أَمْدَدَتهُم | بِسَوابِقِ العَبرَاتِ وَهْي غِزَارُ |
وضربتَ أمثالَ الذليلِ وقد ترى | أَنْ غَيْرُ ذَاكَ النَّقْصُ والإمْرَارُ |
الصَّبْرُ أجمَلُ والقَضَاءُ مُسلَّطٌ | فارضوا بهِ والشرُّ فيه خيارُ |
هَيْهَاتَ جاذَبكَ الأعِنَّة َ باسِلٌ | يعطي الأسنة َ كلَّ ما تختارُ |
فمَضَى لَوَ أنَّ النَّارَ دُونَكَ خاضَها | بالسَّيْفِ إلاَّ أنْ تكونَ النَّارُ |
حَتَّى يَؤُوبَ الحَقُّ وهْوَ المُشتَفِي | منكمْ وما للدينِ فيكمْ ثارُ |
للَّهِ دَرُّ أبي سَعِيدٍ إنَّهُ | لِلضَّيْفِ مَحْضٌ لَيْسَ فيهِ سَمَارُ |
لَمَّا حَلَلْت الثَّغْرَ أصبَحَ عالِياً | للرُّومِ مِنْ ذَاكَ الْجِوارِ جُوَارُ |
واستيقنوا إذْ جاشَ بَحرُكَ وارتَقى | ذاكَ الزئيرُ وعزَّ ذاكَ الزارُ |
أنْ لَسْتَ نِعْمَ الجَارُ للسُّنَنِ الأُولَى | إلا إذا ما كنتَ بئسَ الجارُ |
يقظٌ يخافُ المشركونَ شذاتهُ | متواضعٌ يعنو له الجبارُ |
ذللٌ ركائبهُ إذا ما استأخرتْ | أسفارهُ فهمومهُ أسفارُ |
يسري إذا سرتِ الهمومُ كأنهُ | نجمُ الدجى ويغيرُ حينَ يغارُ |
سمقتْ بهِ أعراقه في معشرٍ | قَطْبُ الوَغَى نُصُبٌ لهُمْ ودَوَارُ |
لا يأسفونَ إذا همُ سمنت لهمْ | أحسابهم أنْ تهزلَ الأعمارُ |
مُتَبهمٌ في غَرْسِهِ أنصَارُه | عندَ النزالِ كأنهم أنصارُ |
لُفُظٌ لأخْلاقِ التجارِ وإنَّهُمْ | لغداً بما ادخروا له لتجارُ |
ومُجَربون سَقاهُمُ مِنْ بأْسِهِ | فإذا لُقُوا فكأنَّهُمْ أغْمارُ |
عكفٌ بجذلٍ للطعانِ لقاؤهُ | خَطَرٌ إذا خطَرَ القَنَا الخَطَّارُ |
والبيضُ تعلمُ أنَّ ديناً لم يضعْ | مذ سلهنَّ ولا أضيعُ ذمارُ |
وَإذَا القِسِيُّ العُوجُ طَارَتْ نَبْلُها | سومَ الجرادِ يسيحُ حينَ يطارُ |
ضمنتْ لهُ أعجاسها وتكفلتْ | أَوْتَارُها أنْ تُنْقَضَ الأوْتَارُ |
فدعوا الطريقَ بني الطريقِ لعالمٍ | أنَّى يُقَادُ الجَحْفلُ الجَرَّارُ |
لَوْ أنَّ أَيْدِيكُمْ طِوَالٌ قَصَّرتْ | عنهُ فكيفَ تكونُ وهيَ قصارٌ |
هو كَوكَبُ الإسْلامِ أَيَّة َ ظُلْمَة ٍ | يخرقْ فمخُّ الكفرِ فيها رارُ |
غادرتَ أرضهمُ بخيلكَ في الوغى | وكأنَّ أمنعها لها مضمارُ |
وأقمتَ فيها وادعاً متمهلاً | حتى ظننا أنها لكَ دارُ |
بالمُلْكِ عَنْكَ رِضاً وجابِرُ عظْمِهِ | أرض وبالدنيا عليكَ قرارُ |
وأَرَى الرياضَ حَوامِلاً ومَطَافِلاً | مُذْ كنتَ فيها والسَّحابُ عِشَارُ |
أيَّامُنا مَصْقُولَة ٌ أَطرَافُهَا | بكَ واللَّيالي كُلُّها أَسْحَارُ |
تندى عفاتكَ للعفاة ِ وتغتدي | رُفَقاً إلى زُوَّارِكَ الزُّوَّارُ |
هِمَمِي مُعَلَّقَة ٌ عليكَ رِقابُها | مغلولة ٌ إنَّ الوفاءَ إسارُ |
وَمَوَدَّتي لك لا تُعارُ بَلى إذا | ما كانَ تامورُ الفؤادِ يعارُ |
والناسُ غيركَ ما تغيرُ حبوتي | لفِراقِهِمْ هَلْ أَنْجَدُوا أو غَارُوا |
ولذاكَ شعري فيكَ قد سمعوا بهِ | سحرٌ وأشعاري لهمُ أشعارٌ |
فاسْلَمْ ولا ينفَكُّ يَحظُوكَ الرَّدَى | فينا وتسقطُ دونكَ الأقدارُ |