إنَّ عهداً لو تعلمانِ ذميما
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إنَّ عهداً لو تعلمانِ ذميما | أَنْ تَنَامَا عَنْ لَيْلَتِي أو تُنِيمَا |
كنتُ أرعى البُدُورَ حتَّى إذَا ما | فارَقُوني أمسَيْتُ أرعَى النُّجُومَا |
قَدْ مَرَرْنا بالدَّارِ وهْيَ خَلاءٌ | وبكينا طلولها والرسوما |
وسألنا ربوعَها فانصرفْنا | بسَقَامٍ وما سَأَلْنا حَكيمَا |
أصبَحَتْ رَوْضَة ُ الشبَابِ هَشِيماً | وغدتْ ريحُهُ البليلُ سمومَا |
شعلة ٌ في المفارقِ استودعتني | في صَمِيمِ الفُؤَادِ ثُكْلاً صَمِيما |
تستثيرُ الهمومُ ما اكتنَّ منها | صعداً وهي تستثيرُ الهموما |
غرُّة ٌ بُهمة ٌ ألا إنَّما كنْـ | تُ أَغَرًّا أَيَّامَ كنتُ بهيمَا |
دِقَّة ٌ في الحَياة ِ تُدْعَى جَلاَلاً | مثلما سميَ اللديغُ سليما |
حَلَّمَتْنِي زعَمتُمُ وأَرَانِي | قبلَ هذا التحليمِ كنتُ حليما |
من رأى بارقاً سرى صامتياً | جادَ نجداً سهولَها والحزُومَا؟ |
يُوسُفِيّاً مُحَمَّدِيّاً حَفِيّاً | بذليلِ الثرى رؤوفاً رحيما |
فسقى طيئاً وكلْباً ودودا | نَ وقيْساً ووائِلاً وتَمِيما |
لنْ يَنَالَ العُلَى خُصُوصاً مِنَ الفِتْ | يَانِ مَنْ لم يَكُنْ نَدَاهُ عُمُومَا |
نشأتْ من يمينه نفخاتٌ | ماعليها أَلاَّ تكونَ عُيُومَا |
ألبستْ نجداً الصنائعَ لا شيـ | ـحاً ولا جنبة ً ولا قيصومَا |
كَرُمَتْ رَاحَتَاهُ في أَزَمَاتٍ | كانَ صَوْبُ الغَمَامِ فيها لَئيما |
لا رُزِيْنَاهُ ما أَلذَّ إذا هُزَّ | وأندى كفاً وأكرمَ خيما! |
وَجَّهَ العِيسَ وهْيَ عِيسٌ إلى الله | فآلتْ مِثْلَ القِسِي حَطِيما |
وأحقُّ الأقوامِ أن يقضي الديـ | ـنَ امرؤٌ كان للإلهِ غريمَا |
في طريقٍ قد كانَ قبلُ شراكاً | ثم لمَّا علاهُ صارَ أديما |
لمْ يحدِّثْ نفساً بمكة َ حتى | جازتِ الكهفَ خيلهُ والرقيما |
حَرَمُ الدينِ زَارَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ | يُبْقِ للكُفْرِ والضَّلاَلِ حَريمَا |
حِينَ عَفَّى مَقَامَ إِبليسَ سَامَى | بالمَطَايَا مَقَامَ إبراهيما |
حَطَمَ الشرْكَ حَطْمَة ً ذَكَّرَتْهُ | في دُجَى الليل زَمْزَماً والْحَطيمَا |
فاضَ فَيْضَ الآتي حتَّى غدَا المَوْ | سمُ من فضلِ سيبهِ موسوما |
قد بلونا أبا سعيدٍ حديثاً | وبَلْونا أَبَا سعيدٍ قَديما |
ووَرَدْناهُ سَاحِلاً وَقَلِيباً | ورَعَيْنَاهُ بارضاً وجَميما |
فَعَلِمْنا أَنْ لَيْسَ إِلاَّ بِشِق النَّـ | ـفس صار الكريمُ يدعى كريما |
طلبُ المجدِ يورثُ المرءَ خبلاً | وهُمُوماً تُقَضْقِضُ الحَيْزُومَا |
فتَرَاهُ وهْوَ الْخَلِيُّ شَجيّاً | وتراهُ وهوَ الصحيحُ سقيما |
تجدُ المجدَ في البرية منثو | راً وتَلْقَاهُ عِنْدَهُ مَنْظُومَا |
تيمته العلى فليسَ يعُدُّ الـ | بُؤْسَ بُؤْساً ولا النَّعِيمَ نَعِيمَا |
وتؤامُ الندى يري الكرمَ الفا | ردَ في أكثر المواطنِ لومَا |
كُلَّما زُرْتُهُ وجَدْتُ لَدَيْهِ | نَسَباً ظاعِناً ومجْداً مُقيما |
أجدرُ الناس أن يُرى وهو مغبو | نٌ وهيهاتَ أن يُرى مظلوما |
كلُّ حالٍ تَلْقَاهُ فيها ولكنْ | ليس يُلقى في حالة ٍ مذمُوما |
وإذا كانَ عارضُ الموتِ سحاً | خَضِلاً بالرَّدَى أجَشَّ هَزِيمَا |
في ضِرَامٍ مِنَ الوَغَى واشتِعَالٍ | تحسبُ الجوَّ منهما مهموما |
واكتَسَتْ ضَمّرُ الجَيادِ المَذَاكي | من لباسِ الهيجا دماً وحميما |
في مَكَرٍّ تَلُوكُها الحَرْبُ فيهِ | وهْيَ مُقْوَرَّة ٌ تَلُوكُ الشَّكيمَا |
قمتَ فيها بحجة اللهِ لمَّا | أنْ جعلتَ السيوفَ عنكَ خصوما |
فتحَ الله في اللواء لكَ الخا | فقِ يومَ الاثنين فتحاً عظيما |
حوَّمَتْه ريحُ الجَنُوبِ ولَنْ يُحْـ | ـمدَ صيدُ الشاهين حتى يحوما |
في غَدَاة ٍ مَهْضَوبَة ٍ كان فيها | ناضِرُ الرَّوضِ للسَّحَاب نَدِيمَا |
لُينَتْ مُزْنُها فكانتْ رهاماً | وسجتْ ريحُها فكانت نسيما |
نعمة ُ اللهِ فيكَ لا أسألُ اللـ | هَ إليْهَا نُعْمَى سِوَى أنْ تَدُومَا |
ولو أني فعلتُ كنتُ كمنْ يسـ | ـألهُ وهو قائمٌ أن يقومَا |