ألا حَيِّ من أهلِ المَحبّة ِ مَنزِلا،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا حَيِّ من أهلِ المَحبّة ِ مَنزِلا، | تَبَدّلَ من أيامِهِ ما تَبَدّلا |
أبنْ لي ، سقاكَ الغيثث حتى تمله ، | عن الآنِسِ المَفقودِ أينَ تحَمّلا |
كأنّ التّصابي كانَ تَعريسَ نازِلٍ | ثوَى ساعة ً من لَيلة ِ وتَرَحّلا |
وماءٍ كأُفقِ الصّبحِ صافٍ جِمامُه | دفَعتُ القَطا عنهُ وخفّفتُ كَلكَلا |
إذا استجفلته الريحُ جالتْ قذاته | و جردَ من أغمادهِ فتسلسلا |
زجرتُ بهِ سياحَ قفرٍ كأنهُ | يخافُ لجاقاً ، أو يبادرُ آفلا |
وبيداءَ مِمحالٍ أطارَ بها القَطا، | كما قذَفتْ أيدي المُرامينَ جَندَلا |
كأنّي على حَقباءَ تَتلُو لَواحقاً، | غَدونَ بإمساءٍ يُطالبنَ مِنهَلا |
يُسَوِّقُها طاوٍ أقَبُّ كأنّما | يحركُ في حيزومه النهقُ جلجلا |
أُتيحَ له لَهفانُ يَخطِرُ قَوسُه | بأصغَرَ حنّانِ القَرا غير أعزَلا |
فأودعهُ سهماً كمدرى مواشطٍ ، | بعثنَ به في مفرقٍ ، فتغلغلا |
بطيئاً إذا أسرعتَ إطلاقَ فوقهِ ، | و لكنْ إذا أبطأتَ في الريحِ عجلا |
أذلِكَ أمْ فَردٌ بقَفرٍ أجادَهُ | من الغَيثِ أيكٌ فَرعُهُ قد تَهَلّلا |
لدى ليلة ٍ خوارة ِ المزنِ ، كلما | تَنَفّسَ في أرجائِها البرقُ أسبَلا |
كأنّ عَليها، من سَقيطِ قُطارِها، | جُماناً وهَتْ أسلاكُهُ فتَفَصّلا |
فباتَ بلَيلِ العاشقينَ مُسَهَّداً، | إلى أن أرى صبحاً أغرَّ محجلا |
فنَفّضَ عن سِربالِهِ لؤلؤَ النّدى ، | و آيسَ ذعراً قلبهُ ، فتأملا |
إذا هَزّ قَرنَيهِ حَسِبتَ أساوِداً | سمَتْ في معَاليهِ لتَحتَلّ مَقتَلا |
كأنّ عروقَ الدّوحِ من تحتِه الثرى | قوى من حبالٍ أعجلتْ أن تفتلا |
وداعٍ دعا ، والليلُ بيني وبينهُ ، | فكنتُ مكانَ الظّنّ منهُ وأفضَلا |
دعا ماجداً لا يعلمُ الشحَّ قلبهُ ، | إذا ما عَراهُ الحَقُّ يوماً تَهَلّلا |
وأعدَدتُ للحَربِ العَوانِ مُهَنّداً، | و أسمرَ خطياً ، إذا هزّ أرفلا |
و جيشاً كركنِ الطودِ رحباص طريقه ، | إذا ما علا حَزناً من الأرضِ أسهَلا |
و جروا إلينا الحربَ حتى إذا غلتْ | و فارتْ رأوا صبراً على الحربِ أفضلا |
و عاذوا عياذاً بالفرارِ ، وقبلهُ | أضاعوا بدارِ السّلمِ حِرزاً ومَعقِلا |
بَني عَمّنا أيقَظتُمُ الشرَّ بَينَنَا، | فكانتْ إليكم عدوة َ الشرّ أعجلا |
فصبراً على ما قد جررتم ، | فتَحتم لَنا باباً من الشرّ مُقفَلا |
و ما كنتُ أخشى أن تكونَ سيوفنا | تُردّ عَلينا بأسَها وتُقَتِّلا |
ولما أسَنّوا الضِّغنَ تحتَ صُدورِهم | حسمناهث عنا قبلَ أن يتكهلا |