و مما شجاني بارقٌ لاحَ موهناً ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
و مما شجاني بارقٌ لاحَ موهناً ، | فأكفا إناءَ الدمعِ واستلبَ الغمضا |
كأنّ المُلاءَ البِيضَ في يَدِ ناشرٍ، | على الأُفُقِ الغَربيّ يَنفُضُها نَفضَا |
رنوتُ إليهِ من بعيدٍ بنظرة ٍ | رسولِ قلبٍ لم يطقْ نحوهُ غمضا |
له عارضٌ كالجيشِ تفري سواده | عناجيجُ شهبٍ خرقتْ متنهُ ركضا |
فبِتُّ ولي خَصمٌ من الشّوقِ غالبٌ، | إذا ما دعَا دَمعي تحَدّرَ وارفَضّا |
وأهدَتهُ دَعوائي بنَجدٍ وأهلِها، | فيَا أهلَ نجدٍ هل تُجازُونَني قِرضَا |
ألا نكرت شرٌّ شجوني ، وراعها | نحولٌ أرقَّ العظمَ واستلبَ الغمضا |
و شيبٌ تعرى في الشبابِ ، كأنهُ | سراجُ صباحٍ شقّ في الليلِ مبيضا |
منعمة ٌ محمودة ُ الحسنِ غادة ٌ ، | تكسرُ في أجفانها مرضاً ، خفضا |
إذا ما مَشَتْ هَزّتْ قَضيباً على نقَاً، | كهَزّ نَسيمِ الغُصنِ رَيحانَهُ غَضّا |
سلتْ نافلاتِ الحبّ ممن علمتهُ ، | فكيفَ بمشغوفٍ يرى حبها فرضا |
أرى كلَّ يومٍ في ظَلامِ مَفارِقي، | شِهابَ مَشيبٍ باقِي الأثرِ مُنقَضّا |
و كانتْ يدُ الأيامِ تقبلُ بزتي ، | فصارتْ يدُ الأيامِ تنفضني نفضا |
وقارَعَني مُلكُ الشّبابِ فأصبَحتْ | عيونُ المها الإنسيّ تنفضني نفضا |
رَدّ عليّ الدّهرُ حَدَّ سِلاحِهِ، | فقَطّعني جَرحاً، وأوجَعَني عَضّا |
و خلفتُ ماءَ العيشِ ، صفو غديرهِ ، | و بدلتُ من سلسالهِ نمراً برضا |
رويدكَ إنّ الدهرَ ما قد علمتهُ ، | ولَيسَ لنا من حُكمهِ كلُّ ما نَرضَى |
ولا بُدّ أن يُصغي إلى البؤسِ جانبُ الـ | ـنّعيمِ، ويَقضي مَنعُهُ ثمّ لا يُقضَى |
أرى الدّهرَ يَقضي كيفَ شاءَ محكَّماً، | و لا يملكُ الإنسانُ بسطاً ولا قبضا |
وإن تَجهَليني بَعدَ عِلمٍ، فإنّني | عرضتُ على الأحداثِ بعدكمُ عرضا |
وفَقدُ أُناسٍ لا أخافُ عيونَهم، | قرونيَ من أخلافهم حلباً مخضا |
أُرَقّي زَفيري في التّراقي عَليهمُ، | إذا لاعجُ الأحزانِ أوجَعني مَضّا |
وصَلتُ جنَاحَ الُودّ بَعدَ فراقهِمْ، | بريشِ ذنابى بعضها يخذلُ البعضا |
فعُلقَة ُ قلبي كيفَ تَلحَقُ لَهوَهُ، | وأسفارُ أحزاني تُخَلّفُهُ مُنضَى |
ألا زودي يا ربة َ الخدرِ راجلاً ، | تَتَبّعَ أرضاً قد دَعَتْ شخصَهُ أرضَا |
و كيف ثوائي بينَ قومٍ كأنما | تَرُضُّ تحيّاتي وُجوهَهُمُ رَضّا |
سرتْ عقربُ الشحناءِ والبغضِ بيننا ، | و لا يملكُ الناسُ المحبة َ والبغضا |
ألا رُبّ حِلمٍ عادَ رِقّاً وذِلّة ً، | و جهلٍ به معطيك ذو الجهلِ ما ترضى |