لقد صاحَ بالبينِ الحمامُ النوائحُ ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لقد صاحَ بالبينِ الحمامُ النوائحُ ، | وهاجت لك الشوقَ الحُمولُ الرّوائحُ |
حلَلنا الحِمى حتى انمحَت نَبهة ُ النّدى ، | و سارت بأخبارِ المصيف البوارحُ |
رمَتني بلحظٍ فعلُه الموتُ، واصلٍ | إلى النّفسِ لا تنأى عليه المطارحُ |
كلحظة ِ بازٍ صائدٍ، قبلَ كفّهِ، | بمقلتهِ ، والطيرُ عنه بوارحُ |
لنا وَفْرَة ٌ ما وفّرَتها دماؤنا، | ولا ذَعَرَتها في الصّباحِ الصّوابِحُ |
تقسّمهنّ الحربُ إلاّ بَقِيّة ً، | تردُّ علينا حينَ تُخشَى الجوائحُ |
إذا غَدرت ألبانُها بضيوفنا، | وَفَتْ للقِرى جيرانُها والصّفايحُ |
و قيدها بالنصلِ خرقٌ ، كأنه | إذ جدّ ، لولا ما جنى السيفُ ، مازحُ |
كأنَّ أكفّ القومِ، في جَنَباتِه، | قطاً لم ينفرهُ عنِ الماءِ سارحُ |
و قدمَ للأضيافِ فوهاءَ لم تزل | تُجاهِرُ غَيظاً كلّما راحَ رائحُ |
كأنّ بناتِ الغَلْيِ في حَجَراتِها | إذا ما انجلتْ أفلاءُ خيلٍ روائحُ |
وكم حضرَ الهيْجاءَ في ناصحِ الشّظا | تكامل في أسنانه ، فهو قارحُ |
له عُنُقٌ يغتالُ طولَ عِنانِه، | و صدرٌ ، إذا أعطيته الجريَ ، سابحُ |
إذا مالَ في أعطافِهِ قلتَ شاربٌ | عناهُ بتصريفِ المدامة ِ صابحْ |
أبى الموتُ أن تُخشى شُرَيرَة ُ حلَّه، | لعلّ الّذي تَخشَى شُرَيرَة ُ صالح |
فإن متُّ، فانعيني إلى المجدِ والتّقى ، | و لا تسكبي دمعاً ، إذا قام نائحُ |
وقولي: هوَى عرشُ المكارِمِ والعُلى ، | و عطلَ ميزانٌ منَ العلم راجحُ |
فما يخلقُ الثوبَ الجديدَ ابتذاله ، | كما يخلقُ المرءَ العيونَ اللوامح |