لمن دارٌ، ورَبْعٌ قد تعفّى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لمن دارٌ، ورَبْعٌ قد تعفّى | بنهرِ الكرخِ مهجورُ النواحي |
إذا ما القطرُ حلاهُ تلاقتْ | على اطلاله هوجُ الرياحِ |
محاهُ كلُّ هطالٍ ملحًّ ، | بوبلٍ مثلِ أفواهِ اللقاحِ |
فباتَ بليلِ باكية ٍ ثكولٍ، | ضريرَ النجمِ ، متهمَ الصباحِ |
وأسفرَ بعدَ ذلكَ عن سماءٍ، | كأنّ نجومها حدقُ الملاحِ |
سقَى أرضاً تَحِلُّ بها سُلَيمى ، | و لا سقى العواذلَ واللواحي |
مُهفهَفَة ٌ لها نَظَرٌ مَريضٌ، | و أحشاءٌ تضيعُ من الوشاحِ |
وفِتيانٍ كهمّكَ من أُناسٍ، | خِفافٍ في الهُدُوّ وفي الرّواحِ |
بَعثتهمُ على سفَرٍ مَهيبٍ، | فما ضربوا عليهم بالقداحِ |
ولكن قَرّبوا قُلُصاً حِثاثاً، | عواصِفَ، قد حُنينَ مِنَ المِراحِ |
و كلُّ مروعِ الحركاتِ ناجٍ ، | بأربعة ٍ تَطيرُ بهِ نِصاحِ |
كأنا عندَ نهضتهِ رفعنا | خِباءً فوقَ أطرافِ الرّماحِ |
وقادوا كلَّ سَلهَبَة ٍ سَبوحٍ، | كأنّ أديمها شرقٌ براحِ |
تخلِّفُ في وجوهِ الأرْض رَسماً، | كأُفحوصِ القَطا أو كالأداحي |
فكابَدْنا السُّرى ، حتى رأينا | غرابَ الليلِ مقصوصَ الجناحِ |
وقد لاحَتْ لساريها الثّريّا، | كأنّ نجومها نورُ الأقاحِ |
وأعداءٍ دلَفتُ لهم بجَمْعٍ | سريعِ الخطوِ في يومِ الصّياحِ |
و كنا معشراً خلقوا كراماً ، | نرى بذلَ النفوس من السماحِ |
دعونا ظالمينَ ، فما ثكلنا ، | وجِئنا، فاقترَعنا بالصّفاحِ |
وغاديناهُمُ بالخَيل شُعثاً، | نثيرُ النقعَ بالبلدِ المراح |
و بيضٍ تأكلُ الأعمارَ أكلاً ، | و تسقي الجانبينِ من الجماحِ |
وفُرسانٍ يَرونَ القتلَ غُنماً، | فما لهمُ لدَيه من بَراحِ |
رأونا آخذينَ بكلِّ فجٍّ، | بمُشعَلَة ٍ تَوقَّدُ بالرّماحِ |
فعادوا بالغرارة ِ أسلَمَتهُم | جرائرُهم إلى الحَين المُتاحِ |
قرينا بغيهم طعناً وجيعاً ، | وضرباً مثلَ أفواهِ اللقاحِ |
نهني الرحلَ بالخيل المذاكي ، | وعُزّابَ الفرائسِ بالنّكاحِ |
وى خى النارَ والنيرانَ موتى | مُشهَّرَة ٌ، تُبشِّرُ بالنّجَاحِ |
ولا أخشَى ، إذا أعطيتُ جُهدي، | و أحذرُ أن أكونَ من اشحاحِ |
وأفرَدَني من الإخوانِ عِلمي | بهم ، فبقيتُ مهجورَ النواحي |
عمرتُ منازلي منهم زماناً ، | فما أدنى الفسادَ من الصلاحِ |
إذا ما قلّ مالي قلّ مدحي ، | وإن أثرَيتُ عادوا في امتداحي |
و كم ذمَ لهم في جنبِ مدحٍ ، | وجِدٍّ بينَ أثناءِ المُزاحِ |