أمكنتُ عاذلتي من صمتِ أباءِ ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أمكنتُ عاذلتي من صمتِ أباءِ ، | ما زادَهُ النّهيُ شيئاً غيرَ إغراءِ |
أينَ التورعُ من قلبٍ يهيمُ إلى | حاناتِ لَهوٍ غَدا بالعُود والنّاءِ |
و صوتِ فتانة ِ التغريدِ ، ناظرة ٍ | بعينِ ظَبْيٍ تُريدُ النّومَ، حوراءِ |
جرتْ ذيولَ الثيابِ البيض حينَ مشتْ ، | كالشّمس مُسبِلَة ً أذيالَ لألاءِ |
و قرعِ ناقوسِ ذيريٍ على شرفٍ | مُسبِّحٍ في سَوادِ اللّيلِ دَعّاءِ |
وكأسِ حَبريّة ٍ شكّتْ بِمبزَلِها | أحشاءَ مُشعَلَة ٍ بالقارِ جَوْفاءِ |
ترفو الظلالَ بأغصانٍ مهدلة ٍ | سودِ العناقيدِ في خضراءَ لفاءِ |
أجرى الفراتُ إليها من سلاسلهِ | نهراً تمشّى على جرعاءَ مَيثاءِ |
وطافَ يَكلأها من كلّ قاطفَة ٍ، | راعٍ بعينٍ وقلبٌ غيرُ نساءِ |
موكلٌ بالمساحي في جداولها ، | حتى يدلّ عليها حية َ الماءِ |
فآبَ في أبَ يجنيها لعاصرها ، | كأنّ كفيه قد علت بحناءِ |
فَظَلّ يرْكُضُ فيها كلّ ذي أشَرٍ، | قاسٍ عَلى كبِدِ العُنقودِ وَطَّاءِ |
ثمّ استقرتْ وعينُ الشمسِ تلحظها ، | في بطنِ مختومة ٍ بالطينِ كلفاءِ |
حتى إذا بردَ الليلُ البهيمُ لها | وبلّها سحراً منه بأنْداءِ |
صَبّ الخريفُ عليها ماءَ غادية ٍ | أقامها فوقَ طينٍ بعدَ رمضاءِ |
يَسقِيكَها خَنِثُ الألحاظِ ذو هَيَفٍ، | كأنّ ألحاظَهُ أفرَقنَ من داءِ |
سَبيكة ٍ من بناتِ التّبرِ صَفراءِ | |
يا صاحِ إن كنتَ لم تعلم، فقد طُرِحَت | شرارة ُ الحبّ في قلبي وأحشائي |
أما تَرَى البَدْرَ قد قامَ المُحاقَ به | من بعدِ إشراقِ أنوارٍ وأضواءِ |
و قد عست شعراتٌ في عوارضهِ ، | تُزْري عَلى عارِضَيْهِ أيَّ إزْراءِ |
أعيَتْ مناقشة ً إلاّ عَلى ألمٍ، | وكلَّ يوم يُغاديها بإخفاءِ |
فانظُرْ زَبْرجدَ خدٍّ صارَ من سَبَجٍ، | و صبّ دمعاً عليه كلُّ بكاءِ |
يا ليتَ إبليسَ خلاّني لنُدبتِه، | و لم يصوبْ لألحاظي بأشياءِ |
ما لي رَأيتُ فِلاح النّاسِ قد كثُروا، | و لم يقدرْ بهم إبليسُ إغوائي |
فكيفَ أُفلِحُ مع هذا وذاك وذا، | أم كيفَ يثبتُ لي في توبة ٍ رائي |