هَهُنا في خمائل الغابِ، تَحْت الزَّا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هَهُنا في خمائل الغابِ، تَحْت الزَّا | ن والسِّنديانِ، والزْيتونِ |
أنتِ أْشهى منَ الحياة ِ وأبْهى | من جمالِ الطَّبيعة ِ الميمونِ |
ما أرقَّ الشّبابَ، في جسمكِ الغضِّ | وفي جيدكِ البَديعِ، الثَّمينِ! |
وأدقّ الجمالَ في طرفِك السَّاهي، | وفي ثغرِكِ الجميلِ، الحَزين! |
وألذَّ الحياة َ حينَ تغنّيـ | ـن فَأُصْغِي لصوتِكِ المحزُونِ |
وأرى رُوحَكِ الجميلة َ عِطْراً | ضايعاً في حلاوة التَّلحينِ! |
قَدْ تَغَنَّيْتِ منذُ حينِ بصوتٍ | ناعمٍ، حالمٍ، شجيٍّ حنونِ |
نَغَماً كالحَياة ِ عذباً عميقاً | في حنانٍ، ورقة ٍ وحنينِ |
فإذا الكون قطعة ٌ من نشيد | علويِّ، منغّمٍ موزونِ |
فَلِمَنْ كنتِ تُنشدين؟ فقالتْ: | «للضياءِ البَنفسجيِّ الحزينِ» |
«للضّباب المورّد، المتلاشي | كخيالات حالمٍ، مفتونِ |
«للمساءِ المطلِّ لشَّفَق السّا | لسحْر الأسى ، وسحْر السكونِ |
للعبير الذي يرفرف في الأفقِ | ويفنى ، مثلَ المنى ، في سكونِ» |
للأَغاني التي يُردِّدُها الرّا | عي بمزماره الصّغيرِ، الأمينِ |
وبنى اللَّيلُ والرّبيعُ حواليـ | نا حَيَاة َ الهوى ، وروحَ الحنينِ |
ويوشِّي الوجودَ بالسحر، والأحلام | والزهر، والشَّذى ، واللُّحونِ |
للحياة ِ التي تغنّي حوالَيَّ، | على السَّهْلِ، والرُّبى والحُزُونِ |
للينابيعِ، للعصافير، للظلّ | لهذا الثّرى ، لتلكَ الغصونِ |
«للنَّسيمِ الذي يضمِّخُ أحلا | مي بعطر الأقاح والليمونِ |
«للجَمال الذي يفيضُ على | لأشواق قلبيَ المَشحونِ |
للزّمان الذي يوشِّح أيّامي | بِضَوءِ المنى وظلِّ الشُّجونِ |
للشباب السكران، للأملِ المعبودِ، | لليأسِ، للأسى ، للمُنونِ |
فَتَنهَّدْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: «وقلبي | مَنْ يغنّيه؟ مَنْ يُبيد شُجوني؟ |
قالت:الحُبُّ ثم غنّتْ لقلبي | قُبَلاً عبقرية َ التلحينِ |
قبلاً، علَّمتْ فؤادي الأغاني، | وأنارتْ لهُ ظَلامَ السنينِ |
قبلاً، تَرقصُ السعادة ُ والحبُّ | على لحنِها العَميقِ الرّصينِ |
..وأفقنا، فقلتُ كالحالم المسحور: | قولي، تَكَلَّمي، خَبِّريني |
أيُّ دنيا مسحورة ، أي رؤيا | طالَعَتْني في ضوء هذي العُيونِ:» |
زمرٌ من ملائكِ الملأِ الأعلى | يغنّون في حُنُوِّ حَنونِ |
«وصبايا رواقصٌ، يتراشقْ | بزهر التُّفاحِ واليَاسمينِ |
في فضاءٍ، مُوَرَّدٍ، حالمٍ سا | هٍ أطافتْ به عذارى الفُنونِ» |
«وجحيمٍ تَؤُجُّ تَحْتَ فرادِيـ | كأحلامِ شاعرٍ مَجنونِ؟ |
«أيُّ خمرٍ مؤجَّجٍ ولهيبٍ | مُسكرٍ؟ أيّ نشوة ، وجنونِ؟ |
أي خمرٍ رشفتُ، بل أيّ نارٍ | في شفاهٍ، بديعة ِ التَّكْوينِ» |
«واسمعي الغابَ، | فهو قيتارة ُ الكون....... |
أي إثمٍ مقدَّسٍ، قد لبسنا | بُرْدَهُ في مسائنا الميمونِ؟» |
فبَدَا طيفُ بسمة ٍ، ساحرٌ عذبٌ، | على ثَغرِها، قويُّ الفتونِ......... |
وأجابتْ- وكلّها فتنة ٌ تُغوي، | وتُغري بالحبِّ، بلْ بالجنونِ ـ: |
كلُّ زهرِ يَضُوعُ منه أريجٌ | من بخُورِ الرّبيعِ، جَمُّ الفُتونِ |
ونجومُ السماء فيه شموعٌ | أَوْقَدَتْها للحُبِّ رُوحُ القرونِ |
طهَّري يا شقيقة َ الروحِ ثَغْري | بلهيبِ الحياة ِ، بَلْ قبِّليني» |
«قبِّليني، وَأَسْكِري ثغريَ الصَّا | مت وقلبي، وفِتنتي، وجنوني |
علَّني أستطيعُ أَنْ أتغنّى | لجمال الدّجى بوَحي العُيونِ |
«آه ما أجملَ الظَّلامَ! وأقوى | وحيه في فُؤادي المَفْتونِ! |
أنظري الليلَ فهو في حلّة ظ | ـلام يمشي على الذُّرى والحُزُونِ» |
واسمعي الغاب،فهو قيثارة ُ الكونِ | نِ تغنّي لحبنا الميمونِ» |
إن سِحْرَ الضَّباب، واللّيلِ، والغَا | بِ، بعيدُ المدى ، قويُّ الفُتونِ |
وجمالُ الظّلام يعبقُ بالأحلامِ | والحبّ... فابسمي، والثمينِ... |
آه: ما أعذَبَ الغرامَ! وأحلى | رَنَّة َ اللَثمِ في خشوع السَكونِ! |
.. وَسَكِرْنا هناك.. في عالم الأحـ | بة تحتَ السَّماء، تحتَ الغُصونِ... |
وتوارى الوجودُ عنّا بما فيـ | وغبْنا في عالَم مَفْتونِ... |
ونسينا الحياة ، والموتَ، والسُّكو | ن وما فيه مِنْ مُنّة ومَنونِ |