أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟ | ويخبو توهُّجُ تلكَ الخدودْ |
وتذوي وُرَيْداتُ تلك الشِّفاهِ؟ | وتهوِي إلى التُّرْبِ تلكَ النُّهودْ؟ |
وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ | وينحلُّ صَدْرٌ، بديعٌ، وَجِيدْ |
وتربدُّ تلكَ الوحوهُ الصًّباحُ | وكلٌّ ـ إذا ما سألنا الحياة ـ |
ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ | أنيقُ الغدائر، جعدٌ، مديدْ |
ويُصبحُ في ظُلُماتِ القبورِ | هباءً، حقيراً، وتُرْباً، زهيدْ |
وينجابُ سِحْرُ الغَرامِ القويِّ | وسُكرُ الشَّبابِ، الغريرِ، السّعيدْ |
أتُطوَى سماواتُ هذا الوجودِ؟ | ويذهبُ هذا الفَضاءُ البعيدْ؟ |
وتَهلِكُ تلكَ النُّجومُ القُدامى ؟ | ويهرمُ هذا الزّمانُ العَهيدْ؟ |
ويقضِي صَباحُ الحياة ِ البديعُ؟ | وليلُ الوجودِ، الرّهيبُ، العَتيدْ؟ |
وشمسٌ توشِّي رداءَ الغمامِ؟ | وبدرٌ يضيءُ، وغَيمٌ يجودْ؟ |
وضوءٌ، يُرَصِّع موجَ الغديرِ؟ | وسِحْرٌ، يطرِّزُ تلكَ البُرودْ؟ |
جليلاً، رهيباً، غريباً، وَحيدْ | يضجُّ، ويدوي دويَّ الرّعودْ؟ |
وريحٌ، تمرُّ مرورَ المَلاكِ، | وتخطو إلى الغاب خَطَوَ الوليدْ؟ |
وعاصفة ٌ من بناتِ الجحيم، | كأنَّ صداها زئير الأسودْ |
تَعجُّ، فَتَدْوِي حنايا الجبال | وتمشي، فتهوي صُخورُ النُّجودْ؟ |
وطيرٌ، تغنِّي خِلالَ الغُصونِ، | وتهتف ُللفجر بين الورود؟ |
وزهرٌ، ينمِّقُ تلك التلال | وَيَنْهَل من كلِّ ضَوءٍ جَدِيدْ؟ |
ويعبَقُ منه أريجُ الغَرامِ | ونفحُ الشباب، الحَييّ، السعيد |
أيسطو على الكُلِّ ليلُ الفَناءِ | ليلهُو بها الموتُ خَلْفَ الوجودْ.. |
وَيَنْثُرَهَا في الفراغِ المُخِيفِ | كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شَرود |
فينضبُ يمُّ الحياة ِ، الخضيمُّ | ويَخمدُ روحُ الربيع، الولود |
فلا يلثمُ النُّورُ سِحْرَ الخُدودِ | ولا تُنبِتُ الأرضُ غضَّ الورود |
كبيرٌ على النَّفسِ هذا العَفَاءُ! | وصعبٌ على القلب هذا الهموذ! |
وماذا على الَقدَر المستمرِّ | لو استمرَأَ الّناسُ طعمَ الخلود |
ولم يُخْفَروا بالخرابِ المحيط | ولم يفُجعَوا في الحبيبِ الودود |
ولم يَسلكوا للخلمودِ المرجَّى | سبيلَ الرّدى ، وظَلامَ اللّحودْ |
فَدَامَ الشَّبابُ، وَسِحْرُ الغرامِ، | وفنُّ الربيعِ، ولطفُ الورُودْ |
وعاش الورى في سَلامٍ، أمينٍ | وعيشٍ، غضيرٍ، رخيٍّ، رَغيد؟ |
ولكنْ هو القَدَرُ المستبدُّ | يَلَذُّ له نوْحُنا، كالنّشيد |