أجلْ، إنّ ليلى حيثُ أحياؤها الأسدُ،
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أجلْ، إنّ ليلى حيثُ أحياؤها الأسدُ، | مهاة ٌ حمتها، في مراتعِها، أسدُ |
يَمانِيَة ٌ تَدْنُو ويَنْأى مَزَارُهَا؛ | فسِيّانِ منها في الهوَى القُرْبُ والبُعْدُ |
إذا نحنُ زرنَاها تمرّدَ ماردٌ، | وعزّ فلم نظفرْ به، الأبلقُ الفردُ |
تحولُ رماحُ الخطّ دونَ اعتيادِها، | وخَيْلٌ، تَمَطّى نحوَ غاياتِها، جُرْدُ |
لحيٍّ لقاحٍ، تأنفُ الضّيمَ منهمُ | جحاجحة ٌ شيبٌ، وصيّابة ٌ مردُ |
أبٌ ذو اعتزامٍ، أوْ أخٌ ذو تسرّعٍ؛ | فشَيخانُ ماضي الهَمّ، أوْ فاتكٌ جَلدُ |
فما شيمَ، من ذي الهبّة الصّارم، الشَّبا؛ | ولا حُطّ، عن ذي المَيعة السابح، اللِّبْدُ |
وفي الكلّة ِ الحمراء، وسطَ قبابهمْ، | فَتاة ٌ، كَمِثلِ البَدرِ، قابَلهُ السّعدُ |
عقيلة ُ سربٍ، لا الأراكُ مرادُهُ؛ | ولا قمنٌ منهُ البريرُ ولا المردُ |
تَهادى ، فيُضْنيها الوِشاحُ، غَرِيرَة ٌ، | تأوّهُ مهما ناسَ، في جيدها، العقدُ |
إذا استحفِظتْ سرَّ السُّرَى جنحَ ليلها | تَناسَى النّمومانِ: الأُلُوّة ِ، والنَّدّ |
لها عدة ٌ بالوصلِ، يوعدُ غبَّها | مصاليتُ، ينسَى ، في وعيدهم، الوعدُ |
عَزِيزٌ عَلَيْهِمْ أنْ يَعُودَ خَيالُها، | فيُسعِفَ منها نائِلٌ، في الكَرى ، ثَمْدُ |
كفَى لوعة ً أنّ الوصالَ نسيئة ٌ، | يُطيلُ عَناءً المُقْتَضِي، والهَوَى نَقدُ |
ستبلغُها عنّا الشَّمالُ تحيّة ً، | نَوافِحُ أنْفاسِ الجَنُوبِ لها رَدّ |
فَما نُسِيَ الإلْفُ، الذي كانَ بيننا، | لطولِ تنائينَا، ولا ضيّعَ العهدُ |
لئن قيلَ: في الجدّ النّجاحُ الطالبٍ؛ | لقَلّ غَنَاءُ الجِدّ ما لمْ يكُنْ جَدّ |
ينالُ الأماني، بالحظيرة ِ، وادعٌ، | كما أنّه يُكدي، الذي شأنُهُ الكَدّ |
هوَ الدّهرُ، مهما أحسنَ الفعلَ مَرَّة ً، | فعنْ خطإٍ، لكنْ إساءتُهُ عمدُ |
حذارَكَ أنْ تغترّ منهُ بجانبٍ، | ففي كلّ وادٍ، من نوائبِهِ، سعدُ |
ولَوْلا السَّراة ُ الصِّيدُ من آلِ جَهوَرٍ | لأعوزَ منْ يعدى عليه، متى يعدُو |
مُلوكٌ لَبِسْنَا الدّهرَ في جَنَباتهمْ، | رقيقَ الحواشي، مثلما فوّفَ البردُ |
بحَيثُ مَقِيلُ الأمنِ، ضَافٍ ظِلالُه؛ | وفي منهلِ العيشِ العذوبة ُ والبردُ |
همُ النّفرُ البيضُ، الذينَ وجوهُهمْ | تَروقُ فتَستشفي بها الأعينُ الرُّمْدُ |
كِرَامٌ يَمُدّ الرّاغِبُونَ أكْفّهُمْ | إلى أبْحُرٍ مِنْهُمْ، لها باللُّهَامَدّ |
فلا يُنْعَ مِنْهُم هالِكٌ، فَهوَ خالِدٌ | بِآثارِهِ؛ إنّ الثّناءَ هُوَ الخُلْدُ |
أقِلّوا عَلَيْهِمْ، لا أبَا لأبِيكُمُ، | من اللّوم، أوْ سدّوا المكان الذي سدّوا |
أُولئكَ، إنْ نِمْنَا سَرى ، في صَلاحِنا، | سِجاعٌ عَلَينا، كُحلُ أجفانهمْ سُهدُ |
أليسَ أبو الحَزْمِ، الذي غِبَّ سَعيهِ، | تبصّرَ غاوينَا، فبانَ لهُ الرُّشدُ |
أغرُّ تمهّدْنا بهِ الحفضَن بعدما | أقضّ عَلَينا مَضْجَعٌ، وَنَبا مَهْدُ |
لَشَمّرَ حتى انْجابَ عارِضُ فِتنَة ٍ، | تألّقَ منها البرقُ، واصطخبَ الرّعدُ |
فسالمَ من كانتْ لهُ الحربُ عادة ً؛ | ووافقَ منْ لا شكّ في أنّهُ ضدّ |
هوَ الأثرُ المحمودُ، إنْ عادَ ذكرُهُ | تَطَلّعَتِ العَلياءُ، وَاستَشرَفَ المَجدُ |
تولّى ، فلولا أنْ تلاهُ محمّدٌ، | لأوْطَأ، خَدَّ الحُرّ أخمَصَه، العَبْدُ |
مَلِيكٌ يَسُوسُ المُلكَ منه مُقَلِّدٌ، | رَوَى عَنْ أبيهِ فِيه مَا سَنّهُ الجَدّ |
سجيّتُهُ الحُسنى ، وشيمَتُهُ الرّضَى ، | وسيرتُهُ المثلى ، ومذهبُهُ القصدُ |
همامٌ، إذا زانَ النّديَّ بحبوة ٍ | تَرَجّحَ، في أثْنائِها، الحَسَبُ العِدُّ |
زعيمٌ، لأبناء السّيادة ِ، بارعٌ، | عليهمْ به تثنى الخناصرُ، إنْ عدّوا |
بعيدُ منالِ الحالِ، داني جنى النّدى ، | إذا ذُكِرَتْ أخلاقُهُ خَجِلَ الوَرْدُ |
تهلّلَ، فانهلّتْ سماءُ يمينِهِ | عَطايا، ثَرى الآمال، من صوْبَها، جَعْدُ |
ممرٌّ، لمنْ عاداهُ، إذْ أولياؤُهُ | يلذُّ لهمْ كالماء، شيبَ بهِ الشّهدُ |
إذا اعترفَ الجاني عفَا عفوَ قادرٍ، | عَلا قَدْرُهُ عَنْ أنْ يَلجّ بهِ حِقْدُ |
ومتّئدٌ لوْ زاحمَ الطّودَ حلمُهُ | لحاجَزَهُ رُكنٌ، من الطّوْدِ، مُنَهَدّ |
لهُ عزمة ٌ مطويّة ٌ، في سكينة ٍ، | كما لانَ متنُ السّيفِ، واخشوشن الحدّ |
يوكِّلُ بالتّدبيرِ خاطرَ فكرة ٍ، | إنِ اقتدحتْ، في خاطرٍ، أثقبَ الزَّنْدُ |
ذِرَاعٌ لِمَا يأتي بهِ الدّهرُ، وَاسِعٌ؛ | وباعٌ، إلى ما يحرزُ الفخرَ ممتدّ |
إذا أسْهَبَ المُثْنُونَ فيهِ، شأتْهُمُ | مراتبُ عليا، كلَّ عن عفوِها الجهدُ |
هوَ الملكُ المشفوعُ، بالنّسكِ، ملكُه، | فيا فَضْلَ ما يَخفي ويا سَرْوَ ما يَبدُو |
إلى اللَّهِ أوّابٌ، وللَّهِ خائفٌ، | وبِاللَّهِ مُعْتَدٌّ، وَفي اللَّهِ مُشتدّ |
لقد أوْسعَ الإسلامَ، بالأمسِ، حِسبة ً، | نحَتْ غَرضَ الأجرِ الجَزِيل، فلم تَعْدُ |
أبَاحَ حِمَى الخَمْرِ الخَبِيثَة ِ، حائِطاً | حمَى الدّينِ، من أنْ يستباحَ لهُ حدّ |
فَطَوّقَ بِاستِئْصالِها المِصْرَ مِنّة ً، | يكادُ يُؤدّي، شكرَها، الحجرُ الصَّلدُ |
هيَ الرِّجسُ، إنْ يُذهبه عنه، فمِحسنٌ | شَهِيرُ الأيادي، ما لآلائهِ جَحْدُ |
مَظِنَّة ُ آثَامٍ، وَأُمُّ كَبائِرٍ، | يُقَصِّرُ، عَن أدنَى مَايِبها، العَدّ |
رَأى نَقصَ ما يَجبيهِ منها زِيادَة ً، | إذِ العِوَضُ المَرْضِيّ، إلاّ يَرُحْ يَغْدو |
غنيٌّ، فَحُسْنُ الظنّ بِاللَّهِ مالُهُ؛ | عَزِيزٌ، فصُنعُ اللَّهِ، من حوْله، جُنْدُ |
لَنِعْمَ حَديثُ البِرّ تُودِعُهُ الصَّبا، | تبثّ نثاهُ، حيثُ لا توضعُ البردُ |
تغلغلَ في سمعِ الرَّبابِ، وطالعتْ | له صورة ً، لم يعمَ، عن حسنها، الخلدُ |
مَساعٍ أجَدّتْ زِينة َ الأرضِ، فالحَصى | لآلىء ُ نَثْرٌ، وَالثّرَى عَنْبرٌ وَرْدُ |
لدى زَهَراتِ الرّوْضِ عنها بِشارَة ٌ؛ | وفي نفحاتِ المسكِ، من طيبها، وفدُ |
فديتُكَ، إنّي قائلٌ، فمعرِّضٌ | بأوطارِ نفسٍ، منك، لم تقضِها بعدُ |
منى ً كالشَّجا دونَ اللّهاة ِ تعرّضتْ، | فلمْ يكُ للمَصْدُودِ، من نَفثِها، بُدّ |
أمثليَ غفلٌ، خاملُ الذّكرِ ضائعٌ، | ضَياعَ الحُسامِ العَضْبِ، أصْدأه الغِمدُ |
أبَى ذاكَ أنّ الدّهرَ قَدْ ذَلّ صَعْبُهُ | فسنّيَ منْهُ، بالذي نشتَهي، العقدُ |
أنا السّيفُ لا يَنْبو معَ الهَزّ غَرْبُهُ، | إذا ما نبا السّيفُ، الذي تطبعُ الهندُ |
بَدَأتَ بنُعْمَى غَضّة ٍ، إنْ تُوَالِها، | فحسنُ الألى ، في أنْ يواليَها سردُ |
لَعَمْركَ! ما للمَالِ أسعى ، فإنّما | يَرى المالَ أسنى حظّهِ، الطَّبِعُ الوَغْدُ |
ولكنْ لحالٍ، إنْ لبستُ جمالَها، | كسوْتُكَ ثوبَ النُّصحِ، أعلامه الحمدُ |
أتَتكَ القَوَافي، شاهِداتٍ بما صَفَا | من الغَيبِ، فاقبلَها فمَا غرّكَ الشّهدُ |
ليحظى وليٌّ، سرُّهُ وفقُ جهرِهِ، | فظاهرُهُ شكرٌ، وباطنُهُ ودّ |
يُمَيّزُهُ، مِمّنْ سِوَاهُ، وَفاؤهُ | وإخلاصُهُ، إذْ كلُّ غانية ٍ هندُ |