هوَ الدّهرُ فاصبرْ للذي أحدَثَ الدّهرُ،
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
هوَ الدّهرُ فاصبرْ للذي أحدَثَ الدّهرُ، | فمن شيمِ الأبرارِ، في مثلها، الصّبرُ |
ستصبرِ صَبرَ اليأسِ أو صبرَ حِسبَة ٍ، | فلا تؤثرِ الوجْهَ الذي معهُ الوزرُ |
حذارَكَ منْ أنْ يعقبَ الرُّزْءُ فتنة ً | يضيقُ لها، عن مثل إيمانِك، العذْرُ |
إذا آسَفَ الثُّكْلُ اللّبيبَ، فشَفّهُ، | رأى أفدحَ الثّكلينِ أنْ يهلكَ الأجرُ |
مُصَابُ الذي يأسَى بمَيْتِ ثَوابِهِ، | هوَ البرحُ، لا الميتُ الذي أحرزَ القبرُ |
حياة ُ الوَرعى نَهجٌ، إلى المَوْتِ، مِهيعٌ، | لهُمْ فيهِ إيضَاعٌ، كمَا يوضعُ السَّفرُ |
فيَا هادِيَ المنهاجِ جرْتَ، فإنّمَا | هو الفجرُ يهديكَ الصّراطَ أوِ البَحرُ |
غذا الموتُ أضْحى قصرَ كلّ معمّرٍ، | فإنّ سَواءً طالَ أو قَصُرَ العُمْرُ |
ألمْ ترَ أنّ الدّينَ ضيمَ ذمارُهُ، | فلَمْ يُغْنِ أنْصارٌ عَديدُهمُ دَثْرُ |
بحيْثُ استقَلّ الملْكُ ثانيَ عِطْفِهِ، | وجرّرَ، من أذيالِهِ، العسكرُ المجرُ |
هوَ الضّيمُ، لَوْ غيرُ القَضَاء يَرُومُهُ، | ثناهُ المرامُ الصّعبُ والمسلكُ الوعرُ |
إذا عَثَرَتْ جُرْدُ العَناجيجِ في القَنا، | بليلٍ عجاجٍ، ليسَ يصدعه فجرُ |
أأنفسَ نفسٍ، في الورَى ، أقصد الرّدى ؛ | وَأخضرَ عِلقٍ، للهُدى ، أفقدَ الدُّهرُ؟ |
أعبّادُ! يا أوْفَى الملوكِن لقد عَدا | عَليكَ زَمانٌ، من سجِيّته الغَدْرُ |
فَهَلاّ عَداهُ أنّ عَلْيَاكَ حَلْيُهُ؛ | وذكرَك، في أردانِ أيّامِهِ، عطرُ؟ |
غشيتَ فلمْ تغشَ الطّرادَ سوابحٌ؛ | وَلا جُرّدَتْ بِيضٌ، وَلا أُشرِعتْ سُمرُ |
وَلا ثَنَتِ المَحذورَ عَنْكَ جَلالَة ٌ؛ | وَلا غُرَرٌ ثَبْتٌ وَلا نائلٌ غَمْرُ |
لئنْ كانَ بطنُ الأرضِ هيّءَ أنسُه | بأنّك ثَاويهِ، لقَدْ أوحَشَ الظّهرُ |
لَعَمْرُ البُرُودِ البِيضِ في ذلك الثّرى ، | لقد أُدرِجتْ، أثناءها، النِّعَمُ الخُضرُ |
عَلَيكَ، منَ اللَّهِ، السّلامُ تَحيّة ً، | ينسّمُكَ الغفْرانَ ريْحانُها النّضْرُ |
وَعاهدَ ذاكَ اللّحدَ عهدُ سَحائبٍ، | إذا استعبرَتْ، في تربِه، ابتسمَ الزّهرُ |
ففيهِ علاءٌ لا يُسامَى يَفاعُهُ، | وقَدْرُ شَبَابٍ ليس يَعْدِلُهُ قَدْرُ |
وَأبْيَضَ في طَيّ الصّفيحِ، كأنّهُ | صفيحة ُ مأثورٍ طلاقتُهُ الأثْرُ |
كأنْ لم تسرْ حمرُ المنايا، تظِلّها، | إلى مهجِ الأقيالِ، راياتُهُ الحمرُ |
ولَم يَحمِ، من أنْ يُستَباحَ، حمى الهدى | فلمْ يرضِهِ إلاّ أنِ ارتجعَ الثّغرُ |
ولمْ ينتجعْهُ المعتفونَ، فأقبلَتْ | عطايا، كما والى شآبِيبَهُ القَطْرُ |
وَلمْ تكتَنِفْ آراءهُ ألمَعِيّة ٌ، | كأنّ نجيّ الغيبِ، في رأيهَا، جهرُ |
ولمْ يتشذّرْ للأمورِ، مجلّياً | إليها، كما جَلّى من المَرْقَبِ الصّقرُ |
كِلا لَقَبَيْ سُلْطانِه صَحّ فأْلُه، | فبَاكَرَهُ عَضْدٌ وَرَواحَهُ نَصْرِ |
إلى أنْ دعاهُ يومُهُ، فأجابَهُ، | وقَد قدَمَ المعروفُ وَاستَمجد الذّخرُ |
فأمسَى ثَبِيرٌ، قد تصَدّى لحَمْلهِ | سريرٌ، فلم يَبهَضْهُ من هَضْبه إصرِ |
ألا أيّها المَوْلى الوَصولُ عَبيدَهُ، | لقد رابَنا أنْ يَتلُوَ الصّلة َ الهجرُ |
نُغاديكَ، داعِينا السّلامُ، كعَهدِنا، | فما يُسمَعُ الدّاعي، وَلا يُرْفعُ السِّترُ |
أعتبٌ علينا ذادَ عنْ ذلكَ الرّضَى | فنعتَبَ، أمْ بالمسمَعِ المعتَلي وقرُ؟ |
أمَا إنّهُ شغْلٌ فراغُكَ بعدَهُ | سينصاتُ إلاّ أنّ موعدَهُ الحشرُ |
أأنْساكَ، لمّا ينْأ عهدٌ، ولوْ نأى | سجيسَ اللّيالي لم يرِمْ نفسيَ الذّكرُ |
وكيفَ بنسْيانٍ، وقد ملأتْ يدي | جسامُ أيادٍ منكَ، أيْسَرُها الوفْرُ؟ |
لَئِنْ كنتُ لم أشكرُ لكَ المِنَنَ، التي | تَمَلّيْتُها تَترى ، لأوْبَقَني الكُفْرُ |
فَهلْ عَلِمَ الشِّلْوُ المُقَدَّسُ أنني | مُسَوِّغُ حالٍ، ضَلّ في كُنهها الفكْرُ |
وَأنّ مَتَابي لمُ يُضِعْهُ مُحمّدٌ، | خَليفتك، العدلُ الرّضَى ، وابنُكَ البَرُّ |
هُوَ الظّافِرُ الأعْلَى ، المُؤَيَّدُ، بالذي | له، في الذي ولاّهُ، من صنعِهِ، سرّ |
رأى في اختصَاصِي ما رأيتَ، وزادَني | مزِيّة َ زُلْفَى مِنْ نتائِجِها الفخرُ |
وأرْغَمَ، في بِرّي، أُنوفَ عِصَابَة ٍ | لِقاؤهُمُ جَهْمٌ، وَلحظُهُمُ شَزْرُ |
إذا ما استوى ، في الدَّستِ، عاقدَ حَبوَة ٍ | وقامَ سماطَا حفلِهِ، فليَ الصّدرُ |
وفي نفسِهِ العلياء لي متبوّأ، | ينافسُني فيهِ السِّماكانِ والنّسرُ |
يُطيلُ العِدا فيّ التّناجيَ خُفْيَة ً، | يقولون: لا تستَفتِ، قد قضيَ الأمرُ |
مضَى نَفثُهُمْ، في عُقْدة ِ السّعيِ، ضَلّة ً | فعادَ عَليهِمْ غُمّة ً ذلِكَ السّحرُ |
يشبّ مكاني عن توقّي مكانهمْ، | كما شبّ قبلَ اليومِ عن طوْقه عمرُو |
لكَ الخيرُ، إنّ الرُّزْء كانَ غيابة ً، | طَلَعْتَ لنا فيها، كما طلعَ البدرُ |
فقرّتْ عيونٌ كانَ أسخنَها البُكا؛ | وَقَرّتْ قُلوبٌ كانَ زلزَلها الذّعرُ |
وَلوْلاكَ أعْيَا رَأبُنَا ذَلِكَ الثّأى ، | وعزّ، فلمّا ينتعِشْ ذلكَ العثْرُ |
ولمّا قدمتَ الجيشَ، بالأمس، أشرَقتْ | إليكَ، منَ الآمالِ، آفاقُها الغبرُ |
فقضيتَ مِنْ فرضِ الصّلاة ِ لُبَانَة ً، | مُشَيِّعُها نُسْكٌ، وفارِطُها طُهْرُ |
ومن قبلُ ما قدّمتَ مثنى نوافلٍ، | يلاقي بها من صامَ، من عوزٍ، فطرُ |
ورُحتَ إلى القَصْرِ، الذي غضّ طرْفَه | بُعيْدَ التّسامي، أنْ غَدا غيرَه القصرُ |
فَداما مَعاً في خَيرِ دَهْرٍ، صُرُوفُهُ | حرامٌ عليها أنْ يطورَهُما هجرُ |
وَأجْمِلْ، عن الثّاوِي، الغرّاء، فإن ثَوَى | فإنّكَ لا الوَاني وَلا الضَّرعُ الغُمرُ |
وما أعطتِ السّبعونَ قبلُ أولي الحِجى | من الإربِ ما أعطَتك عشروكَ والعشرُ |
ألستَ الذي، إنْ ضاقَ ذرعٌ بحادثٍ، | تَبَلّجَ منهُ الوَجهُ، واتّسعَ الصّدْرُ |
فلا تهضِ الدّنيا جناحَكَ بعدَهُ، | فمنكَ، لمنْ هاضَتْ نوائبُها، جبرُ |
ا زِلْتَ مَوْفورَ العديدِ بِقُرْة ٍ | لَعيْنيكَ، مَشدوداً بهمْ ذلك الأزْرُ |
فإنّكَ شمسٌ، في سماء رياسَة ٍ، | تطَلّعُ منهمْ، حَولها، أنجمٌ زُهرُ |
شكَكْنا فلمْ نثبِتْ، أأيّامُ دهرِنا | بها وسنٌ، أمْ هزّ أعطافَها سكرُ؟ |
وما إنْ تغشّتْها مغازَلَة ُ الكرى ؛ | وما إنْ تمشّتْ، في مفاصِلِها، خمرُ |
سوى نشواتٍ، منْ سجايا مملَّك، | يصدِّقُ، في عليائِها، الخبرَ الخبرُ |
أرَى الدّهرَ، إنْ يَبطِشْ فأنتِ يمينُه، | وإنْ تضحكِ الدّنيا، فأنْتَ لهَا ثغرُ |
وكمْ سائِلٍ، بالغَيبِ عنك، أجَبتُه: | هُناكَ الأيادي الشّفعُ والسّؤدَدُ الوِترُ |
هُناكَ التُّقى وَالعِلمُ والحِلمُ والنُّهَى | وبَذْلُ اللُّها والبأسُ والنّظمُ والنّثرُ |
همامٌ، إذا لاقَى المناجزَ ردَّهُ، | وإقْبالُهُ خَطْوٌ، وَإدْبارُهُ حُضْرُ |
محاسنُ، ما للرّوضِ، خامرَهُ النّدى ، | رواءٌ، إذا نصّتْ حلاها، ولا نشرُ |
متى انتشقتْ لمْ تطرِ دارينُ مسكَها | حياءً، ولمْ يفخَرْ بعنبرِهِ الشِّحْرُ |
عطاءٌ ولا منٌّ، وحكمٌ ولا هوى ً، | وحلمٌ ولا عجزٌ، وعزٌّ ولا كبرُ |
قدِ استَوْفَتِ النّعماءُ فيكَ تمامَها | علينا، فمنّا الحمدُ للهِ والشّكْرُ |