هل النّداءُ، الذي أعلنتُ، مُستَمَعُ؛
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هل النّداءُ، الذي أعلنتُ، مُستَمَعُ؛ | أمْ في المِئاتِ، التي قدَّمتُ، مُنتَفَعُ؟ |
إنّي لأعجبُ منْ حظٍّ يسوِّفُ بي، | كاليأسِ من نيلِه، أن يجذبَ الطمعُ |
تأبَى السّكونَ إلى تَعلِيلِ دهرِيَ لي، | نفسٌ إذا خودعتْ لم ترضِها الخدَعُ |
ليسَ الرّكونُ إلى الدّنيا دَليلَ حِجًى ، | فإنّها دُوَلٌ، أيّامُهَا مُتَعُ |
تأتي الرّزايا نظاماً من حوادِثِهَا، | إذِ الفَوائِدُ، في أثْنَائِهَا، لُمَعُ |
أهلُ النّباهة ِ أمثالي لدهرِهمُ، | بقَصرِهمْ، دون غاياتِ المُنى ، وَلَعُ |
لولا بنو جهورٍ ما أشرقَتْ همَمي، | كمِثْلِ بِيضِ اللّيالي، دُونَها الدُّرَعُ |
همُ الملوكُ، ملوكُ الأرضِ دونهمُ، | غِيدُ السّوالِفِ، في أجيادِها تَلَعُ |
من الوَرَى ، إنْ يَفوقوهمْ، فلا عجبٌ، | كذلكَ الشّهرُ، منْ أيّامِهِ، الجمعُ |
قومٌ، متى تحتفلْ في وصفِ سؤدَدِهم | لا يأخذِ الوصفُ إلاّ بعضَ ما يدَعُ |
تَجَهَّم الدّهرُ، فانصَاتَتْ لهُمْ غُرَرٌ، | ماءُ الطّلاقة ِ، في أسرارِها، دفعُ |
باهتْ وجوهُهُمُ الأعراضَ من كرمٍ؛ | فكلّما راقَ مرأى ً طابَ مستمعُ |
سروٌ، تزاحمُ، في نظمِ المديح لهُ، | محاسِنُ الشِّعرِ، حتى بَينها قُرَعُ |
أبو الوليدِ قدِ استوفَى مناقبِهُمْ، | فللتّفاريقِ منْهَا فيهِ مجتمعُ |
هوَ الكريمُ، الذي سنّ الكرامُ لهُ | زُهْرَ المَساعي، فلَمْ تَستهوِه البِدَعُ |
من عترة ٍ أوهمَتْهُ، في تعاقُبِها، | أنّ المكارمَ، إيصاءً بها، شرعُ |
مهذَّبٌ أخلصَتْهُ أوّليّتُهُ، | كالسّيفِ بالغَ في إخلاصِهِ الصَّنَعُ |
إنّ السّيوفَ، إذا ما طابَ جَوْهرُها، | في أوِّل الطّبعِ، لم يعلَقْ بها طبعُ |
جذلانُ يستضْحكُ الأيّامَ عن شيمٍ، | كالرّوْضِ تَضْحَكُ منه في الرُّبى قِطَعُ |
كالبارِدِ العَذْبِ، لذّتْ، من مَوارِدِه | لشاربٍ غبَّ تبريحِ الصّدى ، جرعُ |
قلْ للوزيرِ، الذي تأميلُهُ وزرِي، | إنْ ضاقَ مضطربٌ، أوْ هالَ مطّلعُ |
أصخْ لهمسِ عتابٍ، تحتَهُ مقة ٌ، | وَكلّفِ النّفْسَ منها فوقَ ما تَسَعُ |
ما للمتَابِ، الذي أحصفتَ عقدَتَهُ، | قد خامرَ القلبَ، من تضْييعه، جزعُ؟ |
لي، في الموالاة ِ، أتباعٌ يسرّهُمُ | أنى لهُمْ، في الذي نِجزَى به، تَبَعُ |
ألستُ أهلَ اختصاصٍ منكَ، يلبسُني | جَمالَ سِيماهُ؟ أمْ ما فيّ مُصْطَنَعُ؟ |
لم أوتِ في الحالِ، من سعيي لديك، ونى ً | بلْ بالجدودِ تطيرُ الحالُ أوْ تَقعُ |
لا تستجِزْ وَضْعَ قدرِي بعد رَفْعِكَهُ، | فاللَّهُ لا يَرْفَعُ القَدر الذي تَضَعُ! |
تقدّمَتْ لكَ نعمى ، رادَها أملي، | في جانِبٍ، هوَ للإنْسانِ مُنتَجَعُ |
ما زالَ يونقُ شكرِي في مواقِعِها | كالمُزْنِ تونِقُ، في آثارِهِ، التُّرَعُ |
شكرٌ، يروقُ ويرضي طيبُ طعمته، | في طَيّهِ نَفَحاتٌ، بَينَها خِلَعُ |
ظنّ العِدا، إذْ أغبّتْ، أنّها انقطعتْ؛ | هَيهاتَ ليسَ لِمدّ البَحرِ مُنقطَعُ |
لا بأسَ بالأمرِ، إنْ ساءتْ مبادئُهُ | نفسَ الشّفيقِن إذا ما سرّتِ الرُّجَعُ |
إنّ الأُلَى كنتُ، من قبل افتضاحِهمِ، | مثلَ الشّجا في لهاهُم، ليس يُنتَزَعُ |
لم أحظَ، إذْ همْ عِداً، بادٍ نِفاقُهمُ، | إلاّ كما كنتُ أحظَى ، إذْ همُ شيعُ |
ما غاظهمْ غيرُ ما سيّرْتُ من مدَحٍ، | في صَائِكِ المِسكِ من أنفاسِها فَنَعُ |
كَمْ غُرَّة ٍ لي تَلَقّتْها قُلُوبُهُمُ؛ | كمَا تلقّى شهابَ الموقِدِ الشّمَعُ |
إذا تأمّلتَ حُبْي، غِبَّ غَشّهِمِ، | لم يَخفَ من فَلَقِ الإصْباحِ مُنصَدِعُ |
تلكَ العرانينُ، لم يصلُحْ لها شممٌ، | فكانَ أهونَ ما نِيلَتْ بهِ الجدَعُ |
أوْدَعتَ نُعماكَ منهمْ شرَّ مُغتَرَسٍ، | لَن يَكرُمَ الغَرْسُ حتى تكرُم البُقعُ |
لقد جَزَتهُمْ جَوازِي الدّهرِ عن مِننٍ | عفَتْ، فلم يثنهمْ، عن غمطها، ورعُ |
لا زالَ جدُّكَ بالأعداءِ يصرعُهُمْ؛ | إنْ كانَ بينَ جدودِ النّاسِ مصطرعُ |