شَحَطنا وَما بالدّارِ نأيٌ وَلا شَحْطُ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
شَحَطنا وَما بالدّارِ نأيٌ وَلا شَحْطُ، | وشطّ بمنْ نهوَى المزارُ وما شطّوا |
أأحبابَنا! ألْوَتْ بِحادِثِ عَهْدِنَا | حوادثُ، لا عقدٌ عليها ولا شرطُ |
لعمركُمُ إنّ الزّمانَ، الذي قضَى | بِشَتّ جَميعِ الشّملِ منّا، لمُشتَطّ |
وَأمّا الكَرَى مُذْ لم أزُرْكُمْ، فهاجرٌ، | زِيارَتُه غِبٌّ، وَإلْمَامُه فَرْط |
وما شوقُ مقتولِ الجوانحِ بالصّدى | إلى نُطْفَة ٍ زَرْقاء، أضْمَرَها وَقْط |
بأبرَحَ مِنْ شَوْقي إليكمْ، وَدونَ ما | أديرُ المُنى عنهُ القتادة ُ والخرْط |
وفي الرَّبْرَبِ الإنْسيّ أحوَى ، كناسُه | نواحي ضميرِي لا الكثيبُ ولا السِّقط |
غَرِيبُ فُنونِ الحُسنِ، يَرْتاحُ دِرْعُهُ | متى ضاقَ ذرْعاً بالذي حازَه المِرْط |
كأنّ فُؤادي، يَوْمَ أهوَى مُوَدِّعاً، | هوَى خافقاً منه بحيث هوَى القرْط |
إذا ما كتابُ الوَجدِ أشكَلَ سَطْرُهُ، | فمنْ زفرَتي شكلٌ ومن عبرَتي نقط |
ألا هلْ أتَى الفتيانَ أنّ فتاهُمُ | فريسة ُ من يعدو، ونهزَة ُ من يسطوْ |
وأنّ الجوادَ الفائتَ الشّأوِ صافنٌ، | تخوّنَهُ شكلٌ، وأزْرَى به ربْطُ |
وأنّ الحسامَ العضْبَ ثاوٍ بجفْنِهِ، | ومَا ذمّ منْ غربَيْهِ قدٌّ ولا قطّ |
عَليكَ أبا بَكْرٍ بَكَرْتُ بهِمّة ٍ، | لها الخطرُ العالي، وإنْ نالَها حطّ |
أبي، بعدَما هيلَ التّرابُ على أبي، | وَرَهطي فَذّاً، حينَ لم يَبقَ لي رَهْطُ |
لكَ النّعمة ُ الخضراء، تندى ظلالُها | عليّ، وَلا جَحدٌ لدَيّ، وَلا غَمْطُ |
وَلوْلاكَ لم تثْقُبْ زِنادُ قَرِيحَتي، | فيَنْتَهِبُ الظّلْماءَ من نارِها سِقْطُ |
ولا ألّفَتْ أيدي الرّبيعِ بدائعي، | فَمِنْ خَاطِري نَثْرٌ وَمن زَهرِهِ لَقطُ |
هرمْتُ، وما للشّيبِ وخطٌ بمفرَقي، | وكائنْ لشيبِ الهمّ في كبدي وخطُ |
وطاولَ سوءُ الحالِ نفسي، فأذكرَتْ | من الرّوْضَة ِ الغَنّاء، طاوَلَها القَحطُ |
مئونَ منَ الأيّامِ خمسٌ قطعْتُها | أسِيراً، وَإنْ لم يَبدُ شَدٌّ وَلا قَمطُ |
أتتْ بي، كما ميصَ الإناءُ من الأذى ، | وأذهبَ ما بالثّوبِ منِ درنٍ مسطُ |
أتَدْنُو قُطُوفُ الجَنّتَينِ لمعْشَرٍ، | وغايتيَ السِّدرُ القليلُ أوِ الخمطُ |
وما كانَ ظنّي أنْ تغرّنيَ المُنى ، | وَللعِزّ في العَشوَاءِ مِنْ ظَنّهِ خَبْطُ |
أما، وأرتْني النّجمَ موطئَ أخمَصي، | لقد أوْطَأتْ خَدّي لأخمص من يخطو |
ومُسْتَبطَإِ العُتْبَى ، إذا قلتُ قد أنَى | رضاه، تمادى العتبُ واتّصلَ السّخط |
ومَا زالَ يدنيني وينئي قبولَه | هوى ً سرفٌ منه، وصاغية ٌ فرط |
وَنَظْمُ ثَنَاءٍ في نِظَامِ وَلايَة ٍ، | تَحَلّتْ بِهِ الدّنْيَا، لآلِئهُ وَسْط |
على خصرِها منْه وشاحٌ مفصَّلٌ؛ | وفي رأسها تاجٌ؛ وفي جيدِها سِمط |
عدا سمعَه عني، وأصغى إلى عدى ً | لهم في أديمي كُلّما استَمكنوا عَطّ |
بَلَغتُ المَدى ، إذ قَصّروا، فقلوبهمْ | مكامِنُ أضغانٍ أساوِدُهَا رُقط |
يولّونَني عرضَ الكراهة ِ والقِلى ، | وما دهرُهمْ إلاّ النّفاسة ُ والغمْطُ |
وَقَدْ وَسَمُوني بالّتي لَستُ أهْلَها، | ولمْ يمنَ أمثالي بأمثالِها قطّ |
فَرَرْتُ، فإنْ قالوا الفِرارُ إرَابَة ٌ، | فَقَد فَرّ مُوسَى حينَ هَمّ بِه القِبْطُ |
وإنّي لراجٍ أنْ تعودَ، كبدئِها، | ليَ الشّيمة ُ الزّهراءُ والحلقُ السبطُ |
وَحِلمُ امرِىء تَعفُو الذّنوبُ لَعفوِهِ | وتُمحَى الخطايا مثلمَا محيَ الخطّ |
فمَا لَكَ لا تَخْتَضّني بِشَفَاعَة ٍ، | يَلُوحُ عَلى دَهْرِي لمِيسَمِها عَلْطُ |
يفي بنسيمِ العنبرِ الوردِ نفحُها، | إذا شعشعَ المِسكَ الأحمَّ به خلْطُ |
فإنْ يُسعِفِ المَوْلى فنُعمَى هَنِيئة ٌ، | تُنَفِّسُ عَنْ نَفْسٍ ألَظّ بها ضَغْطُ |
وإنْ يأبَ إلاّ قبضَ مبسوطِ فضله، | ففي يدِ مولًى فَوُقَه القَبضُ وَالبَسطُ |