أإنْ بَكَتْ ورقاءُ في غُصْنِ بانْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أإنْ بَكَتْ ورقاءُ في غُصْنِ بانْ | تَصدّعتْ منك حصاة ُ الجَنَانْ |
وأذكرَتْهُ من زمانِ الصّبا | طيبَ المغاني والغواني الحسان |
كيفَ رَمَتْ بالنّارِ أحشاءَهُ | ذاتُ هديلٍ في رياضِ الجِنانْ |
يُرنّحُ الغصنَ نسيمٌ بها | معانقٌ بين الغصون اللدان |
ومقلتاها لو بكتْ عنهما | فاللؤلؤ الرّطبُ له مقلتان |
ما ذاك إلاّ لنوى غربة ٍ | قسا عليها الدهرُ فيها ولانْ |
حمامة َ الأيك أبيني لنا | من أين للعجماء نُطقُ البيان |
هل خانكِ المخزونُ من دمعة ٍ | بكى بها عنك فمن خان هان |
يا ليلة ً عنّتْ لعيني شجٍ | للدمع ما بينهما لجّتانْ |
سوداءُ تْخفي بين أحْشائِهَا | من فَلَقِ الإصباح طفلاً هِجان |
كأنما قرطُ الثريا لَهُ | في أُذْنِها خَفَقُ فؤادِ الجبان |
كأنما فوقَ قذالِ الدجى | لجامُ طرفٍ ما له من عنان |
كأنَّما الإظلام بحرٌ طما | والشرقُ والغربُ له ساحلان |
كأنَّما الخضراءُ من زُهْرِها | روضة خرقٍ نورها أقحوان |
كأنَّما النَّسران قد حَلّقَا | كي يُبْصِرَا حَرباً تُثِيرُ العُثَان |
كأنما انقضّا وقد آنسا | مصارعَ القتلى التي ينعيانْ |
كأنَّما الجوزاءُ مختالة ٌ | تسحبُ فضلاً من رداء العنان |
كأنها راقصة ٌ صوّبَتْ | وزاحمَ الغربَ بها منكبان |
كأنَّما شُدّتْ نطاقاً فما | تبدو لها تحتَ ثيابٍ يدان |
كأنَّما الشهبُ الّتي غَرّبَتْ | شهبُ خيولٍ في استباقِ الرّهان |
كأنَّما الصّبحُ لهُ راحة ٌ | تلقط في الآفاق منها جمان |
نَكّبْتُ عن ذِكْرِ الهوى والمها | ونفيها للشيخِ غير الهوان |
واهاً لأيّام الشباب الذي | ظلّ به يحلم حتى اللسان |
سلني عن الدّنْيا فعندي لها | في كلّ فنّ خبرٌ أو عيانْ |
فما على الأرض عليمٌ بما | تجتمع الشهبُ له في القران |
ولا مكانٌ تتجارى به | خيلُ القوافي غيرُ هذا المكان |
ولا ندى فيه ضروبُ الغنى | إلاَّ ندى هذا، مليكِ الزّمان |
هذا عليٌّ نجل يحيى الّذي | في قَصْدِهِ نيلُ المنى والأمان |
هذا الذي في الملك أضحى له | عرضٌ مصونٌ، ونوالٌ مُهانْ |
هذا الذي شامَ لنصرِ الهُدى | منْ غيرِ شمّ كلَّ عَضْبٍ يمان |
مَنْ بشرُهُ تَرْجَمَ عن جوده | والجود في البشر له ترجمان |
من تلزمُ الناسَ له طاعة ٌ | قد أمرَ اللهُ بها في القُرآنْ |
فمشرقا الأرضِ على فضله | لمغربيها أبداً حاسدان |
القاتلُ الفقرَ بسيفِ الغنى | بحيثُ حدّاهُ له راحتان |
والثابتُ الحلمِ إذا ما هفتْ | له من الحلم هضابُ الرّعان |
لا يَعْرِضُ المطلُ لانجازه | ولا يشين المنّ منه امتنان |
تمنّ ما شئتَ على فضله | من الأماني وعليه الضمان |
مُملَّكٌ تخفقُ راياته | فيتّقيهِ مَنْ حوَى الخافقان |
لقاؤه مُرْدٍ لأقرانه | إذا تلاقتْ حلقات البطان |
يبني بركضِ الجرد من أرضه | سماءَ نقع يومَ حربٍ عوان |
يكرّ كاللّيْثِ مُبيدا إذا | ما عرّدَ النكسُ وخامَ الهدان |
ضرْباً وطعناً بشبا مُنصُلٍ | كأنَّه لفظٌ له معنيان |
نورُ هُدى ً في الصدر من دسته | ونارُ بأسٍ فوقَ ظهر الحصان |
لا تخشَ من كيد عدوّ الهدى | إنّ عليّاً لعليهِ مُعانْ |
عانى خداعَ الحربِ طفلاً فما | يُقعْقعُ القِرْنُ له بالشنان |
حمى حِمى الإسلام من ضَيمهِ | واستنصرَ الحقَّ به واستعان |
يقدّمُ الأبطال في جحفلٍ | والطيرُ والوحش له جحفلان |
معتادة ً أكْلَ لحوم العدى | عذت خماصا ثم راحت بطان |
من كلّ ذئبٍ أو عُقابٍ له | كلَّ مكرٍ، فيه شلوٌ خِوانْ |
من كلّ مرهوب الشّذا مُقدمٍ | بَرْدٌ عليه حرُّ لذْعِ الطّعان |
يِغْشَى بهِ الطِّرْفُ صدورَ القنا | فهو سليمُ الرّدْفِ دامي اللبان |
إذا التقى الجمعان في مأزقٍ | وفلّ بالطعن سنانٌ سنانْ |
يامن يُفيضُ العرفَ من راحة ٍ | مفاتحُ الأرزاقِ منها بنان |
بقيتَ للجود حليفَ العُلى | فأنتَ والجودُ رضيعاً لبانْ |
وإن تلاكَ العيدُ في بهجة ٍ | فأنْتَ عيدٌ أوّلٌ، وهو ثان |