خلعتُ على بُنياتِ الكرومِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خلعتُ على بُنياتِ الكرومِ | محاسنَ ما خلعنَ على الرسومِ |
أخذتُ بمذهب الحكمي فيها | وكيفَ أميلُ عن غرض الحكيمِ |
وما فضلُ الطلول على شَمُولٍ | تمجّ المسك في نفَس النسيمِ |
يُجدَّدُ حبّها في كلّ قلبٍ | إذا صقلتهُ من صدأ الهمومِ |
وكنتُ على قديم الدهر أصبو | إلى اللذّاتِ بالقصر القديم |
تُردّ إذا ظمئت عليّ كأسي | كما رُدّ اللبان على الفطيم |
وما استنطقتُ من طللٍ صموتٍ | كأنَّ له إشاراتِ الكليم |
بل استنطقْتُ بالنّغماتِ عودا | تنبّهَ مُطرباً في حجْر ريمِ |
وربّ منيمة ِ الندماءِ سُكراً | نفيتُ بها المنامَ عن النديم |
فقامَ ومُقْلَة ُ الإصباحِ فيها | بقية ُ إثمدِ الليلِ البهيم |
كأنَّ الصبحَ معترضاً دجاهُ | خصيمٌ يستطيل على خصيمِ |
كأن الشرق في هذا وهذا | مَصَفٌّ فيه زنجيّ ورومي |
وليلٍ شُقّ فيه ضياءُ صبحٍ | كأدهمَ، في إغارته، لطيمِ |
قطعنا تحت غيهبه عَراءً | بعارية ِ العظامِ من اللحوم |
وداميَة ٍ مناسِمُها رَسَمْنَا | لها قطعَ المهامهِ بالرسيمِ |
وَطُفْنَا في البلاد طوافَ قَوْمٍ | يريح نفوسَهمْ تَعَبُ الجسوم |
وفي مغنى ابن عباد حلَلنا | وقد نِلنا المنى عند العَزيم |
بحيثُ يَغُضّ أبصارا ملوكٌ | تُعظِّمُ هيبة َ الملك العظيم |
تُنَظَّمُ في مراتبه المعالي | فتحسبها نجوماً للنجومِ |
وتهمي من أناملِهِ العَطايا | فتحسبها غيوماً للغيوم |
وتصدرُ عن ندى يده الأماني، | إذا وردته هيماً، غير هيمِ |
إذا نسيَ الكرامُ أنابَ ذكرا | يسافرُ في فمِ الزمن المقيمِ |
تناجيه فراسة ُ ناظريه | بما في مُضمرِ القلبِ الكتومِ |
فيا ابنَ الصيد من لحمٍ، ولحمٌ | بدورُ مطالع الحسب الصميم |
إذا جادوا فأنواءُ العطايا | وإن حلموا فأطوادُ الحلوم |
وأحرَمَ في يمينك مَشْرَفيّ | أدَمْتَ ببذلِهِ صَوْنَ الحريم |
ومُعْتركٍ تَلَقّى الفنشُ فيه | غريماً مهلكاً نفْسَ الغريمِ |
تَسَتّرَ بالظلامِ وفرّ خوفاً | بروعٍ شقّ سامعتي ظليمِ |
وذاقَ بيوسفٍ ذي البأس بؤساً | فمرّرَ عنده حلوَ النّعيم |
وقد نهشتهُ حيّاتُ العوالي | سلو الليلَ السليمَ عن السليم |
ثنى توحِيدُكَ التثليثَ منه | يَعَضّ على يَدَيْ فَزِعٍ كظيم |
رآك وأنتَ مبتسمٌ كضارٍ | تثاءبَ عن نواجذه شتيمِ |
غداة أتى بصلبانٍ أضلّتْ | علوجاً أبْرَمُوا كَيْدَ البريم |
كأنّهم شياطينٌ ولكنْ | رميتَهُمْ بمحرقة ِ النجوم |
علوجٌ قُمْصُ حَرْبهمُ حَدِيدٌ | يُعبِّرُ عنهمُ سهكُ النسيم |
يقودهم لحينهم ظلومٌ | لأنفسهم، فويلٌ للظلوم |
رعى نَبْتَ الوشيج بهمْ فمادوا | وتلك عواقبُ المرعى الوخيم |
وأوردهمْ حياضاً في المواضي | بماءِ الموت ساقٍ من جموم |
ولما أنْ أتاكَ بقومِ عادٍ | أتيتَ بصرصرِ الريح العقيمِ |
وقد ضرَّمتَ نارَ الحرب حتى | حَكَتْ زفراتُها قِطعَ الجحيم |
وثارَ بركضِ شُزَّبِها قتامٌ | خلعنَ به الصريمَ على الصريمِ |
فثوبُ الجوّ مغبرّ الحواشي | ووجهُ الأرض محمرّ الأديمِ |
وقد سَكِرَتْ صِعادُ الخطّ حتى | تأودّ كلّ لدنٍ مستقيمِ |
وما شربتْ سوى خمر التراقي | ولا انتشقت سِوَى وَرْدِ الكلوم |
فصلّ لربك المعبود وانحرْ | قروماً منهمُ بعدَ القروم |
وَعَيّدْ بالهدى وأعِدْ عليهمْ | عذابَ الحرب بالألم الأليم |