أين مني عتبُ أحبابٍ هجود
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أين مني عتبُ أحبابٍ هجود | قتلوا نومي بإحياء الصدود |
وخليّ لم تبتْ أحشاؤه | آه من وصلٍ عن القرب يذودْ |
وخليّ لمْ تبتْ أحشاؤه | وهي بالتبريح للنار وقودْ |
قال: كم تظما من الظلمٍ إلى | مُوْرِدٍ لم تَرْوِ منه بورود |
شَيِب بالمسك وبالشهد معاً | والمساويك على ذلك شهود |
أو ترجِّي نيلَ صادٍ للمى | قلتُ: لولا الماء ما أوْرَقَ عود |
قال: إن البيض لا تحظى بها | أو ترى بِيضَ ذؤاباتكَ سود |
قلت: عندي يومَ اصطاد المنى | جذعٌ يُحكمُ تأنيسَ الشرود |
كم مُليمٍ قد نَضَا ثَوْبَ الصّبا | عنه، ردّته إلى الصبوة ِ رود |
بحديثٍ يُسحرُ السحر به | يتمناه معاداً أن يعود |
تٌنزلُ الطيرُ من الجوّ به | وتُحَطّ العُصْمُ من شُمّ الرُّيُود |
وَسَبَتْهُ قُضُبٌ في كُثُبٍ | مالت الأكفالُ منها بالقدود |
وثمارٌ نطقت أوصافها | بإشاراتٍ إلى صغر النهود |
عدَّ بي عن كل هذا إنني | لا أرى الدهر لإحساني كنود |
لي هوًى آوي إليه مرحاً | غير أني بالنهى عنه حَيود |
إنّ همي همة ٌ أسمرها | ولها قُمتُ فما لي والقعود |
وفلاة ٍ أبداً ظامئة ٍ | مشفقٌ من قطعها العودُ عنود |
حمل الماءَ ولا يَشْرَبهُ | فهو للمُرْوَى به عينُ الحسوُد |
جبتُها في متن ريح تنبري | للسُّرى بين سيوعٍ وقتودا |
في ظلامٍ طَنَّبَتْ أكنافُهُ | فوق أرجاءِ وهادٍ ونجود |
وكأن البدر فيه ملك | والنجوم الزهرُ حوليه وفود |
وكأنَّ الشُّهُبَ شُهْبٌ قَيّدَتْ | أيدياً منها على الجري قيود |
ولقد قلتُ لحادي عيسنا | وهي بالبخل عن البخل تجود |
أنجاءٌ تخرق الخرقَ به | كابدته منك أم مضغُ الكبود |
فمتى يَفْلُقُ عن أبصارها | هامة َ الليل من الصبح عمود |
وأرى ما اسودّ من قار الدجى | ذابَ منه بلظى الشمس جُمُود |
جالياً أقذاءَ عين مَقَلَتْ | من محيّا حَسَنٍ بَدْرَ السعود |
أروعٌ إن سَخُنَتْ عَيْنُ العلى | كَحَلَتْهَا مِنْ سناه ببرود |
في رُواق المُلكِ منه مَلِكٌ | مُلْكُهُ من قبلِ عادٍ وثمود |
بسطَ الكفّ بجودٍ غدقٍ | قُبضتْ عن بذله كفّ الصَّلود |
كم سبيلٍ نحوه مسلوكة | فهي للقصّاد كالأم الولود |
ذو سجايا في المعالي خُلِقَتْ | للوغى والسلم من بأس وجودِ |
وأناة ٍ أُرْسيَتْ في خُلُقٍ | كنظير الزهر في الرّوض المَجُود |
ومصونُ العرض مبذولُ النّدى | مُعْرِقُ الآباء في مَحْضِ الجدود |
ثابتٌ عند المعالي فضلهُ | هل يطيق الليل للصبح جحود |
مُقْدِمٌ يصطادُ أبطالَ الوغى | إنَّ شبل الليث للوحشِ صَيُود |
ذو ابتدارٍ في وقارٍ كامنٍ: | للظى الزّنْدِ وقودٌ من خمود |
ألِفَتْ يمناه إسداء الغنى | والغنى تُسْدِيهِ يُمْنَى من يسود |
كم عُفاة ٍ في بلادٍ نَزَحَتْ | فسبتْ منهم أياديه وفودِ |
من ملوكٍ نظمتْ مدّاحهُمُ | فِقَرَ المدح لهم نظمَ العقودِ |
في بيوت بُنِيَتْ شِعْرِية ٍ | لثناء المرءِ فيهنّ خلود |
كل راسي الحلم حامٍ مُلكهُ | عادلِ السيرة ِ وافٍ بالعهود |
أسدٍ تحسبُ في عامله | أسوداً ينهش أعضاءَ الحقودِ |
نشأوا في منعة من عزمهم | للمعالي في حجور وبنود |
بيتُ مجدٍ جاوزتْ أربعهُ | أربعَ الشهبِ حدوداً بحدود |
يقذف الحربَ بجيشٍ لجبٍ | مُشْرَعِ الأرماح مقدامِ الجنود |
ذي موازيبِ حديدٍ فَهَقَتْ | بصبيبِ الدم من طعن الكبود |
ونسُورٍ تغتدي أحشاؤها | من بني الهيجاء للقتلى لحود |
زاحفٌ كالبحر مداً بالصبا | بحرور الموت في ظل البنود |
نَقْعُهُ كالغيمِ ملتفاً على | صعقاتٍ من بروق ورعودِ |
وإذا ما ركعتْ أسيافه | فوق هاماتِ العدى خرّتْ سجود |
للمنايا عندهُ ألسنة ٌ | قلّما تعمرُ أفواهَ الغمودِ |
كلّ عضبٍ يحسبُ الناظرُ في | متنهِ للنار بالماءِ وقودِ |
ونعوتُ البيض حُمْرٌ عنده | لِدَمٍ تُكساهُ من قتل الأسودِ |
وكأن الأثر فيها نمشٌ كاد | أن يخفى بتوريد الخدودِ |
وكأنَّ الفتكَ فيها أبدا | ذو حياة ٍ للعدا منه همود |
دُمْ لنا يا ابن عليّ ملكاً | في عُلى ً ذاتِ سعود وصعودِ |
ودنا منك بتقبيل الثرى | كلّ قرمٍ سيدٍ، وهو مسود |