أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ | على ما مضى ؟أم حسرة ٌ تتجدد؟ |
خليليَّ ما بعد الشباب رزية | يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ |
ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما | تفطر عن عينٍ من الماء جلمدُ |
شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه | فكيف؟وأنَّى ؟بعده يتجلَّدُ |
وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ، يوجد طعْمُهُ | فصادَف قَتَّالَ الطُّغاة ِ بمَرْصَدٍ |
رزئت شبابي عودة بعد بدأة ٍ | وهن الرزايا بادياتٌ وعوّدُ |
سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن، وقبلُهُ | بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ |
وبُدّلتُ من ذاك البياض وحسنهِ | بياضاً ذميما لا يزال يُسَوّدُ |
لشتان ما بين البياضين:معجبٌ | أنيقٌ ومشنوء إلى العين أنكدُ |
تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي | وأقبحُ ضَحَّاكَيْن: شَيْبٌ وأدْردُ |
وكنتُ جلاءً للعيون من القذى | فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ |
هي الأعينُ النجلُ التي كنتَ تشتكي | مواقِعَها في القلب، والرأسُ أسودُ |
فما لك تأسَى الآن لما رأيتها | وقد جعلت مرمى سواكَ تَعمَّدُ |
تَشَكَّي إذا ما أقصدتكَ سهامُها | وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ |
كذلك تلكَ النبلُ مَنْ وقعت به | ومن صُرفتْ عنه من القوم مُقصَدُ |
إذا عدلتْ عنا وجدنا عدولَها | كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ |
تنكّبُ عنا مرة ً فكأنما | مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ |
كفى حزناً أن الشباب معجلٌ | قصيرُ الليالي والمشيب مخلّد |
إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته | إلى أن يضم المرءَ والشيبَ ملحد |
أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره | كَمَا أنَّه وِتْرٌ ـ إذا عُدَّ ـ سُؤْددُ |
وجار على ليلِ الشباب فضامَه | نهارُ مشيبٍ سرمد ليس ينفد |
وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ | فقالوا: نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ |
وإن سُلَّ منها فالْفَرائضُ تُرْعَدُ | ولكنّ ظلّ الليل أندى وأبرد |
أقول، وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ | قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ |
ودبّ كلالٌ في عظامي أدبَّني | ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ |
وبورك طرْفي فالشخوص حياله | قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ |
بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ | سليمى وريّا عن حديثي ومهددُ |
وبُدِّل إعجاب الغواني تعجباً | وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ |
لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها | يكون بكاء الطفل ساعة يولد |
وإلا فما يبكيه منها وإنها | وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ |
اذا ابصر الدنيا استهل كأنه | بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ |
وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها | تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ |
لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي | بأخرَى حقودٍ والجرائم تحقد |
فصبراً على ما اشتدّ منه فانمأ | يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ |
تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة | حوادثهُ والحولُ بالحولِ يُطرد |
ومالي عزاء عن شبابي علمتُه | سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ |
وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه | وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ |