هنيتُ بالشهرِ بلْ هني بيَ الشهرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هنيتُ بالشهرِ بلْ هني بيَ الشهرُ | وما له بالذي يجري به أمرُ |
له التصرف في الأركان أجمعها | والحكم في يده والنفعُ والضرُّ |
وما له خبر بما يكوّنه | عنه الإله العليمِ الواحد البرُّ |
لو أنَّ يونس والحيتان تطلبه | يكونُ من مكة لم يدر ما البحر |
لعلمنا بالذي أعطتْ معالمُها | منَ الذي أخبرتُ بكونِهِ الزهرُ |
فإنَّ ربَّكَ أوحى أمرها بكذا | فيها وما عندها ذوق ولا خبر |
مسخراتٌ بأمرِ اللهِ ليسَ لها | إلا الشهادة ُ والتسبيحُ والذكرُ |
بألسنٍ ما لنا فقهٌ بما نطقتْ | لأنَّ حاجبها ألحكمُ والفقرُ |
تثني عليه بطبعٍ فيه قد جُبلت | وما لها في الذي تثني به فكر |
بالله عالمة ٌ لله قائمة ٌ | في الله جاهدة ٌ في أمرهِ الأمرُ |
قالَ الخليلُ بها ستراً لحكمتهْ | وحجة ً للذي أودى بهِ الفكرُ |
وقد أتاها رسولُ اللهِ وهوَ بها | أدرى وأعلم فهو العالم البحر |
وما له في الذي يدريه من حكم | مثلٌ يعادلهُ عبدٌ ولا حرُّ |
القِل دان له والكثر دان له | فليسَ يعجزه قلٌّ ولا كثرُ |
اللهُ أعظمُ أنْ يحظى بهِ أحدٌ | وكيفَ يحظى بمن رداوهُ الكبرُ |
الكبرياءُ وما تحصى عوارفهُ | وليسَ يدري لها بجهلهمْ قدرُ |
إنَّ العوارفَ أستارُ المعارفِ لا | يدخلك في ذاك إشكال ولا نكر |
فعندها العجزُ عنْ إحصائها عدداً | وعندها أنها النائل النَّزرُ |
خزائنُ الجودِ ما انسدَّت مغالقُها | لو انتهت لانتهى في العالم الفقر |
وفقرهُ دائمٌ لا ينتهي أبداً | كذاكَ نائلهُ لا ينقضي عمرُ |
الفقرُ بالذاتِ ذاتيٌّ لصاحبهِ | ولوْ يدومُ لهُ منْ ربهِ اليسرُ |
ما قلتُ إلا الذي قالَ الإلهُ لنا | فينا ففي كلِّ يسرٍ مدرجٍ عسرُ |
إنَّ الإلهَ بلا حدٍّ يحددنا | معَ الزمانِ لذا كانَ اسمهُ الدهرُ |
لله قومٌ ذوو أعلم مقامهمُ | الشمسُ والتينُ والأحقافُ والفجرُ |
همُ النجوم التي الأفلاكُ مركبها | لا بل أقول هم الأحجارُ والتِّبر |
حازوا الكمالَ فلم يظفر بهم أحد | غيري لأنهم الأشفاعُ والوتر |
سكرى حيارى تراهم في محاربهم | وما لهمْ في سوى مطلوبهم فكرُ |
قد استوى عندهم من ليس يعرفهم | مع العليم بهم والسرُّ والجهر |
همُ الوجودُ ولكن لا وجودَ لهمْ | فليسَ يحجبهمْ نفعٌ ولا ضرُّ |
لهمْ منَ الفلكِ العلوي صورتهُ | ومنْ ثرى الأرضِ ما يأتي به الزهرُ |
منَ المطاعمِ والأنهارِ شربهمُ | الماءُ والعسلُ النحليُّ والخمرُ |
وشربهم لبنٌ يأتي بهِ بقرٌ | هذا شرابهمُ مما لهُ درُّ |
ويأكلونَ طعاماً ما لهُ صفة ٌ | منزَّهُ الطعمِ لا حُلْوٌ ولا مُرُّ |
مقامهمْ ما همْ فيهِ وحالهمُ | ما يشتهون فهم بهالِلُ غرّ |
لا يجهلونَ ولا تدري مقاصدهمُ | سكناهمُ المجلسُ المعمورُ والقبرُ |
خرسٌ إذا نطقوا عميٌ إذا نظروا | صمٌ إذا سمعوا إيمانُهم كفرُ |
لا يهتدونَ ولا يهدونَ صاحبهم | عمارُ أندية ٍ كثبانها حمرُ |