هذا المقام وهذه أسرارُه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هذا المقام وهذه أسرارُه | رُفع الحجاب فأشرقت أنوارُه |
وبدا هلالُ التمّ يسطعُ نورُه | للناظرين وزالَ عنه سرارُه |
فأنار روضَ القلبِ في ملكوته | وأتتْ بكلِّ حقيقة ٍ أشجارُهُ |
عند التنزُّلِ صحَّ ما يختارُه | قلبٌ أحاطت بالردى أستارُه |
وبدا النسيمُ ملاعباً أغصانَهُ | فهفتْ بأسرارِ العلى أطيارُهُ |
جادتْ على أهل الروائح مِنّة | منهُ برياً طيبها أزهارهُ |
هامَ الفؤاد بحبهِ فتقدستْ | أوصافه وتنزَّهَت أفكارُه |
وتنزلَ الروح الأمينُ لقلبهِ | يومَ العروبة فانقضتْ أوطارُهُ |
إنَّ الفؤادَ معَ التنزلِ واقفٌ | ما لم يصح إلى النزيل مطارُه |
منْ كانَ يشغله التكاثرُ لمْ يكنْ | بعثته يومَ ورودِه اكثاره |
منْ فتيء لحقيقة ٍ يصبرْ على | |
من يدعي أنَّ الحبيبَ أنيسهُ | في حالهِ فدليلهُ استبشارُهُ |
من يدعي حكمَ الكيانِ فإنَّه | قدْ تيمتهُ بحبها أغيارُهُ |
منْ كانَ يزعمُ أنَّه من آله | سبحانه فشهوده أذكاره |
شهداء منْ نالَ الوجودُ شعارهُ | أمر يعرّف شرعه ودثاره |
وأنينهُ مما يجنُّ وصمتهُ | عنه وعبرة وجده وأواره |
ما نال من جعل الشريعة َ جانباً | شيا وَلو بلغ السماء منارُه |
الحالُ إما شاهدُ أو واردُ | تجري على حكم الهوى آثارُه |
والناسُ إما مؤمن أو جاحدٌ | أو مدَّعٍ ثوبُ النفاقِ شعارُه |
المنزلُ العالي المنيفُ بناؤه | واهٍ متى ما لم تقم عماره |
لأوائها حتى يرى مقداره | فلك على نيل المقامِ مداره |
لو كان تسعده النفوسُ وإنما | حجبتهُ عنْ نيلِ العلى أوزارهُ |
فإذا أتته عناية من ربِّه | في الحال حِفَّ ببابه زوّارُه |
ورأيته لما تخلص روحه | من سجنهِ أسرى بهِ جبارُهُ |
وقد امتطى رحبَ اللبانِ مدبراً | يدعى الباقَ قما يشقُّ غبارُهُ |
تهوى به الهُوج الشِّداد فيرتمي | نحوَ الطباقِ وشهبهنَّ شفارُهُ |
ما زالَ ينزلُ كلِّ نورٍ لائحٍ | من جانبيه فما يقرّ قرارُه |
حتى بدت شمسُ الوجود لقلبه | وبدا لعينِ فؤادِهِ إضمارُهُ |
وتلاقتِ الأرواحُ في ملكوتهِ | فتواصلتْ ببحارهِ أنهارُهُ |
مدَّ اليمينَ لبيعة ِ مخصوصة ً | أبدى لها وجهَ الرضى مختارُهُ |
لمَّا بدا حسنُ المقامِ لعينهِ | عقدتْ عليهِ خلاقة ً أزرارهُ |
ثم التوى يطوي الطريق لجسمه | ليلاً حذارِ أنْ يبوحَ نهارُهُ |
وأتتْ ركائبهُ لحضرة ِ ملكهِ | بودائع يعتادها أبرارُه |
وتوجهتْ سفراؤه بقضائِهِ | في كلِّ قلبٍ لمْ يزلْ يختارُهُ |
وحمت جوانبه سيوفَ عزائم | منه وطاف ببابه سُمَّارُه |
أين الذين تحققوا بصفاته | هذه العداة َ فأينَ همْ أنصارُهُ |
منْ يدعي حبَّ الإمام فإنَّما | قذفتْ بهِ نحوَ المنونِ بحارُهُ |
وسطا على جيش الكيانِ بصارمٍ | غضبِ المضاربِ لا يفلُّ غرارُهُ |
مَنْ يهتدي أهلُ النهى بمناره | ذاك الخليفة تُقتفى أثارُه |
إنّ الذين يبايعونكَ إنهم | ليبايعونَ منْ اعتلتْ أسرارُهُ |
فيمينكَ الحجرُ المكرمُ فيهمِ | يا نصبة خضعتْ له أخياره |
يا بيعة الرضوان دمت سعيدة | حتى تعطل للإمامِ عشارُهُ |
إنَّ الديارَ بلاقعٌ ما لمْ يكنْ | صفواً للجينِ نزيلها ونضارهُ |
المالُ يصلح كل شيءٍ فاسدٍ | وبه يزول عنِ الجوادِ عثارُهُ |