إذا ما ذكرتَ اللهَ في غسق الدجى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إذا ما ذكرتَ اللهَ في غسق الدجى | دُجى الجسمِ لو عند الصباحِ إذا بدا |
صباحُ الذي يحيى به الجسم عندما | هوَ الروحُ لكنْ بالمزاجِ تبلدا |
فلا يأخذُ الأشياءَ منْ غيرِ نفسهِ | ولكن بآلاتٍ بها سرُّه اهتدى |
فأمسى فقيراً بعد أن كان ذا غنى | وأصبحَ عبداً بعدَ أنْ كان سيدا |
لقد خلته رُوحاً كريماً منزهاً | فأصبح ريحاً عنصرياً مُجسَّدا |
وكانَ جليساً للخضارمة ِ العلى | بمقعدِ صدقٍ للنفوسِ مؤيدا |
لقد كان فيهم ذا وقار وهيبة ٍ | فلما ارتدى الجسمَ الترابيَّ ألحدا |
وأجرى له نهراً من الخمر سائغاً | فلمَّا تحسى شربة ً منهُ عربدا |
وكان له فوق السموات مشهدٌ | فلمَّا رأى الأرضَ الأريضة أخلدا |
وكان لما يلقاه بالذاتِ قائلاً | وكانَ إذا ما جاءَه الوحيُ أسجدا |
وقدْ كانَ موصوفاً فأصبحَ واصفاً | كما كانّ ذا قصدٍ فأصبحَ مقصدا |
كما كانَ فيما نالَ منهُ موحداً | فأصبح فيما نيل منه موحدا |
وفي عالمِ البعدِ الذي قدْ رأيتهُ | رأيتُ لهُ في حضرة ِ القربِ مقعدا |
ولما تجلّى مَن تجلى بنعتهم | رأيتهمُ خرّوا بكياً وسجّدا |
وأصعقهمْ وحيٌ من اللهِ جاءهمْ | فلمَّا أفاقوا قلتُ : ماذا فقال: دا |
أصابهمُ في حالِ نشأة ِ ذاتهم | ولن يصلحَ العطارُ ما الدهر أفسدا |
فقلت: وهل ميزتني في رعيلهم | فقالَ : وهل عبدٌ يصيرُ مسودا |
جعلتكمُ في أرضِ كوني خليفة ً | وأبلستُ منْ ناداكَ فيها وفندا |
وأسجدتُ أملاكي وكانوا أئمة | لرتبتك العليا فأمسيت معبدا |
نهيتك عن أمر فقاربته ولم | نجد لك عزماً إذ نرى منك ما بدا |
وقمت لكم فيه بعذر مُبين | بوّئت داراً خالداً ومخلدا |
كما قال من أغواكمُ غير عالم | بما قالهُ إذْ قالَ قولاً مسددا |
وحار بخسران إلى أصل خلقه | كنورِ سِراجٍ في ظلام توقَّدا |
يضيء لإبصارٍ ويحرقُ ذاته | عن أمر إلهي أتاه فما اعتدى |