أتظنُّ راحاً في الشَّمالِ شمولا
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
أتظنُّ راحاً في الشَّمالِ شمولا | أتظنُّها سكرى تجرُّ ذيولا |
نثرتْ ندى أنفاسها فكأنّما | نَثرَتْ حِبالاتِ الدُّموعِ همولا |
أوَ كلَّما جنحَ الأصيلُ تنفَّستْ | نفساً تجاذبهُ إليَّ عليلا |
تهدى صحائفكمْ منشَّرة ً وما | تُغني مُراقَبَة ُ العُيونِ فَتيلا |
لا تغمِضُوا نَظَرَ االرضا فلربَّما | ضمَّتْ عليهِ جناحها المبلولا |
وكأنّ طَيْفاً ما اهتَدى فبعثْتُمُ | مِسكَ الجيوب الرَّدْعَ منه بَديلا |
سأروعُ من نضمَّت حجالكمُ وإن | غَدَتِ الأسِنّة ُ دونَ ذلك غِيلا |
أعصي رِماحَ الخطِّ دونكِ شُرّعاً | و أطيعُ فيكِ صبابة ً وغليلا |
بَشراً وأنقَذَ فيكم التَفصيلا | يَهْمي نفوساً أو يُقَدَّ فُلولا |
ما للمعالمِ والطُّلولِ أما كفا | بالعاشقينَ معالماً وطلولا |
فكأنّنَا شَمْلُ الدّموعِ تَفَرُّقاً | و كأنَّنا سرُّ الوداعِ نحولا |
ولقد ذممْتُ قصيرَ ليلي في الهوى | وحَمِدتُ من مَتْنِ القناة ِ طويلا |
إنّي لَتُكْسِبُني المَحامِدَ هِمّة ٌ | نجمتْ وكلَّفتِ النُّجومَ أفولا |
بكرتْ تلومُ على النَّدى أزديَّة ٌ | إلاَّ لِيصْفَحَ قادراً وتنِيلا |
يا هذهِ إن يفنَّ فارطُ مجدهم | فخذي إليكِ النِّيلَ والتَّنويلا |
يا هذهِ لولا المساعي الغرُّ ما | زعموا أباكِ الماجدَ البهلولا |
إنَّ لينجدنَا السَّماحُ على الَّتي | تذرُ الغمامَ المستهلَّ بخيلا |
وتَظُنُّ في لَهَواتِنا أسيافَنَا | سَيَّرتُهَا غُوَراً لكُمْ وحُجُولا |
هذا ابنُ وَحيِ اللهِ تأخُذُ هَدْيَها | لو لم يَفِضْ لك في البرِيّة ِ نائِلٌ |
ذو النُّورِ تُولِيهِ مكارمُ هاشِمٍ | شُكْراً كنائِلِهِ الجزيلِ جزيلا |
لا مثلَ يومِ منهُ يومُ أدلَّة ٍ | تهدي إلى المتفقِّهينَ عقولا |
في مَوسِمِ النَّحُرِ السَّنيعِ يَرُوقُني | فأغضُّ طرفاً عن سناهُ كليلا |
والجوُّ يَعثِرُ بالأسِنّة ِ والظُّبَى | و الأرضُ واجفة ٌ تميلُ مميلا |
والخافِقاتُ على الوشيجِ كأنّما | حاولنَ عندَ المعصراتِ ذحولا |
و الأسدُ فاغرتٌ تمطِّي نيبها | والدّهْرُ يَنْدُبُ شِلْوَهُ المأكولا |
و الشَّمسُ حاسرة ُ القناعِ وودُّها | لو تستطيعُ لتُربِهِ تقبيلا |
وعلى أميرِ المؤمنِينَ غمامَة ٌ | نشأتْ تظلِّلُ تاجهُ تظليلا |
نهضتْ بثقلِ الدُّرِّ ضوعفَ نسجها | فَجَرَتْ عليه عَسجداً محلولا |
أمُديرَها من حيثُ دارَ لَشَدّ مَا | زاحمتَ حولَ ركابهِ جبريلا |
ذعرتْ مواكبهُ الجبالَ فأعلنتْ | هضباتها التَّكبيرَ والتَّهليلا |
قد ضمّ قطريها العجاجُ فما ترى | بينَ السِّنانِ وكعبهِ تخليلا |
رُفِعَتْ له فيها قِبابٌ لم تكُنْ | ظُعْناً بأجراعِ الحِمى وحمولا |
أيكِيّة ِ الذهَبِ المرصَّعِ رَفَرفَتْ | فبها حمامٌ ما دعونَ هديلا |
وتُبَاشِرُ الفلكَ الأثيرَ كأنّمَا | تَبغي بهِنَّ إلى السماء رَحيلا |
تدنى إليها النُّجبُ كلُّ عذافرٍ | يهوي إذا سارَ المطيُّ ذميلا |
تتعرَّفُ الصُّهبُ المؤثَّلَ حولهُ | نَسَباً وتُنكِرُ شَدقماً وجَديلا |
و تجنُّ منهُ كلُّ وبرة ِ لبدة ٍ | لَييْثاً وَيحمِلُ كُلُّ عُضْوٍ فيلا |
وتَظُنَّهُ مُتَخمِّطاً من كِبْرِهِ | وتَخَالهُ متنمِّراً لِيَصُولا |
و كأنّما الجردُ الجنائبُ خرَّدٌ | سفرتْ تشوقُ متيَّماً متبولا |
تَبْدو عليها للمعِزِّ جَلالَة ٌ | فيكونُ أكثرُ مشيها تبجيلا |
ويَجِلُّ عنها قَدرُه حتى إذا | راقتهُ كانتْ نائلاً مبّذولا |
من كلّ يعبوبٍ يحيدُ فلا ترى | إلاّ قَذالاً سامِياً وتَلِيلا |
و كأنّ بينَ عنانهِ ولبانهِ | رشأً يريعُ إلى الكناس خذولا |
لَوْ تَشْرَئِبُّ لهُ عقيلة ُ رَبْرَبٍ | ظنّتهُ جؤذرا رملها المكّحولا |
إنْ شِيمَ أقبَلَ عارضاً مُتهلِّلاً | أو ريعَ أدبرَ خاضباً إجفيلا |
تَتَنزّلُ الأروى على صَهَواتِهِ | ويبِيتُ في وَكْرِ العُقابِ نزيلا |
يهوي بأمِّ الخشفِ بينَ فروجهِ | ويُقَيِّدُ الأدمانَة َ العُطْبُولا |
صلتانة ُ يعنفُ بالبروقِ لوامعاً | ولقد يكونُ لأمّهِنّ سَليلا |
هذا الذي ملأَ القلوبَ جلالة ً | هذا الَّذي تركَ العزيزَ ذليلا |
فإذا نظرتَ نظرة َ غيرَ مشبَّهٍ | إلاّ التِماحَكَ رايَة ً ورَعِيلا |
يوْمٌ تجلّى الله من مَلَكُوتِهِ | فرآكَ في المرأى الجليلِ جَلِيلا |
جلَّيتَ فيهِ بنظرة ٍ فمنحتهُ | نظراً برؤية ِ غيرهِ مشغولا |
وتَحَلّتِ الدّنْيا بسِمْطَيْ دُرِّهَا | فرأيتها شخصاً لديكَ ضئيلا |
و لحظتَ منبركَ المعلَّى راجفاً | من تحتِ عِقْدِ الرّايَتَينِ مَهُولا |
مسدولَ سترِ جلالة ٍ أنطقتهُ | فرفعْتَ عن حِكَمِ البيانِ سُدُولا |
وقَضَيْتَ حَجَّ العامِ مُؤتَنِفاً وقَدْ | وَدَّعْتَ عاماً للجِهادِ مُحِيلا |
وشَفعْتَ في وَفْدِ الحجيجِ كأنّما | نفَّلتهم إخلاصكَ المقبولا |
و صدرتَ تحبو النّاكثين مواهباً | هَزّتْ قَؤولاً للسّماحِ فَعُولا |
و هي الجرائمُ والرَّغائبُ ما التقتْ | |
قد جُدْتَ حتى أمَّلَتْكَ أُمَيّة ٌ | لو أنَ وِتْراً لم يُضِعْ تأميلا |
لم يخْلُ جَبّارُ المُلوكِ بِذِكْرِهِ | إلاّ تَشَحَّطَ في الدماء قتيلا |
و كأنّ أرواحَ العدى شاكلنهُ | فإذا دعا لبّى الكميَّ عجولا |
وإذا اسْتَضاء شِهابَهُ بطلٌ رأى | صُوَرَ الوقائعِ فوقه تَخْييلا |
و غذا تدبَّرهُ تدبَّرَ علّة ً | للنَّيرَاتِ ونَيّراً مَعْلُولا |
لكَ حسنهُ متقلَّداًو بهاؤهُ | متنكبَّاً ومضاؤهُ مسلولا |
كتَبَ الفِرنْدُ عليه بعضَ صِفاتكُمْ | فعرفتُ فيهِ التاجَ والإكليلا |
قد كاد يُنْذِرُ بالوعِيدِ لِطولِ مَا | أصغى إليك ويعلمْ التأويلا |
فإذا غضبتَ علتهُ دونكَ ربدة ٌ | يغدو لها طرفُ النهارِ كليلا |
و إذا طويتَ على الرَّضى اهدى إلى | شمس الظَّهيرة ِ عارضاً مصقولا |
سمّاهُ جدُّكَ ذا الفقارِ وإنّما | سمّاهُ منْ عاديتَ عزرائيلا |
و كأنْ بهِ لم يبقِ وتراً ضائعاً | في كربلاءَ ولا دَماً مَطلولا |
أو ما سمعتمْ عن وقائعهِ التي | لم تبقِ إشراكاً ولا تبديلا |
سارتْ بها شيعُ القصائدِ شرَّداً | فكَأنّما كانَتْ صَباً وقَبُولا |
حتى قَطَعْنَ إلى العراقِ الشأمَ عن | عُرُضٍ وخُضنَ إلى الفُراتِ النيلا |
طلعتْ على بغداد بالسَّيرِ الَّتي | سيَّرتها غرراً لكمْ وحجولا |
أجْلينَ مِنْ فِكَري إذا لم يسمعوا | لسيوفهنَّ المرهفاتِ صليلا |
و لقد هممتُ بأنْ أفكَّ قيودها | لمّا رأيتُ المحسنينَ قليلا |
حتى رأيتُ قصائي منحولة ً | و القولَ في أمِّ الكتابِ مقولا |
وَلَئِنْ بَقِيتُ لأُخْلِيَنَّ لِغُرِّهَا | ميدانَ سبقي مقصراً ومطيلا |
حتى كأنِّي ملهمٌ وكأنَّها | سورٌ أرتِّلُ آياتها ترتيلا |
تلك المهنَّدة ُ الرِّقاقُ فلولا | |
ولقد رأيتُكَ لا بلَحْظٍ عاكِفٍ | فرأيتُ من شيمِ النبيّ شكولا |
و لقد سمعتكَ لا بسمعي هيبة ً | لكنْ وجدَتُكَ جوهراً معقولا |
أبني النّبوّة ِ هل نبادرُغاية ً | و نقولُ فيكم غيرَ ما قد قيلا |
إنّ الخبيرَ بكم أجَدَّ بخُلقكم | غيباً فجرَّدَ فيكمُ التنزيلا |
آتاكمُ القدسَ الذي لم يؤتهِ | بشراً وأنفذَ فيكمُ التَّفضيلا |
إنّا إستلمنا رُكْنَكُم ودَنوتُمُ | حتى استلمتمْ عرشهُ المحمولا |
فوصلتُمُ ما بيْنَنَا وأمدَّكُمْ | برهانهُ سبباً به موصولا |
ما عذركم أن لا تطيبَ فروعكمْ | ولقد رسختُمْ في السماء أُصولا |
أعطتكم شمُ الأنوفِ مقادة ً | وركبتُمُ ظَهْرَ الزّمانِ ذَلولا |
خَلّدْتُمُ في العبشمِيّة ِ لَعْنَة ً | خلقتْ وما خلقوا لها تعجيلا |
راعَتْهُمُ بكمُ البُروقُ كأنّمَا | جرَّدتموها في السحابِ نصولا |
في مَن يظُنّونَ الإمامة ٍ منهُمُ | إنْ حصّلتْ أنسابهمْ تحصيلا |
مِنْ أهْلِ بَيْتٍ لم يَنالوا سَعْيَهُم | من فاضلٍ عدلوا به مفضولا |
لا تَعْجَلوا إنّي رأيتُ أناتَكْمْ | وطئاً على كتدِ الزمان ثقيلا |
أمُتَوَّجَ الخُلَفاءِ حاكِمْهُم وإنْ | كان القضاءُ بما تشاءُ كفيلا |
فالكتبُ لولا أنّها لكَ شهَّدٌ | ما فُصِّلَتْ آياتُهَا تفصيلا |
الله يَجزيكَ الذي لم يَجْزِهِ | |
و لقد براكَ وكنتَ موثقهُ الذي | أخذَ الكِتابَ وعهْدَهُ المسؤولا |
حتى إذا استرعاكَ أمرَ عِبادهِ | أدْنَى إليهِ أباكَ إسماعيلا |
من بينِ حجبُ النُّور حيثُ تبوّأتْ | آباؤهُ ظِلَّ الجِنانِ ظَليلا |
أدّى أمانتهُ وزيدَ منَ الرّضى | قرباً فجاورهُ الإلهُ خليلا |
ووَرثتَهُ البُرْهانَ والتِّبيانَ والـ | ـفُرْقانَ والتّوراة َ والأنجيلا |
وعلمتُ منْ مكنونِ علمِ اللهِ ما | لمْ يؤتِ جبريلاً وميكائيلا |
لو كنتَ آوِنَة ً نَبِيّاً مُرْسَلاً، | نُشرَتْ بمبعثِكَ القُرونُ الأولى |
أو كنتَ نُوحاً مُنذِراً في قومِهِ | ما زادَهم بدُعائهِ تَضليلا |
لله فيكٍ سريرَة ٌ لوْ أُعلِنَتْ | أحيا بذكركَ قاتلٌ مقتولا |
لو كانَ أعطَى الخَلْقَ ما أُتيتَهُ | لم يَخْلُقِ التّشبيهَ والتمثيلا |
لولا حجابٌ دونَ علمكَ حاجزٌ | وَجَدوا إلى عِلمِ الغُيُوبِ سَبيلا |
لولاكَ لمْ يكنْ التّفكرُ واعظاً | والعقلُ رُشْداً، والقياسُ دَليلا |
لو لم تكُنْ سَبَبَ النّجاة ِ لأهْلِها | لم يُغْنِ إيمانُ العِبادِ فَتيلا |
لو لم تُعَرِّفْنا بذاتِ نُفُوسِنا | كانتْ لدينا عالماً مجهولا |
لو لمْ يفضْ لكَ بالبريّة ِ نائلٌ | كانَت مُفوَّفَة الرّياضِ مَحُولا |
لو لم تكن سكَنَ البلادِ تَضَعضَعتْ | ولَزُيِّلَتْ أركانُها تَزييلا |
لو لمْ يكنْ فيكَ اعتبارٌ للورى | ضَلُّوا فلم يَكُنِ الدليل دليلا |
نَبِّهْ لنا قَدْراً نَغيظُ بهِ العِدَى | فلقدْ تجهمنا الزّمانُ خمولا |
لو كنتَ قبلَ تكونُ جامعَ شملنا | ما نيلَ منْ حُرماتنا ما نيلا |
نَعْتَدُّ أيْسَرَ ما ملكتَ رقابَنَا | وأقَلَّ ما نَرجو بكَ المَأمولا |