أقوى المُحَصَّبُ من هادٍ ومن هِيدِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أقوى المُحَصَّبُ من هادٍ ومن هِيدِ | وودّعونا لطيّاتٍ عباديدِ |
ما أنسَ لا أنسَ إجفالَ الحجيجِ بنا | و الرّاقصاتِ من المهريّة ِ القُود |
ذا موقفُ الصُّبّ من مرمى الجمار ومن | مَشاخبِ البُدْنِ قَفْراً غير معهود |
و موقفُ الفتياتِ النَّاسكاتِ ضحى ً | يَعْثُرْنَ في حِبَراتِ الفِتية ِ الصِّيدِ |
يُحْرِ من في الرَّيطِ من مثنَى وواحدة ٍ | و ليسَ يحرِمن إلاّ في المواعيدِ |
ذواتُ نَبْلٍ ضَعافٍ وهي قاتلة ٌ | وقد يُصِيبُ كَمِيّاً سَهمُ رِعديد |
قد كنتُ قَنّاصَها أيّامَ أذعَرُها | غِيدَ السّوالفِ في أياميَ الغِيدِ |
إذ لا تبيتُ ظباءُ الوحشِ نافرة ً | ولا تُراعُ مَهاة ُ الرملَ بالسيِّد |
لامثلَ وجدي بريعانِ الشباب وقدْ | رأيتُ أملودَ غصني غيرَ أُملود |
والشيبُ يضربُ في فوديّ بارقه | والدّهْر يَقدَحُ في شمْلي بتَبديدِ |
ورابَني لَوْنُ رأسي إنّه اختلفتْ | فيه الغمائمُ من بِيضٍ ومن سود |
إن تبكِ أعيُنُنا للحادثات فقدْ | كَحلننا بعد تغميضٍ بتسهيد |
وليسَ ترضى اللّيالي في تصرّفها | إلاّ إذا مزجتْ صاباً بقنديد |
لأعرقنّ زماناً راب حادثهُ | إذا استَمَرّ فَألقَى بالمَقَالِيدِ |
في اللهِ تصديقُ من أملٍ | وفي المُعِزّ مَعِزِّ البأس والجُود |
الواهِبِ البَدَراتِ النُجلِ ضاحِيَة ً | أمثالِ أسِنمَة ِ البُزْلِ الجَلاعيدِ |
مصارعَ القَتل أو جاؤوا لموعود | مندَّدِ السمْع في النّادي إذا نودي |
لكلّ صوتٍ مجالٌ في مسامعهِ | غيرِ العنيفينِ من لومٍ وتفنيدِ |
وعندَ ذي التاجِ بيضُ المكرماتِ وما | عندي له غيرُ تمجيدٍ وتحميد |
أتبعتهُ فكري حتى إذا بلغتْ | غاياتها بين تصويبٍ وتصعيد |
رأيتُ موضعَ برهانٍ يبينُ وما | رأيتُ موضعَ تكفيفٍ وتحديد |
وكان منقذَ نفسي من عمايتها | فقلتُ فيهِ بعلْمٍ لا بتقليدِ |
فمن ضميرٍ بصدْقِ القوْلَ مشتملٍ | خُزْرِ العيونِ ومن شُوسٍ مذاويد |
ما أجزلَ اللهُ ذخري قبل رؤيتهِ | ولا انتَفعَتُ بإيمانٍ وتوحيد |
للهِ منْ سببٍ باللهِ متّصلٍ | وظِلِّ عدلٍ على الآفاقِ ممدود |
هادي رشادٍ وبرهانٍ وموعظة ٍ | وبيَّناتٍ وتوفيقٍ وتسْديد |
ضِياءُ مُظلمة ِ الأيّامِ داجيَة ٍ | وغيثُ ممحلة ِ الكنافِ جارود |
ترى اعاديه في أيام دولتهِ | ما لا يرى حاسدٌ في وجهِ محسود |
قد حاكمتْهُ ملوكُ الرّوم في لجبٍ | وكانَ لله حكمٌ غيرُ مَردود |
إذ لا ترى هبرزيّاً غيرَ منعفرٍ | منهم ولا جاثليقاً غيرَ مصفود |
قضيتَ نحبَ العوالي من بطارقهمْ | وللدّ ماسقِ يومٌ جدُّ مشهود |
ذَمّوا قَناكَ وقد ثارَتَ أسِنّتُها | فما تركْنَ وَريداً غيرَ مَورود |
أعيا عليه : أيرجو أم يخافُ وقد | رآك تُنْجِزُ مِنْ وعدٍ وتوعيدِ |
وقائعٌ كَظَمَتْهُ فانْثنى خَرِساً | كأنّما كَعَمَتْ فاه بجُلمود |
حَمَيْتَهُ البَرَّ والبَحرَ الفضاءَ معاً | فما يَمُرّ ببابٍ غيرِ مَسدود |
يرى ثُغورَكَ كالعَينِ التي سَلِمتْ | بين المَرَوراتِ منها والقَراديد |
يا رُبّ فارعة ِ الأجيالِ راسِيَة ٍ | منها وشاهقة ِ الأكنافِ صَيخود |
دنا ليمنعَ ركنيها بغاربه | فباتَ يَدعمُ مهدوداً بمهدود |
قد كانتِ الرّومُ محذوراً كتائبها | تدني البلادَ على شحطٍ وتبعيد |
ملكٌ تأخّر عهدُ الرّومِ من قدمٍ | عنه كأن لم يكن دهراً بمعهود |
حلّ الذي أحكموه في العزائم منْ | عقدٍ وما جرّبوه في المكائيد |
وشاغَبوا اليمَّ ألفَيْ حِجّة ٍ كَمَلاً | وهم فوارسُ قاريّاتِهِ السُّود |
فاليومَ قد طمستْ فيه مسالكهم | من كلّ لاحبِ نَهْجِ الفُلْكِ مقصود |
لو كنتَ سائلهم في اليمّ ما عرفوا | سفعَ السّفائن من عفرِ الملاحيد |
هَيهاتَ راعَهُمُ في كلّ مُعْتَرَكٍ | مللُ الملوكِ وصنديدُ الصّناديد |
من مَعَشرٍ تَسَعُ الدنيا نفوسُهُمُ | ولا يبيتُ على أحناءِ مفؤود |
ذو هيبة ٍ تُتّقيَ من غيرِ بائقة ٍ | وحِكمة ٍ تُجْتَنى من غيرِ تعقيد |
من معشرٍ تسعث الدنيا نفوسهمُ | والناسُ ما بينَ تضييقٍ وتنكيد |
لو أصحروا في فضاءٍ من صدورهمُ | سدّوا عليكَ فروجَ البيدِ بالبيد |
اولئك الناسُ أن عدّوا بأجمعهم | ومَن سواهم فَلَغْوٌ غيرُ معدود |
والفرقُ بين الوَرَى جمْعاً وبينَهُمُ | كالفرقِ ما بينَ معدومٍ وموجود |
إن كانَ للجودِ بابٌ مرتجٌ غلقٌ | فأنتَ تُدْني إليَهِ كلّ إقليدِ |
كأنَّ حلمكَ أرسَى الأرض أو عُقدتْ | به نواصي ذرى أعلامها القودِ |
لكَ المواهبُ أولاها وآخرها | عطاءُ ربٍّ عطاءٌ غيرُ مجدودِ |
باقٍ ومن أثَرٍ في النّاسِ محمودِ | باقس ومن أثرٍ في النّاسِ محمودِ |
لو خلّدَ الدّهرُ ذا عزّ لعزّتهِ | كنتَ الحقَّ بتعميرٍ وتخليدِ |
تَبلى الكرامُ وآثارُ الكرامِ وما | تَزدادُ في كلّ عَصرٍ غيرَ تجديدِ |