أيَعْلَمُ قَبْرٌ بالجُنَيْنَة ِ أنّنَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أيَعْلَمُ قَبْرٌ بالجُنَيْنَة ِ أنّنَا | أقمنا به ننعي الندى والمعاليا |
حَطَطْنَا، فَحَيّيْنَا مَسَاعِيهِ أنّهَا | عِظَامُ المَساعي لا العِظام البَوَالِيَا |
مَرَرْنَا بِهِ، فَاستَشْرَفَتْنَا رُسُومُه | كما استشرَفَ الرّوْضُ الظّباءَ الجوَازِيَا |
وما لاح ذاك الترب حتى تحلبت | من الدمعِ أوشال ملأن المآقيا |
نَزَلْنَا إلَيْهِ عَنْ ظُهُورِ جِيَادِنَا | نكفكف بالأيدي الدموع الجواريا |
وَلمّا تَجاهَشنا البُكَاءَ وَلمْ نُطِقْ | عن الوجد أقلاعاً عذرنا البواكيا |
أقول لركب رائحين تعرجوا | أُرِيكُمْ بِهِ فَرْعاً من المَجْدِ ذاوِيَا |
المّوا عليه عاقرين فإننا | إذا لمْ نَجِدْ عَقراً عَقَرْنا القَوَافِيَا |
وحطّوا به رحل المكارم والعلى | وكبّوا الجفان عنده والمقاريا |
وَلَوْ أنْصَفُوا شَقّوا عَلَيهِ ضَمَائِراً | وَجَزّوا رِقَاباً بالظُّبَى لا نَوَاصِيَا |
وَقَفنا، فأرْخَصْنَا الدّموعَ، وَرُبّما | تَكُونُ عَلى سَوْمِ الغَرَامِ غَوَالِيَا |
ألا أيّهَا القَبرُ الذي ضَمّ لَحْدُهُ | قَضِيباً عَلى هَامِ النّوَائِبِ مَاضِيَا |
هَلِ ابنُ هِلالٍ مُنذُ أوْدَى كعَهدِنا | هلالاً على ضوءِ المطالع باقيا |
وتلك البنان المورقات من الندى | نَوَاضِبُ مَاءٍ أوْ بَوَاقٍ كمَا هِيَا |
فإنْ يَبلَ مِنْ ذاكَ اللّسانِ مَضَاؤهُ | فإنّ بِهِ عُضْواً مِنَ المَجْدِ بَاقِيَا |
يُجيبُ الدّوَاعي جَائِداً وَمُدافِعاً | هناك مرمّ لا يجيب الدواعيا |
وما كنت آبى طول لبثٍ بقبره | لَوَ أنّي، إذا استَعدَيتُهُ، كانَ عادِيَا |
ترى الكلم الغرَّات من بعد موته | نَوَافِرَ عَمّنْ رَامَهُنّ، نَوَائِيَا |
هُوَ الخاضِبُ الأقلامِ نَالَ بهَا عُلًى | تقاصر عنها الخاضبون العواليا |
معيد ضراب باللسان لو أنه | بِيَوْمِ وَغًى فَلّ الجُرَازَ اليَمَانِيَا |
مَرِيرُ القُوَى نَالَ المَعاليَ وَاثِباً | إذا غَيرُهُ نَالَ المَعاليَ حَابِيَا |
مَضَى لمْ يُمانِعُ عَنهُ قَلْبٌ مُشَيَّعٌ | إذا همّ لم يرجع عن الهمّ نابيا |
وَلا مُسنِدُوهُ بالأكُفّ عنِ الحَشَى | على جزع والمفرشوه التراقيا |
ولا ردّ في صدرِ المنون براحة | يَرُدّ بهَا سُمْرَ القَنَا وَالمَوَاضِيَا |
خَلا بَعدَكَ الوَادي الذي كنتَ أُنسَهُ | وَأصْبَحَ تَعْرُوهُ النّوَائِبُ وَادِيَا |
أرَاحَتْ عَلَيْنَا ثَلّة ُ الوَجْدِ تَرْتَعي | ضَمَائِرَنَا أيّامَهَا وَاللّيَالِيَا |
وَلَوْلاكَ كانَ الصّبرُ مِنْكَ سَجِيّة ً | تراثاً ورثناه الجدود الأَواليا |
رَضِيتُ بحُكْمِ الدّهْرِ فيكَ ضَرُورَة ً | ومن ذا الذي يغدو بما ساء راضيا |
وطاوعت من رام انتزاعك من يدي | وَلَوْ أجِدُ الأعوَانَ أصْبَحتُ عَاصِيَا |
وطأمنت كيما يعبر الخطب جانبي | فَألقَى عَلى ظَهْرِي وَجَرّ زِمَامِيَا |
ملأت بمحياك البلاد فضائلاً | وَيَمْلأُ مَثْوَاكَ البِلادَ مَنَاعِيَا |
كمَا صَمّ عَالي ذِكرِكَ الخَلقَ كُلَّهُ | كَذاكَ أقَمْتَ العَالَمِينَ نَوَاعِيَا |
رَثَيتُكَ كَيْ أسلوكَ فازْدَدتُ لَوْعة ً | لأنّ المَرَاثي لا تَسُدّ المَرَازِيَا |
وَأعلَمُ أنْ لَيسَ البُكاءُ بِنَافِعٍ | عليكَ ولكنّي أُمنّي الأمانيا |