هُوَ الدّهْرُ فِينَا خَلِيعُ اللّجَامِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هُوَ الدّهْرُ فِينَا خَلِيعُ اللّجَامِ | فَطَوْراً يُغِيرُ، وَطَوْراً يُحَامي |
وإنّي أروّعه بالودا | عِ، حَتّى يُخَادِعَني بالسّلامِ |
فَمَنْ عَرَفَ العَيشَ خَبّتْ بِهِ | عَزَائِمُهُ في طَرِيقِ الحِمَامِ |
أُرِيدُ مِنَ الدّهْرِ حَظّ الجَبَا | ن لا قَدْرَ حظ الشّجاع الهمام |
فأيّ منى ً لم يسمها نوالي | وَأيُّ عُلًى لمْ يَطَأها اعتِزَامي |
قَطَعْتُ مُفَازَة َ هَذا الرّجَاءِ | ولكنّ جدي بعيد المرام |
أُخَفّضُ عَزْميَ عَنْ رتْبَة ٍ | أُبَلَّغُهَا بالحُظُوظِ السّوَامي |
لعاً لمناي وإن لم تصب | فَمَا عَثَرَتْ بِرَجَاءِ اللّئَامِ |
وَمَا احتَشَمَتْ مِن يَدَيّ النّصُو | ل إلاَّ مهزة نصل كهام |
ألَمْ يَشرَبِ الصّبرَ قَلْبي، وَلا انْـ | انثني مرحاً والعوالي ظوامي |
ألم أسرِ في ليلها والعجا | جُ يُلْحِمُ بَينَ الرّعيلِ اللُّهَامِ |
أُكَلِّلُ بالطّعْنِ يَوْمَ النّزَالِ | خُدُوداً تَشُفّ لِغَيرِ اللِّطَامِ |
إذا عَصْفَرَ الخَوْفُ مَاءَ الوُجُوه | رآها من الدم حمر الوسام |
عدوّيَ اقع على ذلة | فكم زلّ من أخمص عن مقامي |
شَمَخْتَ عَليّ بِأنْفٍ رَأيْـ | ـتَ مَعْطِسَهُ دامِياً مِنْ زِمَامي |
وأصبحت تعطو بعين الأبي | وَذِفرَاكَ مَقرُوحَة ٌ مِنْ لِجَامي |
تَرُومُ ابتِزَازِيَ فَضْلي، وَذاكَ | إذاً فكّ أطواق ورق الحمام |
أما يحلم الدهر في فتية | أماتوا الملام بجهل المدام |
عُقَارٌ يُلاحِظُ مِنْهَا الكُؤو | سَ أفْوَاهُنَا بِجُفُونٍ دَوَامِ |
وَأيّامُنَا مِنْ خُمَارِ الشّبَابِ | نشاوى تجر ذيول العرام |
أُعِيذُكَ مِنْ خَجَلاتِ الهَوَى | إذا رَمَقَتْهُ عُيُونُ المَلامِ |
وإن يرشف الهجر ماء الوصال | وَأن يَهتِكَ العُذرُ سُجفَ الذّمامِ |
منحتك صدق ودادٍ يتوق | إلى رنقه كل هذا الأنام |
وَكَمْ لَيْلَة ٍ قَبْلُ أُثْكِلْتُهَا | وَأثْكَلْتَهَا فيّ طَيفَ المَنَامِ |
إلى أنْ بَدا فَجرُهَا مُسفِراً | يمزّق عنها فضول اللّثام |
تخادعنا نفحات النّسيم | إذا عَبِقَتْ بحَوَاشِي الظّلامِ |
وقد شملته شفوف الشّمال | وَرَصّعَ قُطْرَيْهِ قَطْرُ الرِّهَامِ |
تَثُورُ إلَيْهِ سَوَامُ اللّحَاظِ | وتسرح من حسنه في مسام |
وَلَوْ وَجَدَ الزّهْرُ وَجدي عَلَيْكَ | لاصْفَرّ فيهِ خُدُودُ الثَّغَامِ |
ذَعَرْتُ الهُمُومَ بِخَطّارَة ٍ | تَسيلُ بهَا في قُلُوبِ الإكَامِ |
تلثّم منسمها في الثرى | على الرّكض ميسم أيديَ النّعام |
وأنكحت أخفافها سيرها | لعزم ولودٍ وأمر عقام |
تخايل بين غريريَّة | زوافر تكسو الثرى باللغام |
وماء وردت على كروها | وَعَرّجْتُ عَنْهُ قَتيلَ الأُوَامِ |
مَرِيضِ المَشارِعِ مِمّا تُرِيقُ | عليه الرياح دموع الغمام |
يخيّل لي أنَّ نجم السما | ءِ يَرْعَدُ في صَفوِ تِلكَ الجِمام |
وَطِفْلَ الدُّجَى في حُجُورِ البِلا | د يطعم بالفجر مر الفطام |
تزاحم أنجمه للأَفو | لِ، وَالبَدْرُ في إثرِ ذاكَ الزّحَامِ |
ويهماء بالقيظ محجوبة | تُطالِعُنَا في هُبُوبِ السَّهَامِ |
تعقّل شارد وهج الهجير في | في جَوّهَا بِخُيُوطِ السُّهَامِ |
وبكر من القطر حتى كأنَّ ما | افتضها غير غيم جهام |
مماطلة ركبها بالورو | د إلاَّ أذا حان ورد القطامي |
قَطَعْتُ، وَكَالِئَتي هِمّة ٌ | إذا أسمَعَ الرّعبُ قالتْ: صَمامِ |
وملتهب السّرد عاري الرما | ح مرتعد البيض دامي الحوامي |
قَليلِ حَيا الرّمحِ عِندَ الطّعانِ | وَقُورِ الجَوَادِ سَفِيهِ الحُسَامِ |
تطرز شمس الضحى بيضه | إذا انفَرَجَتْ عَنهُ سُجفُ القَتامِ |
إذا سار فالشمس مستورة | ووجه الثرى بارز الخدّ دام |
حللت حبى نقعه بالطرا | دِ لمّا احتَبَى فَرَسِي بالحِزَامِ |
وإني شقيق الوغى والنّدى | رضيع لبان المعالي الجسام |
إذا مضر ظلّلتني القنا | وسالت قبائليها من أمامي |
لَبِسْتُ بِهَا جُنّة ً لا يُفَـ | ـضُّ مَسرُودُهَا بنِبَالِ المُرَامي |