بيني وبين الصّوارم الهمم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بيني وبين الصّوارم الهمم | لا ساعد في الوغى ولا قدم |
لا تَسبرِيني بغَرْبِ عَذلِكِ لي | فما لجرحي من النّدى أَلم |
وخائف في حماي قلت له | كل ديار وطئتها حرم |
يُعْجِبُني كُلُّ حازِمِ الرّأيِ لا | يطمع في قرع سنّه النّدم |
إنّ قام خفَّت به شمائله | أو سار حفت بوطئه القدم |
وَلا أُحِبّ الغُلامَ مُتّهماً | يشقّ جلباب سره الكلم |
صَدْرٌ كَصَدْرِ الحُسَامِ لَيسَ لَه | سِرٌّ بِنَضْحِ الدّمَاءِ مُنكَتِمُ |
صفت نطاف المنى فقلت لها | مَا أجنَتْ في دِيَارِنَا النِّعَمُ |
تجري اللّيالي على حكومتنا | وَفي الزّمَانِ النّعِيمُ وَالنِّقَمُ |
تلعب بالنّائبات أنفسنا | كأنّها في أكفّنا زلم |
وَلَيْلَة ٍ خُضْتُهَا عَلى عَجَلٍ | وَصُبْحُهَا بالظّلامِ مُعتَصِمُ |
تَطَلّعَ الفَجْرُ مِنْ جَوَانِبِهَا | وَانْفَلَتَتْ مِنْ عِقَالِهَا الظُّلَمُ |
كأنما الدجن في تزاحمه | خَيلٌ لهَا مِنْ بُرُوقِهِ لُجُمُ |
ما زالت العيس تستهلّ بنا | واللّيلُ في غرة الضحى غمم |
فَاضَ عَلى صِبغَة ِ الظّلامِ بِنَا | شَيبٌ مِنَ الصّبحِ وَالرُّبَى لِمَمُ |
يا زهرة الغوطتين تبخل بالبشر | وما مسّ أرضك العدم |
كم فيك من مهجة معذبة | هجيرها بالنّسيم يلتطم |
ومن غصون على ذوائبها | يزلق طل الرياض والديم |
وَفِتْيَة ٍ عَلّمُوا القَنَا كَرَماً | فأصبحت من ضيوفها الرخم |
تَكَادُ إنْ أشرَفَتْ جِبَاهُهُمُ | تضيء منها الشعور واللمم |
وَكَيفَ يُخفيهِمُ الظّلامُ، وَفي | جحافل الليل منهم رتم |
إنّ يمين الحسين تنصفني | إنْ جَارَ أعداؤهَا وَإنْ ظَلَمُوا |
لا يَطمَعُ الذّلُّ في جِوَارِ فَتًى | تَلْمَعُ فِيهِ الصّوَارِمُ الخُذُمُ |
يَثْبُتُ في كَفّهِ الحُسَامُ كَمَا | يَعْثُرُ في غَيرِ كَفّهِ الكَرَمُ |
إذا تخطّى عجاجة ً زحفاً | آرَاؤهُ، وَالرّمَاحُ تَنهَزِمُ |
تضحك عن وجهه غياهبها | كأنّه بالهلال ملتثم |
فشقّها والحديد مطّردٌ | وَخَاضَهَا وَالضّرَابُ مُضْطَرِمُ |
واستلّ أسيافه محرّشة | فاستلبتها الرّقاب والقمم |
إذا المذاكي باحت محازمها | واضطرمت في شدوقها اللّجم |
وقّرها والرّماح طائشة | وكفّها والسيوفُ تزدحم |
إذا ذبول الشّفاه شمّرها | في الغَمَرَاتِ الحِفَاظُ وَالسّأمُ |
قلّص عن ثغره مضاحكه | كأنه في العبوس مبتسم |
إذا خِمَارُ الظّلامِ لَثّمَهُ | تَسَاقَطَتْ عَنْ قَمِيصِهِ التُّهَمُ |
كَأنّهُ مِنْ سُرُورِ يَقْظَتِهِ | بشره بالمدائح الحُلم |
إذا استطالت همومه سكرت | في كفّه البيض وانتشى القلم |
وإن سرى أسفرت صوارمه | وَالتَثَمَتْ بالحَوَافِرِ الأكَمُ |
ما ضجّ من طول مطله أملٌ | ولا اشتكته العهود والذمم |
لَوْ فَطَنَتْ بالقِرَى سَوَائِمُهُ | لمَا مَشَتْ تَحتَ وَفدِهِ النَّعَمُ |
يُعارِضُ الخَيلَ، في عَرَضْنَتِها | قَرْمٌ إلى نَهْبِ لَحْمِهَا قَرِمُ |
واسع خرق الضمير حيث سرى | تَبَحبَحَتْ في مُرادِهِ الهِمَمُ |
كأنما بيضه ضراغمة | غمودها في الكتائب الأجم |
لارْتَشَفَ الخَمْرَ، وَهْوَ يَلفِظُها | لَو أنّ ما تُضْمِرُ الكُؤوسُ دَمُ |
إن العدا عن غروبه طلعوا | وبعد ما غار سيفه نجموا |
ما ألموا للوعيد فيك شبا | الطعن وقد المصائب الألم |
يا مُخرِسَ الدّهْرِ عنْ مَقالَتِهِ | كُلُّ زَمَانٍ عَلَيْكَ مُتّهَمُ |
شَخصُكَ، في وَجهِ كُلّ داجيَة ٍ | ضُحًى ، وَفي كُلّ مَجهَلٍ عَلَمُ |
إلى أبي أحْمَدٍ صَدَعْتُ بِهَا | قلب الدجا والضمير يضطرم |
بَزّ زُهَيراً شِعرِي، وَهَا أنَا ذا | لم أرض في المجد إنه هرم |