يا من رأى البرق على الأنعم
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
يا من رأى البرق على الأنعم | يَطْوِي بِسَاطَ الغَسَقِ المُظْلِمِ |
محمرة منه كفاف الدجى | نَضْحَ جِرَاحِ الفَرَسِ الأدْهَمِ |
قام نساء الحي يقبسنه | نَاراً مِنَ الإيمَاضِ لمْ تُضْرَمِ |
تطاول المنجد ضنا به | وقد عطا للبلد المتهم |
حَتّى رَمَى الإصْبَاحَ في لَيْلَة ٍ | لفت إزار الرجل المحرم |
لا جَازَ مَغْنَاهُمْ بذاتِ النّقَا | قَطْرُ الغَوَادِي وَطِلالُ السُّميّ |
وَلّوْا عَلى قَلْبي عَنِيفَ الجَوَى | يُعَاقِبُ القَلْبَ، وَلَمْ يُجرِمِ |
الله في طرفٍ بكم دامعٍ | دامٍ، وَقَلْبٍ بِكُمُ مُغْرَمِ |
لا يَتْعَبُ العَاذِلُ في حُبّهِمْ | قَدْ ذَهَبَ السّهْمُ بقَلْبِ الرّمي |
عيني مع اليقظى غراماً بهم | وَعَينُ مَنْ يَلْحَى معَ النُّوَّمِ |
لولا قوام الدين ما استوسقت | أعناقها في السنن الأقوم |
ولا أينا النّجم ذا خفية | من قارع الحافر والمنسم |
يغير للمجد إذا غيره | أغَارَ للسّلّة ِ وَالمَغْنَمِ |
لا يصحب الأغماد من لم تزل | سيوفه في حلل من دم |
لِلَّهِ نَعْلٌ حُذِيَتْ في العُلَى | أخمص ذاك العارض المرزم |
يودّ لو أصبح شعسا لها | نِجَادُ عُنْقِ المَلِكِ الأعْظَمِ |
أغَرُّ مِنْ غُرٍّ رَبَوْا في العُلَى | وأفصحوا بالكرم الأعجم |
بنوا على مضطربات القنا | بِنَاءَ عِزٍّ غَيرِ مُسْتَهدِمِ |
تُشَبّ بِالمَنْدَلِ نِيرَانُهُمْ | لِطَارِقِ اللّيْلِ، وَلَمْ يُظْلِمِ |
لا يدفع الأضياف منهم إلى | مَمْنُونِ زَادٍ وَقِرًى مُعتِمِ |
قَلّتْ عُيُونُ النّاسِ عَنْ نَيلِهم | فَعَوّذُوا مِنْ أعْيُنِ الأنْجُمِ |
أساود تنتجها في العلى | أسد إلى أمثالها تنتمي |
فيخرج الأرقم من ضيغم | ويخرج الضيغم من أرقم |
سُمّيَتِ الغَبرَاءُ في عَهْدِهِمْ | حمراء من طول قطار الدم |
تحمرّ منها كلّ مخضرّة | كأنَّ لا نبت سوى العندم |
كل فتى يفضح أطواقه | وجه مضيء الجيد والملطم |
للبشر في ديباجه لامع | طِرَازُ عَصْبِ اليَمَنِ المُعْلَمِ |
قوم رباط الخيل في دورهم | كالبهم في غامد أو يقدم |
مِن كُلّ مَحبوكِ القَرَا مِحصَفٍ | أُمِرّ فَتْلُ الرّسَنِ المُبْرَمِ |
كأَنّه ينظر مستوجساً | ربيئة قام على مخرم |
مَتَى أرَاهَا كَذِئَابِ الغَضَا | تُحَرِّضُ الهَائِبَ بِالمُقْدِمِ |
أعنة الفرسان أعرافها | عجلى عن المسرج والملجم |
من فارس يحمل أسد الشرى | لمُلتَقَى يَوْمِ رَدًى أيْوَمِ |
ترمي جبال لثلج من قدحها | نَارَ الوَغَى بالشّرَرِ المُضْرَمِ |
أرْعَنُ قَدْ كَدّرَ مَاءَ الحَيَا | في مزنه بالرهج الأقتم |
يوم يود القرن لو أنهُ | يزيد في الرّمح من المعصم |
كم قلة ممتنع طودها | إلاّ عَلى ذِي الجُدَدِ الأعْصَمِ |
قد أمست الخيل ضيوفاً بها | للوعل العاقل والقشعم |
ثَلَّمتَهَا كَيداً، وَكَمْ شابَكَتْ | أيْدِي المَقادِيرِ وَلَمْ تُثْلَمِ |
يخال باقي روق أطوادها | باقيَ أنياب فم الأهتم |
قد ينفذ الحلم على غرزة | بمحفظات الغادر المجرم |
وطول نزف النغب يفنى به | غمر جمام الغدق المفعم |
أقدم للحين ويا ربما | أجلَى الوَغى ، وَالغُنْمُ للمُحجِمِ |
يسلم كعب الرمح مستأخراً | ويوقع الأقدام باللهذم |
ما كان إقداماً ولكنه | تسرع العير على الضيغم |
وَلّى ، وَقَدْ أرْدَفَ هَدّارَة ً | يَقْظَى عَلى اللّيْلِ لَغُوطَ الفَمِ |
لا يُؤمَنَنْ، بَعدَ كَلالِ الشَّبَا | كَمْ صَائِلٍ بالسّاعِدِ الأجْذَمِ |
قد يهلك النسر وفي ريشه | عون الردى الجاري مع الأسهم |
يثمّرُ المال ويأبى الغنى | إلا من الذابل والمخذم |
لا يَدْخَرُ الضّيغَمُ مِنْ قُوتِهِ | ما يدّخر النمل من المطعم |
لا تَستَشِرْ غَيرَكَ في كَيّهَا | قد بلغ الداء إلى الميسم |
وَاخطُبْ على سَيفِكَ بِكرَ العُلَى | فقد تملأت من الأُيّم |
حُسَامُكَ النّصْرُ، فَصَمّمْ بِهِ | وَدِرْعُكَ الإقْبَالُ، فَاستَلْئِمِ |
لا يصلح الناس لأربابهم | غير بياض السيف والدرهم |
يا مُلْبِسِي النُّعْمَى التي أوْرَقَتْ | عُودي مِرَاراً وَكَسَتْ أعظُمي |
وَمُطْلِعي في رَأسِ عَادِيّة ٍ | تَخْسَأُ طَرْفَ الجَذَعِ الأزْلَمِ |
نَزْعُ العُلَى عَنّي كَإلْبَاسِهَا | وَالغُنْمُ بالبَذْلَة ِ كَالمَغْرَمِ |
أُكْرَمُ عَنْهَا، وَبِهَا مَرّة ً | كِلاهُمَا عِنْدِي مِنَ الأنْعُمِ |
وَكَيْفَ نَوْمُ المَرْءِ مِنْ تَحتِهِ | دونَ الكَرَى مُضْطَرَبُ الأرْقَمِ |
بَينَ خِصَافَيْ نَعْلِهِ شَوْكَة ٌ | إنْ شَدّدَ الوَطْءَ عَلَيها دَمي |
فأملك بها رقي وحرّر بها | عُنقي، وَرِقُّ الحُرّ للمُنْعِمِ |
وَحُزْ بِهَا مَا بَقِيَ العُمْرُ لي | صَفَاءَ قَلْبي، وَصَفَايَا فَمي |
غوثك منها ياغياث الورى | قد ثقل العبءُ على المهرم |
صونوا بها عرضي ووجهي معا | صونهما في الزمن الأقدم |
لا تحسبوا أني على جرأتي | أحجمت حتى ضاق لي مقدمي |
ما لان عودي في يدي غيرها | يوماً ولا خار على معجم |
عَطْفاً عَلَينَا أنْ يَقُولَ امرُؤٌ: | إن علوق المجد لم ترأم |
يخدع بالشهد مذاق الفتى | وَرُبّمَا آلَ إلى العَلْقَمِ |
عظيمة ناديت من ثقلها | بالبَازِلِ النّاهِضِ بِالمُعْظَمِ |
عادات إحسانك أمثالها | قَدْ لَؤُمَ الدّهْرُ بِهَا، فاكرِمِ |
وطل وصل واعف وهب وانتقم | وابق ودم واعل وثب واسلم |