خطة أحد المحكمة وحض المؤمنين على الثبات - مع الحبيب صلى الله عليه وسلم - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
خطة أحد المحكمة وحض المؤمنين على الثبات
وضع صلى الله عليه وسلم خطته المحكمة ولم يترك ثغرة للعدو وأحكم الإغلاق بوضع فصيلة الرماة والتأكيد عليهم بعدم التحرك من مكانهم في الموضع الوحيد الذي يمثل ثغرة خلف الجيش الإسلامي .
وبهذا أخذ صلى الله عليه وسلم بالأسباب الممكنة لتأمين الجيش وإحراز النصر بإذن الله خاصة مع ما اختياره لمواضع وتمركزات أعطتهم أفضلية واضحة على العدو.
قال المباركفوري في الرحيق المختوم :
خطة الدفاع
وهناك عبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه، وهيأهم صفوفاً للقتال، فاختار منهم فصيلة من الرماة الماهرين، قوامها خمسون مقاتلاً، وأعطي قيادتها لعبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري الأوسي البدري، وأمرهم بالتمركز على جبل يقع على الضفة الشمالية من وادي قناة ـ وعرف فيما بعد بجبل الرماة ـ جنوب شرق معسكر المسلمين، على بعد حوالى مائة وخمسين متراً من مقر الجيش الإسلامي.
والهدف من ذلك هو ما أبداه رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلماته التي ألقاها إلى هؤلاء الرماة، فقد قال لقائدهم: (انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك، لا نؤتين من قبلك) وقال للرماة: (احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا)، وفي رواية البخاري أنه قال: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم).
بتعين هذه الفصيلة في الجبل مع هذه الأوامر العسكرية الشديدة سد رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلمة الوحيدة التي كان يمكن لفرسان المشركين أن يتسللوا من ورائها إلى صفوف المسلمين، ويقوموا بحركات الالتفاف وعملية التطويق.
أما بقية الجيش فجعل على الميمنة المنذر بن عمرو، وجعل على الميسرة الزبير بن العوام، يسانده المقداد بن الأسود، وكان إلى الزبير مهمة الصمود في وجه فرسان خالد بن الوليد،وجعل في مقدمة الصفوف نخبة ممتازة من شجعان المسلمين ورجالاتهم المشهورين بالنجدة والبسالة، والذين يوزنون بالآلاف .
ولقد كانت خطة حكيمة ودقيقة جداً، تتجلي فيها عبقرية قيادة النبي صلى الله عليه وسلم لعسكرية، وأنه لا يمكن لأي قائد مهما تقدمت كفاءته أن يضع خطة أدق وأحكم من هذا؛ فقد احتل أفضل موضع من ميدان المعركة، مع أنه نزل فيه بعد العدو، فإنه حمي ظهره ويمينه بارتفاعات الجبل، وحمي ميسرته وظهره ـ حين يحتدم القتال ـ بسد الثلمة الوحيدة التي كانت توجد في جانب الجيش الإسلامي، واختار لمعسكره موضعاً مرتفعاً يحتمي به ـ إذا نزلت الهزيمة بالمسلمين ـ ولا يلتجئ إلى الفرار، حتى يتعرض للوقوع في قبضة الأعداء المطاردين وأسرهم، ويلحق مع ذلك خسائر فادحة بأعدائه إن أرادوا احتلال معسكره وتقدموا إليه،وألجأ أعداءه إلى قبول موضع منخفض يصعب عليهم جداً أن يحصلوا على شيء من فوائد الفتح إن كانت الغلبة لهم، ويصعب عليهم الإفلات من المسلمين المطاردين إن كانت الغلبة للمسلمين، كما أنه عوض النقص العددي في رجاله باختيار نخبة ممتازة من أصحابه الشجعان البارزين.
وهكذا تمت تعبئة الجيش النبوي صباح يوم السبت السابع من شهر شوال سنة 3هـ.
الرسول صلى الله عليه وسلم ينفث روح البسالة في الجيش
ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم الناس عن الأخذ في القتال حتى يأمرهم، وظاهر بين درعين، وحرض أصحابه على القتال، وحضهم على المصابرة والجلاد عند اللقاء، وأخذ ينفث روح الحماسة والبسالة في أصحابه حتى جرد سيفاً باتراً ونادي أصحابه: (من يأخذ هذا السيف بحقه؟)، فقام إليه رجال ليأخذوه ـ منهم على بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعمر بن الخطاب ـ حتى قام إليه أبو دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة، فقال: وما حقه يا رسول الله ؟ قال: (أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني). قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إياه.
#أبو_الهيثم
#مع_الحبيب