أعَلَى الغَوْرِ تَعَرّفتَ الخِيَامَا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أعَلَى الغَوْرِ تَعَرّفتَ الخِيَامَا | ولدار الحيّ ملهى ً ومقاما |
مَنْزِلٌ مِنْ آلِ لَيلَى لمْ يَدَعْ | ولعُ الدّهر به إلا رماما |
حبذا الدار وإن لم يلقنا | قَاطِنُ الدّارِ بِهَا إلاّ لمَامَا |
من رأى البارق في مجنوبة | هَبّة ُ البَارِقِ قَدْ رَاعَ الظّلامَا |
كلما أومض من نحو الحمى | أقعد القلب من الشوق وقاما |
مَا عَلى ذِي لَوْعَة ٍ نَبّهَهُ | بارقٌ من قبل الغور فشاما |
يا خَليلَيّ انظُرَا عَنّي الحِمَى | إن طرف العين بالدمع أغاما |
طال ما استسقوا لعيني دمعها | أينما استسقيت للدار الغماما |
أخْلَقَ الرّبْعُ، وَأثْوَابُ الهَوَى | مستجدات ولوعاً وغراما |
آهِ مِنْ بَرْقٍ عَلى ذي بَقَرٍ | نَبّهَ الشّوْقَ على القَلبِ وَنَامَا |
كَمْ رَعَيْنا العَيشَ فِيهِ ناضِراً | وَوَرَدْنَا أوّلَ الحُبّ جِمَامَا |
وَغَرِيمَيْ صَبْوَة ٍ قَدْ قَضَيَا | بعض دين الشوق ضما ولزاما |
يا قِوَامَ الدّينِ قُدْهَا صَعْبَة ً | لم تكن تتبع من قبل الزماما |
أنت فينا هضبة الله التي | زَادَهَا قَرْعُ المَقَادِيرِ التِئَامَا |
وَيَدٌ للدّهْرِ مَوْهُوبٌ لهَا | إنْ أسَاءَ الدّهْرُ يَوْماً وَألامَا |
ما يَضُرّ القَوْمَ أُوْقِظْتَ لَهُمْ | أن يكُونُوا عَن حِمى العِزّ نِيَامَا |
مَنْبِتٌ تَحْرُزُ عَنْ أعْرَاقِهِ | حَسَبٌ لا يَقبَلُ العَارَ قُدَامَا |
إرْثُ آبَاءٍ عَلَوْا، فاقتَعَدُوا | عَجُزَ المَجدِ، وَأعطَوْكَ السّنَامَا |
أمطروا الجود مضيئاً بشرهم | فرأَيناهم شوساً وغماما |
شغلوا قدماً عن النّاس العلى | وَرَمَوْا عَنْ ثُغَرِ المَجدِ الأنَامَا |
معشر تموا فلم ينثلموا | ثَلَمَ الأقمَارِ يَنظُرْنَ التّمَامَا |
كَحُمَيّا الطّوْدِ رَأياً وَحِجاً | ورماح الخطّ غرباً وقياما |
افرج المجد لهم عن بابه | ولقى الأعداء ضعفاً وزحاما |
غَائِبٌ مِثْلُكَ مِنْ شُهّادِهِ | ما قضى العمر ولا ذاق الحماما |
لمْ يَعِشْ مَن عاشَ مَذْمُوماً وَلا | مات أقوام إذا ماتوا كراما |
يَعظُمُ النّاسُ، فَإنْ جِئْنا بكُمْ | كنتمُ الراعين والناس سواما |
أو لم ينهَ العدا في أربق | لَجِبٌ قَادَ الجَماهِيرَ العِظَامَا |
لُجَجاً يَلغَطُ فِيهِنّ القَنَا | لغط الأوراد دفعاً ولطاما |
يوم ولّى قومه في هُوّة | مستغرٌ دمر الجيل الطغاما |
مستعيراً هامهم يحسبها | جَفَنَاتِ الحَيّ يَنقُلْنَ الطّعَامَا |
شهد الروع فلم يعط القنا | نُهَزَ الطّعْنِ وَلمْ يُرْضِ الحُسامَا |
وَنَجَا الغَاوِي يُفَدّي مُهْرَهُ | خزيَ الموقف قد ليم ولاما |
طرح الدرع ذميماً واتقى | بمطاه الطعن شماً وعراما |
يَسْتَزِيدُ الطِّرْفَ حَتّى لَوْ رَأى | مهلة الواقف قد ألقى اللجاما |
خِلْفَة ً وَطْفَاءَ يَمْرِيهَا الرّدَى | مَطَرَ الطّعْنِ رَذاذاً وَرُهَامَا |
دأبها في دار زين تنتحى | شلة الطارد بالدوّ النعاما |
بتنَ بالشّد يُخَرّقنَ الثرى | دلج الليل ويرقعن القتاما |
خِلْتَ أيْدِيهِنّ في مَعْزَائِهَا | أنْمُلَ الوِلدانِ يَفْلِينَ اللِّمَامَا |
جاذبت فرسانها أعناقها | كُلّمَا نَهْنَهْنَ طالَبنَ أمَامَا |
وليالي السوس صبحت بها | صَائِحاً يَسْقي دَمَ الطّعنِ مُدامَا |
تُضْمَنُ الأعْنَاقُ للسّيْفِ، إذا | أخفَرَ السّيفُ على الدّرْعِ الذّمامَا |
رِشتُمُ سَهمي، وَضَاعَفتُم لَهُ | عَقِبَ النَّعْمَاءِ وَالرّيشِ، اللُّوَامَا |
كُلَّ يَوْمٍ نِعَمٌ مَشْفُوعَة ٌ | لاحقات وتوالٍ وقداما |
أصبَحَتْ عِنْدِي وَلُوداً نَاتِجاً | يوم تغدو نعم القوم عقاما |
مثل رشق النبل إلا جرحها | تبرد الغل وتستل الأواما |
كُلّمَا شَيّخَ عِندِي ضَيفُهَا | رجعته جدد الطول غلاما |
يا جزت عني الجوازي معشراً | مَلَكوا الوِرْدَ، فأعطَوْني الجُمامَا |
جئتهم في جفوة الدّهر فلا | أوْصَدوا البابَ وَلا لَطّوا القِرَامَا |
ضَرَبَ العِزُّ عَلَيْهِمْ بَيْتَهُ | ثُمّ ألقَى الرّحْلَ فيهِمْ، وَأقامَا |
وَعَمَرْتُمْ آمِني رَيْبِ الرّدَى | يَمطُلُ الخَطبُ بكُمْ عاماً فَعامَا |
كُلّمَا خَفَّ إلَيكُمْ حَادِثٌ | غلط النّهج ولم يعط المراما |
مَا رَأيْنَا سِلْكَهَا مِنْ غَيرِكُم | جَمَعَ النّشْرَ، وَلا ضَمّ النّظَامَا |
لا طَوَتْ عَنّا اللّيَالي مَنْ غَدا | للورى غيثاً وللدين قِواما |
كُلّمَا رَحّلَتِ اليَوْمَ فَتًى | نوبُ الأيام زادتك مقاما |