لا زَعزَعَتكَ الخُطوبُ يا جَبَلُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا زَعزَعَتكَ الخُطوبُ يا جَبَلُ | وبالعدا حل لا بك العلل |
قد يوعك الليث لا لذلته | على الليالي ويسلم الوعل |
لا طرق الداء من بصحته | يصح منا الرجاءُ والأمل |
حاشاك من عارض تراع به | ذاكَ فُتُورُ النّعيمِ وَالكَسَلُ |
النجم يخفى وأنت متضح | والشمس تخبو وأنت مشتعل |
وأنت لا مرهق ولا قلق | والبدر مستوفز ومنتقل |
وعك كما يطبع الحسام وفي | جَوْهَرِهِ صَاقِلٌ لَهُ عَمِلُ |
ما ضَرّهُ ذاكَ، وَهوَ مُنصَلِتٌ | تسقط منه الرقاب والقلل |
ما صرف الدهر عنك أسهمه | فكل جرح يصيبنا جلل |
باق نخطاك كل نائبة | إلى العِدا، وَالنّوَازِلُ العُضُلُ |
قد ضمن الله أن تدوم لنا | مسلماً والزمان والدول |
ما قدروا لا علت جدودهم | وَلا نَجَوْا بَعدَها، وَلا وَألُوا |
لا خَوْفَ، وَالجَدُّ مُقبِلٌ أبَداً | على الليالي وأنت مقتبل |
هل قدم الطود وهي راسخة | يخاف منها العثار والزلل |
فاتفضي أيها الرؤوس لها | وَاستَوْثِقي للقِيَادِ يا إبِلُ |
ـهَا الشّدّة ُ وَال | غُرُوضُ وَالعُقُلُ |
لا تَرْتَعي مُعْشِباً، مَنَابِتُهُ | بيض الظبى والواسل الذبل |
تَرْعَى سَوَامَ العَبيدِ هَيبَتُهُ | فكَيفَ يَرْضَى ، وَذَوْدُهُ هَمَلُ |
فقُلْ لِغَاوٍ مَشَى الظّلامُ بِهِ: | أين إلى أين قادك الخطل |
طَمِعتَ أنْ تَرْتَقي بِلا قَدَمٍ | إلى العُلى ، رَاعَ أُمَّكَ الثكَلُ |
حَلِمتَ في نَوْمَة ِ الغُرُورِ بِهَا | شَرَّ حُلُومٍ وَغَرّكَ المَهَلُ |
فاحذَرْ مَرَامي الأقدارِ عَنْ مَلِكٍ | ـرَاهَا نَمُومٌ وَعَرْفُهَا ثَمَلُ |
أتَزْحَمُ البَحْرَ في غُطَامِطِهِ | أمْ تَتَعَاطَى السّيُولَ، يا وَشَلُ |
هَيهاتَ أنْ يَسبُقَ الجِيادَ وَجٍ | ويطلع الغاد قبلها وجل |
بادرت نهب العلا فرجرجه | بُوعٌ طِوَالٌ وَأذْرُعٌ فُتُلُ |
رَأى لِصَاباً، فَشارَهَا صَبِراً | ذق الجنى قد أظلك العسل |
سطو أقام العدا على قدم | وَقَوّمَ المَائِلِينَ، فاعتَدَلوا |
قَدْ سَبَقَ السّيفُ عَذْلَ عاذِلِهِ | لمَّا تَجَارَى الحُسَامُ وَالعَذَلُ |
أليس من معشر بنوا شرفاً | صعباً وفيهم خلائق ذلل |
قَشَاعِمٌ طَارَتِ الجُدُودُ بِهمْ | مذ صعدوا في العلاء ما نزلوا |
مَدّوا عَلابيَّ مَجدِهم، وَسَمَتْ | بهم رعان الفضائل الطول |
المُبشِرَاتُ العُلَى مَنازِلُهُمْ | والقمم العاليات والقلل |
كانوا سماءً لنا فلا عجب | أن قطروا بالنوال أو هطلوا |
طَالَ لُزُومُ القَنَا أكُفَّهُمُ | يَنآدُ مِنْ طَعنِهِمْ وَيَعتَدِلُ |
كَأنّ أيديهِمُ نَبَتْنَ لَهُمْ | مَعَ القَنَا حَيثُ يَنبُتُ الأسَلُ |
يستعذب القتل من أكفهم | كَأنّهُمْ يَنْشُرُونَ مَنْ قَتَلُوا |
ما أهملوا السائمات حيث رعوا | وَلا أضَاعُوا الأمورَ حينَ وَلُوا |
إذا استَهَبّوا سُيُوفَهُم أبَداً | فَلِمْ أُعِدّ الغُمُودُ وَالحُلَلُ |
من كان ممطورة مخالبه | على العدا غير أنه رجل |
يَعتَرِفُ النّاسُ في مَطالِبِهِ | وَيَلْتَقي عِنْدَ بَابِهِ السُّبُلُ |
يُرَى جَبَاناً عَنْ رَدّ سَائِلِهِ | وهو إذا اعصوصب الوغى بطل |
بعوده عند ضنه يبس | وَفي يَدَيْهِ مِنَ النّدَى بَلَلُ |
ألبستيها بغيظ طالبها | وَغُودِرَتْ في الأضَالِعِ الغُلَلُ |
أصْبَحَ كَيدُ العَدُوّ يَجذِبُهَا | عَنّي، لأيدي الجَوَاذِبِ الشّلَلُ |
مالي إذا شئت أن أزاد خلى | مِنْ غَيرِكُم كانَ حَظّيَ العَطَلُ |
أرى نهاباً تساق حافلة | لا ناقة لي بها ولا جمل |
وَشَرُّ مَا يَرْجِعُ الغَرِيُّ بِهِ | أنْ عَادَ يَرْمي، وَفَاتَهُ الوَعِلُ |
أين ندى كفك الكريم لها | وأين عادات طولك الأول |
بنا الأذى لا بكُم، إذا نَزَلَ الخَطْـ | ـبُ طَرُوقاً، وَصَمّمَ الأجَلُ |
وَدُمتُمُ للعُلَى ، وَعَيْشُكُمُ | غَضٌّ، وَرَاوُوقُ عِزّكمْ خَضِلُ |
لا عَجَبٌ إنْ نَقيكُمُ حَذَراً | نحن جفون وأنتم مقل |