قِفْ مَوْقِفَ الشّكّ لا يأسٌ وَلا طمعُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قِفْ مَوْقِفَ الشّكّ لا يأسٌ وَلا طمعُ | وغالط العيش لا صبر ولا جزع |
وَخادعِ القَلبَ لا يُودِ الغَليلُ بِهِ | إنْ كَانَ قَلْبٌ عَلى المَاضِينَ يَنخدعُ |
وَكاذِبِ النّفسَ يَمتَدّ الرّجَاءُ لهَا | إنّ الرّجَاءَ بصِدْقِ النّفسِ يَنقَطعُ |
سَائِلْ بصَحبيَ أنّى وُجهَة ٍ سَلَكوا | عنا واي الثنايا بعدنا طلعوا |
حدا باظعانهم حتى استمر بها | حادي المقادير لا يلوى بهم ظلع |
غَابُوا فَغَابَ عَنِ الدّنْيَا وَسَاكِنِها | مرأً انيق عن الدنيا ومستمع |
بَني أبي قَد نكَى فيكُمْ بشِكّتِهِ | وَنَالَ مَا شَاءَ هذا الأزْلمُ الجَذَعُ |
كنتم نجوماً لذي الدهماء زاهرة | تضيء منها الليالي السود والدرع |
ان تخب انواركم من بعدما صدعت | ثوب الدجا فلضوء الشمس منقطع |
في غُرّة ِ المَجدِ مُذْ غُيّبتُمُ كَلَفٌ | على الزمان وفي خد العلى ضرع |
وبالمواضي حران في الوغى وباعناق | ـنَاقِ الضّوَامِرِ مُذْ أُرْحِلتُمُ خَضَعُ |
مصاعب ذعذعت ايدي المنور بها | فطاع معتصم وانقاذ ممتنع |
لم يعدموا يوم حرب تحت قسطلها | طير الرخام على لباتهم تقع |
لم يَنزِعوا البيضَ مُذ لاثوا عَمائِمَهمْ | إلاّ وَقد غاضَ منها الشّيبُ وَالنَّزَعُ |
نُسَابِقُ المَوْتَ تَطوِيحاً بأنْفُسِنَا | حَتّى كَأنّا عَلى الآجَالِ نَقتَرِعُ |
ابكيهم ويد الايام دائبة | تَدوفُ لي فَضْلة َ الكأسِ التي جرَعُوا |
لا امتري انني مجرٍ الى امد | جَرَوْا إلَيْهِ قُبَيلَ اليَوْمِ أوْ نَزَعُوا |
وَأنّني وَارِدُ العِدّ الذي وَرَدُوا | بالكره أو قارع الباب الذي قرعوا |
سدت فواغر افواه القبور بهم | وليس للارض لا ريٌّ ولا شبع |
اعتادهم لا ارجى ان يعود لهم | إليّ ماضٍ، وَلا لي فيهِمُ طَمَعُ |
فما توهج احشاي على نفر | كانوا عوادي للايام فارتجعوا |
نليح ان ترتعي الاقدار انفسنا | وَكُلّنَا للمَنَايَا السّودِ مُزْدَرَعُ |
نلهوا وما نحن الا للردى اكل | |
كانوا حوامي جبال العز فانقرضوا | وصدعوا قلل العليا مذ انصدعوا |
فوارس قوضوا عن سابقاتهم | فاستُنزِلُوا بطِعَانِ الدّهْرِ وَاقتُلِعُوا |
قوم فكاهتهم ضرب الطلى ولهم | تحتَ العَجاجِ بأطْرَافِ القَنَا وَلَعُ |
إمّا تَؤودُ مِنَ الأيّامِ نَائِبَة ٌ | قاموا بها واطاقوا الحمل واضطلعوا |
لا تَسْتَلِينُهُمُ الضّرّاءُ نَازِلَة ً | |
كم خمصة كان فيها العز آونة | وشيعة كان فيها العار والضرع |
مِنْ كُلّ أغلَبَ نَظّارٍ عَلى شَوَسٍ | له لواء على العلياء متبع |
يخفى به التاج من لألأ غرته | على جبين بضوء المجد يلتمع |
ذو عزمة تلهم الدنيا وساكنها | وهمة تسع الدنيا وما تسع |
يَلقَى الظُّبَى حاسِراً تَبدُو مَقاتِلُه | وَيَرْهَبُ الذّمَّ يَوْماً، وَهوَ مدّرِعُ |
إنّ المَصَائِبَ تُنسِي المَرْءَ مُقبلَة ً | قصد الطريق لما يسلي وما يزع |
حَتّى إذا انكَشَفَتْ عَنْهُ غَياطِلُها | تبين المرؤ ما يأتي وما يدع |
أرْسَى النّسيمُ بِوَاديكُمْ وَلا بَرِحَتْ | حوامل المزن في اجداثكم تضع |
وَلا يَزَالُ جَنِينُ النّبْتِ تُرْضِعُهُ | على قبوركم العراضة الهمع |
هَلْ تَعلَمُونَ عَلى نَأيِ الدّيَارِ بكم | أنّ الضّمِيرَ إليكُمْ شَيّقٌ وَلِعُ؟ |
لكم على الدهر من اكبادنا شعل | مِنَ الغَليلِ، وَمن آماقِنا دُفَعُ |
لواعج افصحت عنها الدموع وقد | كادَتْ تَجُمجمُها الأحشاءُ وَالضِّلَعُ |
أنزَفْتُ دَمْعيَ حَتّى مَا تَرَكْتُ لَهُ | غَرْباً يَفيضُ عَلى رُزْءٍ، إذا يَقَعُ |
ثم اضطررت الى صبري فعدت به | وَأعرَبَ الصّبرُ لمّا أعجَمَ الجَزَعُ |