أرشيف المقالات

عقوبات الكبر

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
عقوبات الكبر
 
للكبر عقوبات كثيرة في الدنيا والآخرة، فمن عقوباته في الدنيا نذكر ما يلي:
1- صرف المتكبر عن فَهم آيات الله والاهتداء بها: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146].
 
فالمستكبرون المتبعون أهواءَهم مصروفون عن آيات الله، لا يعلمون ولا يفهمون لما تركوا العمل بما علِموه استكبارًا واتباعًا لأهوائهم، عوقبوا بأن مُنِعوا الفهم والعلم [1].
 
2- زوال النعم وحلول النقم: كما يدل على ذلك حديث: "كلْ بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعتَ"، ما منَعه إلا الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه[2]، صارت والعياذ بالله قائمة كالعصا، لا يستطيع رفعها؛ لأنه استكبر على دين الله عز وجل[3].
 
3- الذلة والصغار: فكل "مَن تكبَّر عن الانقياد للحق، أذلَّه الله ووضعه، وصغَّره وحقَّره"[4].
 
4- استحالة التوبة: قال سفيان بن عُيَيْنة: "مَن كانت معصيتُه في شهوة، فأرجو له التوبة، فإنَّ آدم عليه السلام عصَى مشتهيًا، فغُفِر له، فإذا كانتْ معصيتُه من كِبْر، فأخْشَى عليه اللَّعْنة، فإنَّ إبليس عصَى مستكبرًا فلُعِن"[5].
 
وغير ذلك من العقوبات الدنيوية، وأما عقوبات الكبر في الآخرة، فمنها:
أولًا: الذل والمهانة يوم الحشر في عرصات القيامة، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذرِّ في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، فيساقون إلى سجنٍ في جهنم يسمى بُولس تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال"[6].
 
ثانيًا: الحرمان من دخول الجنة، فعن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبرٍ"[7].
 
ثالثًا: دخول النار: قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]، مأوى ومسكن لمن تكبَّر على الله، فامتنع من توحيده، والانتهاء إلى طاعته فيما أمره ونهاه عنه [8].
 
وعن وحارثة بن وهب الخزاعي، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"...
ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل، جوَّاظ مستكبر" [9].
 
وفي حديث احتجاج الجنة والنار قالت النار: "يدخلني الجبارون والمتكبرون" [10].
 
رابعًا: دخول النار بصغار ومهانة: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾ [غافر: 60]؛ أي: عن دعائي وتوحيدي: ﴿ سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]؛ أي: صاغرين حقيرين [11] يجتمع عليهم العذاب والإهانة؛ جزاءً على استكبارهم [12]، ويعذبون عذاب الهون؛ قال تعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20]، دلَّت هذه الآية الكريمة على أن الاستكبار في الأرض والفسق من أسباب عذاب الهون، وهو عذاب النار [13].
 
وغير ذلك من العقوبات الأخروية.



[1] مجموع الفتاوى، لابن تيمية: 7 /626.


[2] رواه مسلم، رقم (2021).


[3] شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين: 3 /543.


[4] مدارج السالكين، لابن القيم: 2 /317.


[5] مختصر منهاج القاصدين، لابن قدامة، ص: 271.


[6] رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن"، وحسَّنه الألباني.


[7] رواه مسلم


[8] جامع البيان، لابن جرير: 21/ 319.


[9] متفق عليه.


[10] رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


[11] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 7 /140.


[12] تيسير الكريم الرحمن، لابن سعدي: ص: 741.


[13] أضواء البيان، للشنقيطي: 7 /231.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢