أرشيف المقالات

الأموال التي تجب فيها الزكاة وأنصبتها

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
الأموال التي تجب فيها الزكاة وأنصبتها

لا تجب الزكاة في جميع الأموال التي يَملِكها المسلم، وإنما تجب في أربعة أنواع من المال فقط حدَّدها الشرع المُطهَّر، وهي: النقود، وعروض التجار، والخارج من الأرض من الحبوب والثمار والمعادن، والسائمة من بهيمة الأنعام، وبيان ذلك فيما يلي - إن شاء الله تعالى:
النوع الأول: النقود، وتُسمى: (الأثمان)، وهي ثلاثة أصناف: الذهب، والفضة، والأوراق النقدية التي قامت الآن مَقام الذهب والفضة، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].

أنصبة النقود:
لا تجب الزكاة في شيء من النقود حتى يَبلغ نصابًا، فإذا بلغ شيء من النقود المذكورة نصابًا وحال عليه الحول وجَب إخراج زكاته.

ونصاب الذهب:
عشرون دينارًا، ويُساوي بالجرام (85) خمسة وثمانون جرامًا، وقيل: اثنتان وتسعون جرامًا.

ونصاب الفضة:
خمس أواق، وهي مئتا درهم، وتُساوي بالجرام (595) خمسمائة وخمسة وتسعون جرامًا.

ونِصاب الأوراق النقديَّة:
هو نصاب الذهب أو الفضة؛ لأنها حلت محلهما في الثمنية، فإذا بلغَت نِصاب أحدهما وجبَت فيها الزكاة، والغالب تقدير نصاب الأوراق النقدية اليوم بالفضة؛ لأنها أرخص من الذهب فتبلغ نصابها قبله، فإذا ملك المسلم ما يُعادل قيمة (595) جرامًا من الفضة، وحال عليه الحول وجبَت فيه الزكاة.

وقيمة جرام الفضة تتغيَّر من وقت لآخَر، فمن كان عنده مال قليل لا يَدري هل بلغ النِّصاب أم لا، فإنه يسأل تجار الفضة عن قيمة جرام الفضة، ثم يضربه في (595)، والناتج هو النِّصاب.

وليعلم أن الزكاة تجب في جميع الأوراق النقدية التي يَملِكها المسلم؛ ولو كان يجمعها لبناء منزل أو زواج أو شراء سيارة أو غير ذلك من الحوائج، إذا حال عليه الحول وهو في ملكه.

مقدار الزكاة الواجب إخراجها من النقود:
الواجب إخراجه في الزكاة من الذهب والفضة: ربع العشْر، وهو: (2.5) في المائة.

وأسهل طريقة لإخراج مقدار الزكاة الواجبة كما يلي:
أن يقسم المبلغ الذي يراد إخراج زكاته على (40 أربعين)، والناتج هو الزكاة الواجب إخراجها.

مثال ذلك: إذا كان الشخص يملك (100.000 مائة ألف ريال) وقد حال عليها الحول، فيأتي بالآلة الحاسبة، ويكتب (100.000 مائة ألف)، ثم يقسمها على (40 أربعين)، تخرج النتيجة: (2.500 ألفان وخمسمائة)، وهذا هو مقدار الزكاة الواجب إخراجه.

النوع الثاني: عُروض التجارة، وهي: كل ما أُعِدَّ للبيع والشراء من أجل الربح والتكسُّب.

ويشمل ذلك جميع أنواع الأموال من العقارات، والسيارات، والملابس، والأقمشة، والحديد، والأخشاب، والمواد الغذائية، والحيوانات، وغيرها مما أعدَّ للتجارة.

نصاب عُروض التجارة:
نصاب عروض التجارة هو نصاب الذهب أو الفضة، فإذا بلغَت قيمة العروض نصاب أحدهما وجبَت فيها الزكاة، والغالب تقديرها بالفضة؛ لأنها أرخص من الذهب فتبلغ نصابها قبله، فإذا ملك المسلم من العروض ما يعادل قيمة (595) جرامًا من الفضة وحال عليه الحول وجبَت فيه الزكاة.

مقدار الزكاة الواجب إخراجها من عروض التجارة:
الواجب إخراجه في الزكاة من عروض التجارة: ربع العشر، وهو: (2.5) في المائة منها أو من قيمتها.

وطريقة إخراج زكاتها:
أن تُقوَّمَ البضائع المعدَّة للبيع عند حلول وقت الزكاة بما تساويه في هذا الوقت، سواء أكانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أم أقل أم أكثر، ويُضاف إليها السيولة الناتجة عنها، ثم يخرج منها ربع العشر (2.5) في المائة.

وأسهل طريقة لإخراج مقدار الزكاة الواجبة كما تقدم في زكاة النقود: أن يجمع المبلغ المقدر لقيمة عروض التجارة مع السيولة الناتجة عنها، ثم يقسم على (40 أربعين) والناتج هو الزكاة الواجب إخراجها.

إخراج زكاة عروض التجارة منها:
يجوز إخراج زكاة العروض منها إذا كانت هذه العروض نافعة للفقراء على الصحيح من قولي العلماء - رحمهم الله تعالى - أما إذا لم تكن العروض نافعة للفقراء فيتعيَّن إخراج الزكاة من قيمتها.

صفة تقويم عروض التجارة:
تُقوَّم البضائع المعدَّة للبيع عند حلول وقت الزكاة بما تُساويه في هذا الوقت، والأقرب في طريقة تقويمِها: أن تقدَّر قيمتها بما لو باعها وقت حوَلان الحول بجملتها كم تساوي، فيخرج زكاته بحسب ذلك، سواء أكانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أم أقل أم أكثر، ويُضاف إليها السيولة الناتجة عنها مما لا يزال باقيًا في يده ولم يستهلك، ثم يُخرِج منها ربع العشر، فإن اختلف التقدير، فالأولى أن يحتاط ويخرج ما يكون به براءة ذمته.

تنبيه:
لا يدخل في التقويم الأشياء التي لا تُعدُّ للبيع، مثل: الرفوف والديكورات والثلاجات التي في البقالات ونحوها.

علاقة الزكاة بالملك لا بالربح والخسارة:
لا علاقة للخسارة في التجارة عمومًا أو في المضارَبة بالأسهم، خصوصًا بوجوب الزكاة من عدمه، فالزكاة واجبة بملك المال، فما دام الإنسان يملك مالاً زكويًّا يبلغ النِّصاب فالواجب عليه إخراج الزكاة منه إذا مضى عليه عام هجري كامل، سواء أكان رابحًا أم خاسرًا.

النوع الثالث: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، ولا تَجِب الزكاة فيه حتى يبلغ نصابًا وهو خمسة أوسق، كما دلَّ على ذلك حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواقٍ من الوَرِق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة))؛ متفق عليه[1].

والوسق: ستون صاعًا بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكون النِّصاب: ثلاثمائة صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم.

تقديره بالكيلو جرام:
يَنبغي أن يعلم أن تقدير الحبوب والثمار بالكيلو جرام يَختلف باختلاف أنواع الحبوب والثمار، وقد قدَّر العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - النِّصاب بالبُرِّ الجيد بـ: (ألفين وأربعين جرامًا)؛ أي: كيلوين وخُمسَي عشْر الكيلو، فتكون زِنة النصاب بالبُرِّ الجيد ستمائة واثني عشر كيلو، فلا زكاة فيما دونها.

وأما الأصناف الأخرى فينبغي لمن شكَّ في بلوغها النِّصاب من عدمه أن يسأل ويتحرَّى، وإن تيقَّن بلوغَها النِّصاب أو غلب على ظنِّه ذلك أخرج الزكاة من غير حاجة للتحري أو السؤال عن مقدار النِّصاب، وإنما يحتاج إلى ذلك إذا شكَّ هل يبلغ ما يملكه نصابًا أو لا، والله أعلم.

مقدار الزكاة في الحبوب والثمار:
مقدار الزكاة في الحبوب والثمار العشر كاملاً فيما سُقي بدون كلفة، ونصفه فيما سُقي بكُلفة.

عدم وجوب الزكاة في الفواكه والخضروات ونحوها:
لا تجب الزكاة في الفواكه والخضروات والبطيخ ونحوها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علَّق وجوب الزكاة بما يُكال، وهذه الثمار لا تكال.

وقد رُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: ((ليس في الخضراوات صدقة))[2]، وعن علي - رضي الله عنه - قال: ((ليس في الخضر شيء))[3]، لكن إذا باعها بدراهم وحال الحول على ثمنِها ففيه الزكاة.

النوع الرابع: بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم ضأنًا كانت أم مَعزًا، إذا كانت سائمةً وأُعدَّت للدرِّ والنسل.

والسائمة هي: التي ترعى الكلأ النابت بدون بذر آدمي كل السنَة أو أكثرها، فإن لم تكن سائمةً فلا زكاة فيها، إلا أن تكون للتجارة، فإذا كانت مُعدَّةً للتكسُّب بالبيع والشراء فهي عروض تجارة تُزكى زكاة تجارة، سواء أكانت سائمةً أم معلوفةً، إذا بلغت نصاب التجارة بنفسِها أو بضمِّها إلى تجارته من غيرها.

ويشترط لزكاة السائمة من بهيمة الأنعام أن تبلغ نصابًا، وأقل النصاب في الإبل: خمس، وفي البقر: ثلاثون، وفي الغنم: أربعون.



[1] رواه البخاري في كتاب الزكاة، باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة 2: 529 (1390)، ومسلم في أول كتاب الزكاة 2: 673 (979)، وفي رواية لمسلم: ((مِن تمر ولا حب صدقة))، وفي لفظ له: ((ثمر)) بدل ((التمر)).


[2] رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (1071)، والبيهقي في السنن الكبرى 4: 129، وفي إسناده ليث بن أبي سليم مشهور بالضعْف.



[3] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 2: 372 (10036)، والبيهقي في السنن الكبرى 4: 129، وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (1072) عنه أثرًا آخَر بلفظ: ((ليس في التفاح وما أشبهَه صدقة)).

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير