أرشيف المقالات

قيام التلميذ لمعلمه عند دخوله قاعة التدريس

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
قيام التلميذ لمعلمه عند دخوله قاعة التدريس


حقوق المعلم على المتعلم كثيرة، ومسألة القيام للمعلم أو القادم من الخارج، مسألة فقهية اختلف فيها أهل العلم، وقد نقل هذا الاختلاف الإمامُ ابن مفلح - رحمه الله - ما بين المجيز بحكم العادة والزمان، وما بين المحرم بنص الدليل، وسيعرض الباحث الرأي الفقهي الأول، بحُكم تعلقه بالموقف التربوي، ولرفع الحرج عن المتعلمين في بعض الدول الإسلامية، التي يلزم المتعلم فيها بالقيام للمعلم عند دخوله الفصل، وقد أشار - رحمه الله - إلى عدم كراهة القيام للعالم فقال: "ويكره القيام لغير سلطان وعالم ووالد، ذكره السامري، وقيل: سلطان عادل، وزاد في الرعاية الكبرى: ولغير ذي دِين وورع وكريم قوم وسن في الإسلام، وقال ابن تميم: لا يستحب القيام إلا للإمام العادل والوالدين وأهل العلم والدين والورع والكرم والنسب، وهو معنى كلامه في المجرد والفصول"[1].
 
ثم نقل عن ابن الجوزي وابن تيمية، بأن الحكم جرى للعادة، فقال: قال ابن الجوزي: "وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج لا يقومون له؛ لِما يعرفون من كراهته لذلك، وهذا كان شعار السلف، ثم صار ترك القيام كالإهوان بالشخص؛ لذلك فينبغي أن يقام لمن يصلح، وكذا قال الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية: ينبغي ترك القيام في اللقاء المتكرر المعتاد، لكن إذا اعتاد الناس القيامَ وقدِم من لا يرى كرامته إلا به، فلا بأس به"[2].
 
طريقة جلوس المتعلم عند معلمه والتأدب في ذلك:
ينبغي على المتعلم أن يحسن الجلسة أمام معلمه، ويأخذ الوضع الخاص بالمتعلم، بأن يكون المعلِّم في مكان متميز عن المتعلمين، ويلقي المتعلمون بوجوههم إلى المعلم، ويقعدوا بين يديه، وقد نقل ابن مفلح المقدسي طريقة جلسة الإمام أحمد بين يدي أحد أقرانه في العلم عندما جاءه مستفيدًا مما لديه من العلم، فقال: "روى الخلال أن أحمد جاء إلى وكيع وعنده جماعة من الكوفيين، فجلس بين يديه من أدبه وتواضعه، فقيل: يا أبا عبدالله، إن الشيخ ليكرمك، فما لك لا تتكلم؟ فقال: وإن كان يكرمني فينبغي لي أن أُجِلَّه"[3].
 
وقال ابن مفلح في موضع آخر: "وقال خلف: جاءني أحمد بن حنبل يسمع حديث أبي عوانة، فاجتهدت أن أرفعه فأبى، وقال: لا أجلس إلا بين يديك، أُمِرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه"[4].

[1] المقدسي، محمد بن مفلح.
الآداب الشرعية.
(مرجع سابق).
ج2.
ص24 - 25.

[2] (المرجع السابق): ج2.
ص27.

[3] (المرجع السابق): ج2.
ص88.

[4] (المرجع السابق): ج2.
ص110.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير