أرشيف المقالات

الحكم الشرعي

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الحكم الشرعي

تعريف الحكم الشرعي:
هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين، من حيث الاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع.
 
شرح التعريف:
(خطاب الله): الخطاب: هو توجيه اللفظ المفيد إلى الغير للإفهام، والمقصود هنا: خطاب الله فقط، لا خطاب غيره، فهذا قيد أول خرج به خطاب غير الله؛ لأن الحكم التشريعي لا يكون إلا لله، وكلُّ تشريع من غيره باطل، قال تعالى: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ [يوسف: 40]، وقال تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه ﴾ [الشورى: 21].
 
فإن قال قائل: يشكل على ذلك خطاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله، والإجماع والقياس، فكلها تدل على أحكام المكلفين؟
فالجواب: إن هذه معرِّفات وكاشفات للحكم، فالحكم لا يكون إلا لله، لكن الله يثبتُه في كتابه أو على لسان رسوله، أو يستنبطه المجتهدون بالإجماع، أو القياس، فحكم الله عز وجل يكون نطقًا أو استنباطًا[1].
 
(المتعلق بأفعال المكلفين):
التعلُّق: الارتباط.
 
وأفعال: جمع فعل، وهو ما يقابل الاعتقاد والنية، وهذا قيد آخر خرج به:
أ‌- خطاب الله المتعلق بذاته؛ كقوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [آل عمران: 18].
ما تعلَّق بصفاته وأسمائه؛ كقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]، وكقوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر: 22].
 
ب‌- ما تعلق بأفعاله: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾ [الروم: 40].
 
ت‌- ما يتعلق بذات المكلفين (لا بأفعالهم)؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴾ [المؤمنون: 12] إلخ الآيات.
 
ث‌- ما يتعلَّق بالجمادات والحيوانات؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ﴾ [الكهف: 47].
 
ج‌- ما يتعلق بالمسائل الاعتقادية؛ لأن الكلام هنا عن الأحكام العملية.
 
والمقصود بالمكلَّف: هو البالغ العاقل.
 
الخطاب المتعلِّق بالمكلف ثلاثة:
(1) بالاقتضاء: معناه: الطلب، وهذا الطلب ينقسم إلى طلب فعل، وطلب ترك، وطلب الفعل إذا كان على سبيل الإلزام فهو الإيجاب، وإن لم يكن على سبيل الإلزام فهو: الندب.
وطلب الترك إن كان على سبيل الإلزام فهو (التحريم)، وإن لم يكن على سبيل الإلزام فهو الكراهة.
 
(2) أو التخيير: وهو استواء الطرفين: وهو المباح.
 
وتسمى هذه الأحكام السابقة بالأحكام التكليفية، وهي: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة.
 
(3) الوضع: والمقصود به ما جعله الله سببًا أو شرطًا أو مانعًا للحكم التكليفي[2]، على ما يأتي تفصيله، ويسمى هذا الحكم: الحكم الوضعي.

[1] انظر قواعد الأصول ومعاقد الفصول ص: 24.

[2] ويدخل بعض العلماء كذلك الصحة والفساد، والرخصة والعزيمة في الحكم الوضعي، وبعضهم يجعلها من الحكم التكليفي.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢