أرشيف المقالات

صلاة الجماعة

مدة قراءة المادة : 19 دقائق .
صلاة الجماعة


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1]، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا.
أما بعد:
فإن صلاةَ الجماعة لها أحكام تتعلق بها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
• معنى صلاة الجماعة: أداء الصلاة في جماعة.
• فضل صلاة الجماعة:
(1) روى الشيخان عن عبدالله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاة الجماعة تفضُلُ صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجةً))؛ (البخاري - حديث: 645 / مسلم - حديث: 650).

(2) روى مسلم عن عثمان بن عفان قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد - غفَر الله له ذنوبه))؛ (مسلم - حديث: 232).

(3) روى مسلم عن عثمان بن عفان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صلى العِشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومَن صلى الصبح في جماعةٍ فكأنما صلى الليل كله))؛ (مسلم - حديث: 656).

حُكم صلاة الجماعة للرجال في المسجد:
إقامة الصلواتِ الخمس المفروضة للرجال جماعةً في المساجد واجبةٌ على كل مسلم، ذكَر، بالغ، عاقل، قادر على الذهاب إلى المساجد، لا يجوز تركها إلا لعذر شرعي؛ فقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بإقامة الصلاة جماعةً في حال الخوف؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 102].

وهذا دليلٌ على أن وجوبها في حال الأمن أولى، ولقد همَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق رجال يتخلَّفون عن صلاة الجماعة في المساجد.

روى الشيخان عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، لقد هممتُ أن آمر بحطبٍ فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأُحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده، لو يعلمُ أحدهم أنه يجد عَرْقًا سمينًا أو مِرْماتينِ حسَنتين لشهد العِشاء))؛ (البخاري - حديث: 644 / مسلم - حديث: 651).
ولم يرخِّصِ النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى أن يصليَ في بيته.

روى مسلم عن أبي هريرة، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يرخِّصَ له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلما ولَّى دعاه فقال: ((هل تسمع النداء بالصلاة؟))، قال: نعم، قال: ((فأجب))؛ (مسلم - حديث: 653) (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 23 صـ 239: صـ 240).

أعذار التخلُّف عن صلاة الجماعة:
(1) المطر الشديد، الريح العاصف، البرد الشديد، الحر الشديد، الوحل الشديد.
روى البخاري عن نافعٍ: أن ابن عمر أذَّن بالصلاة في ليلةٍ ذات بردٍ وريحٍ، ثم قال: ألا صلُّوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذِّن إذا كانت ليلة ذات بردٍ ومطرٍ يقول: ((ألا صلُّوا في الرحال))؛ (البخاري - حديث: 666).
روى البخاريُّ عن عبدالله بن الحارث قال: خطبنا ابنُ عباسٍ في يومٍ ذي ردغٍ (طين ووحل)، فأمر المؤذِّنَ لما بلغ حيَّ على الصلاة، قال: قل: الصلاةُ في الرحال، فنظر بعضهم إلى بعضٍ، فكأنهم أنكروا، فقال: كأنكم أنكرتم هذا، إن هذا فعَلَه مَن هو خير مني، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، إنها عَزْمَةٌ، وإني كرهتُ أن أُحرِجَكم.
وعن حمادٍ، عن عاصمٍ، عن عبدالله بن الحارث، عن ابن عباسٍ نحوه، غير أنه قال: كرهتُ أن أؤثِّمَكم، فتَجيئون تدُوسون الطين إلى رُكَبكم؛ (البخاري - حديث: 668).

(2) حضور الطعام مع الحاجة إليه، ومدافعة الأخبثَيْنِ، وهما: البَول والغائط.
روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا صلاةَ بحضرة الطعام، ولا هو يُدافِعُه الأخبثانِ))؛ (مسلم - حديث: 560).

(3) تناول كلِّ ما له رائحة كريهة؛ كالثُّوم والبصل ونحوهما.
روى الشيخانِ عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة خيبر: ((مَن أكل من هذه الشجرة - يعني الثُّوم - فلا يقرَبَنَّ مسجدنا))؛ (البخاري - حديث: 853/ مسلم - حديث: 561).

(4) المرض الشديد الذي يمنع صاحبه مِن الذهاب إلى المساجد.
روى البخاريُّ عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: ((مُرُوا أبا بكرٍ يُصلي بالناس))؛ (البخاري - حديث: 716).

(5) غلَبة النُّعاس على المصلي؛ لأنه قد لا يدري ما يقوله في صلاته.
روى البخاري عن عائشة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقُدْ حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدَكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفِرُ فيسُبَّ نفسَه))؛ (البخاري - حديث: 212).

(6) الخوفُ على النفس والمال؛ (الأم للشافعي جـ 1 صـ 155: صـ 156)، (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 373: صـ 380).

العدد الذي تنعقد به الجماعة:
أجمَع أهل العلم على أن أقل عدد تنعقد به الجماعة اثنانِ، وهو أن يكون مع الإمام مصلٍّ آخر.
روى الشيخانِ عن مالك بن الحويرث، قال: أتى رجلانِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يريدان السفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنتما خرجتما فأذِّنا، ثم أقيما، ثم ليؤمَّكما أكبَرُكما))؛ (البخاري - حديث: 630 / مسلم - حديث: 674).

الإمامة في صلاة الجماعة:
روى مسلمٌ عن أبي مسعودٍ الأنصاري، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤمُّ القوم أقرؤُهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنَّة، فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سِلمًا، ولا يؤمَّن الرجلُ الرجلَ في سلطانِه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه))؛ (مسلم - حديث: 673).
روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانوا ثلاثةً فليؤمَّهم أحدهم، وأحَقُّهم بالإمامة أقرؤُهم))؛ (مسلم - حديث: 672).

موقف الصبي المميز في صلاة الجماعة:
الصبي المميز الذي يعرف الوضوء وبعضًا من أحكام الصلاة، إذا بلغ سبعَ سنوات فأكثر، فإنه يقفُ مع الرجال في الصف، وتنعقد به الجماعة.
روى البخاريُّ عن أنس بن مالكٍ قال: (صليتُ أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأمي أمُّ سُليمٍ خلفنا))؛ (البخاري - حديث: 727)، (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 8 صـ 20: صـ 21)، (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين رقم 230)، (تمام المنة للألباني جـ 1 صـ 282).

إمامة الصبي المميِّز للرجال:
تصحُّ إمامة الصبي المميِّز لغيره من الرجال إذا كان أكثر الحاضرين حفظًا للقرآن، وذلك في حالة عدم وجود إمامٍ راتبٍ أو نائبٍ عنه.
روى البخاري عن عمرو بن سلمةَ، قال: لما كانت وقعةُ أهل الفتح بادر كل قومٍ بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتُكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقًّا، فقال: ((صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلُّوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّنْ أحدُكم، وليؤمَّكم أكثركم قرآنًا))، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني؛ لِما كنتُ أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن سِت أو سبعِ سنين))؛ (البخاري - حديث: 4302).
قال ابن حجر العسقلاني: هذا الحديث حُجَّة للشافعية في إمامة الصبي المميِّز في الفريضة؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني - جـ 7 صـ 618).

صلاة النساء في المساجد:
يجوز للمرأةِ حضورُ صلاة الجماعة في المساجد، ولكن صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.
روى أحمدُ عن أم حميدٍ - امرأةِ أبي حميدٍ الساعدي -: أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أحبُّ الصلاة معك، قال: ((قد علمتُ أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خيرٌ من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي))، قال: فأمرَتْ فبُنِيَ لها مسجد في أقصى شيءٍ من بيتها وأظلمه، فكانت تصلي فيه حتى لقيَتِ اللهَ عز وجل؛ (حديث حسن) (مسند أحمد جـ 45 صـ 37 رقم 27090).
روى أبو داود عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنَعوا نساءَكم المساجد، وبيوتهن خيرٌ لهن))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 530).

شروطُ صلاة المرأة في المساجد:
يُشتَرط لخروج المرأة للصلاة في المسجد أن ترتديَ ملابسها الواسعة التي لا تجذب انتباه الرجال، وكذلك يحرُمُ عليها أن تخرج من بيتها متعطِّرة، ولو كان خروجها للصلاة في المسجد.

روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أيُّما امرأةٍ أصابت بخورًا، فلا تشهد معنا العِشاء الآخرةَ))؛ (مسلم - حديث: 143).
 

روى مسلم عن زينب امرأة عبدالله، قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شهِدَتْ إحداكن المسجد فلا تمَسَّ طيبًا))؛ (مسلم - حديث: 142).

روى أبو داود عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن لِيَخرُجْنَ وهنَّ تَفِلاتٌ))؛أي: غير مُتعطِّرات؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 529).
إذا ترتَّب على خروج المرأة فتنة أو مفسدة، حرُم ذهابها للصلاة في المسجد.

مسابقة الإمام:
يحرُمُ على المأموم أن يسبِقَ إمامه عمدًا؛ فمسابقةُ المأموم لإمامه مِن كبائر الذنوب.
روى البخاريُّ عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((أمَا يخشى أحدُكم أو لا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل اللهُ رأسَه رأسَ حمارٍ، أو يجعل الله صورتَه صورةَ حمارٍ))؛ (البخاري - حديث: 691).

الصلاة بين الأعمدة:
تُكرَهُ الصلاة بين الأعمدة في حالة اتساع المسجد، وتجوز عند الزحام.
روى ابن ماجه عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: كنا نُنهَى أن نصُفَّ بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونُطرَدُ عنها طردًا؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني - حديث: 821).

قراءة الفاتحة خلف الإمام:
تجبُ قراءة الفاتحة على المأموم في جميع الصلوات الجهرية والسريَّة، فرضًا أم نفلًا، سمع المأمومُ فيها قراءة الإمام أم لم يسمعها، وسواء سكت الإمام بين الفاتحة والسورة أم لم يسكُتْ؛ (مسلم بشرح النووي جـ 2 صـ 163)، (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 2 صـ 283)، (سبل السلام للصنعاني جـ 1 صـ 354)، (نيل الأوطار للشوكاني جـ 307 صـ 310: صـ 311)، (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين صـ 319)، (الوجيز في شرح صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم - لابن باز - صـ 39).

روى الشيخانِ عن عبادة بن الصامت: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاةَ لِمَن لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب))؛ (البخاري - حديث: 756 / مسلم - حديث: 394).

قال الترمذيُّ - بعد أن ذكر هذا الحديث أيضًا -: العملُ على هذا الحديث في القراءة خَلْف الإمام عند أكثر أهل العلم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وهو قول مالك بن أنسٍ وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق؛ يرَوْنَ القراءة خلف الإمام؛ (سنن الترمذي جـ 2 صـ 118).

روى مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأمِّ القرآنِ، فهي خِداجٌ - ثلاثًا - غيرُ تمامٍ))، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرَأْ بها في نفسك؛ (مسلم - حديث: 395).

الجهر بالبسملة:
يُستحَبُّ عدمُ جهر الإمام بالبسملة في الصلوات الجهرية، وهذا قول الجمهور مِن أهل الحديث والرأي.
روى مسلم عن أنسٍ، قال: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمان فلم أسمَعْ أحدًا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم؛ (مسلم - حديث: 399).
وعلى المسلمِ ألا يُحدِثَ فتنة بسبب الجهر أو عدم الجهر بالبسملة، ومِن المعلوم أنه يجب على المسلمِ أن يترك الأمر المستحبَّ إذا ترتب على فعله مفسدةٌ راجحةٌ على مصلحته؛ (فتاوى ابن تيمية جـ 22 صـ 405: صـ 437).

اقتداءُ المأمومين بالإمام مع وجود حائل يمنَع رؤيته:
إذا صلَّى المأمومون وكان بينهم وبين الإمام حائلٌ أو طريقٌ يسيرُ فيه الناس يمنع اتصال الصفوف، أو رؤية الإمام، أو صلَّوْا في مكان مستقل - صحت صلاتهم، وذلك في حالة الضرورة؛ كامتلاء المسجد والرحاب المتصلة به، بشرط سماع المأمومين لتكبيرات الإمام، قال الحسن البصري: لا بأس أن تصلي وبينك وبينه نَهَر.
 
وقال أبو مجلزٍ: يأتَمُّ بالإمام، وإن كان بينهما طريق أو جدار، إذا سمع تكبيرَ الإمام؛ (البخاري مع فتح الباري جـ 2 صـ 250)، (المغني لابن قدامة جـ 3 صـ 44: صـ 47)، (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 23 صـ 407).

تنبيه مهم:
لا يصحُّ اقتداء المأموم بإمامٍ عن طريق الإذاعة أو التلفزيون، سواء كان ذلك في صلاة الفريضة أو النافلة، ولو سمع قراءة الإمام وتكبيراته؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ 20 رقم 3286 صـ 7365: صـ 7367)، (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 8 صـ 26: صـ 31).

إمامة المتنفِّل بالمفترض:
يجوز اقتداءُ مَن يصلي الفرض بمن يصلي النافلة؛ وذلك لأن معاذ بن جبل كان يصلي العشاء خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يعود معاذ فيكون إمامًا لقومه في صلاة العشاء، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم يُنكِر عليه.

روى البخاري عن جابر بن عبدالله، قال: كان معاذ بن جبلٍ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم قومه، فصلى العشاء فقرأ بالبقرة، فانصرف الرجل، فكأن معاذًا تناول منه، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ((فتَّان فتَّان فتَّان)) ثلاث مرارٍ؛ (البخاري - حديث: 701).
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١