أرشيف المقالات

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وخطبته للكسوف

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
وخطبته للكسوف
من سياق أحاديث الصحيحين، وبعض ما استنبطه أهل العلم من فوائدها
 
سياق أحاديث جابر والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن عمرو وأسماء وعائشة وابن عباس وأبي موسى وأبي بكرة رضي الله عنهم:
حادثة الكسوف:
(عن عائشة رضي الله عنها ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبًا، فخسفت (جابر رضي الله عنه كسفت) الشمس، فرجع ضحى)، (جابر رضي الله عنه في يوم شديد الحر)، (المغيرة رضي الله عنه يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم)، (أبو موسى رضي الله عنه فقام النبي صلى الله عليه وسلم فزعًا يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد)، (أسماء رضي الله عنها ففزع فأخطأ بدرعٍ "أي إزار"، حتى أدرك بردائه بعد ذلك)، (أبي بكرة رضي الله عنه يجر رداءه حتى دخل المسجد فدخلنا)، (عائشة رضي الله عنها حتى انتهى إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه)، (عائشة رضي الله عنها فبعث مناديًا بالصلاة الجامعة)، (ابن عمر رضي الله عنهما فنودي إن الصلاة جامعة)، (عائشة رضي الله عنها فاجتمعوا)، (عائشة رضي الله عنها فصف الناس، وراءه فكبر)، (جابر رضي الله عنه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه).
 
استنبط أهل العلم رحمهم الله تعالى مما سبق:
• جواز إطلاق الكسوف والخسوف على انحجاب ضوء الشمس أو القمر كله أو بعضه، وإن كان أكثر أهل العلم يخص الكسوف بالشمس، والخسوف بالقمر.
• إن صلاة الكسوف صلاة رهبة من تغير الآيات الكونية، وهي صلاة رغبة في رد نور القمرين.

• أن الأفضل أن تصلى صلاة الكسوف في الجوامع؛ كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم.

• لا يشرع لصلاة الكسوف أذان ولا إقامة، ولكن ينادى: الصلاة جامعة؛ بقدر ما يسمع الناس.

 
صفة الصلاة:
(قالت أسماء رضي الله عنها فدخلت على عائشة، وهي تصلي، فقلت: ما شأن الناس يصلون؟ فأشارت برأسها إلى السماء، وقالت: سبحان الله، فقلت: آية؟ قالت: نعم)، (أسماء رضي الله عنها فقضيت حاجتي، ثم جئت، ودخلت المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا فقمت معه)، (عائشة رضي الله عنها فأطال القيام جدًا، (جابر رضي الله عنه حتى جعلوا يخرون)، (عائشة رضي الله عنها جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته)، (عائشة رضي الله عنها فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة)، (ابن عباس رضي الله عنه نحوًا من قراءة سورة البقرة)، (قالت أسماء رضي الله عنها حتى تجلاني الغشي، فأخذت قربة من ماء إلى جنبي، فجعلت أصب على رأسي، أو على وجهي من الماء، حتى رأيتني أريد أن أجلس، ثم ألتفت إلى المرأة الضعيفة، فأقول: هذه أضعف مني)، ثم ركع، فأطال الركوع جدًا، (عائشة رضي الله عنها ثم قال: سمع الله لمن حمده)، ثم رفع رأسه، فأطال القيام جدًا، (أسماء رضي الله عنها حتى لو أن رجلاً جاء خُيل إليه أنه لم يركع، من طول القيام)، وهو دون القيام الأول، (عائشة رضي الله عنها وقرأ قراءة طويلة، هي أدنى من القراءة الأولى)، ثم ركع، فأطال الركوع جدًا، وهو دون الركوع الأول، (عائشة رضي الله عنها ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)، (أسماء رضي الله عنها ثم سجد، فأطال السجود، ثم رفع، ثم سجد، فأطال السجود)، ثم قام، فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع، فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه، فقام، فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع، فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول، (أسماء رضي الله عنها ثم رفع، فسجد، فأطال السجود، ثم رفع، ثم سجد، فأطال السجود، (أبو موسى رضي الله عنه فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله في صلاة قط)، (قالت عائشة رضي الله عنها ما ركعت ركوعًا قط، ولا سجدت سجودًا قط كان أطول منه)، (عائشة رضي الله عنها الأول الأول أطول)، (عائشة رضي الله عنها ثم سلم)، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس)، (جابر رضي الله عنه فكانت أربع ركعات، وأربع سجدات).
 
استنبط أهل العلم رحمهم الله تعالى مما سبق:
• صلاة الكسوف ركعتين، في كل ركعة قراءتين وركوعين، يقرأ الفاتحة وسورة طويلة، ثم يركع، ويطيل الركوع، ثم يرفع، ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ويقرأ الفاتحة وسورة أقصر من الأولى، ثم يركع، ويطيل الركوع دون الركوع الأول، ثم يرفع، ويقول:
سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يسجد، ويطيل السجود، ثم يرفع، ثم يسجد، ويطيل السجود دون السجود الأول، ثم يصلي الركعة الثانية كالأولى، ويجعل كل قيام وركوع وسجود دون الذي قبله.
• يشرع حضور النساء غير ذوي الهيئات لصلاة الكسوف في المسجد.

• يشرع الجهر بالقراءة في صلاتي الكسوف والخسوف على الصحيح.
 
صفة الخطبة:
(عائشة رضي الله عنها فخطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: (عائشة رضي الله عنها أما بعد) إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، (أبو بكرة رضي الله عنه ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده)، لا ينخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم (أبو مسعود رضي الله عنه منها شيئًا)، (عائشة رضي الله عنها كسوفًا)، (عائشة رضي الله عنها فافزعوا إلى الصلاة)، (أبو موسى رضي الله عنه فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره)، فادعوا الله، وكبروا، وصلوا، وتصدقوا، يا أمة محمد، (عائشة رضي الله عنها إن من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيرًا)، (عائشة رضي الله عنها رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم)، (جابر رضي الله عنه إنه عرض علي كل شيء تولجونه، ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه)، فعرضت علي الجنة؛ (أسماء رضي الله عنها قد دنت مني الجنة)، (عائشة رضي الله عنها حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفًا من الجنة، حين رأيتموني جعلت أقدم)، حتى لو تناولت منها قطفًا أخذته، فقصرت يدي عنه)، (جابر رضي الله عنه ولقد مددتُ يدي، وأنا أريد أن أتناول من ثمرها؛ لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل)، (ابن عباس رضي الله عنه ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا)، (عائشة رضي الله عنها ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضًا، حين رأيتموني تأخرت)، (جابر رضي الله عنه مخافة أن يصيبني من لفحها)، (ابن عباس رضي الله عنه فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع)، (جابر رضي الله عنه ودنت مني النار، حتى قلت: أي رب وأنا معهم؟ فإذا امرأة (جابر رضي الله عنه من بني اسرائيل)، تخدشها هرة، قلت: ماشأن هذه؟ قالوا: حسبتها حتى ماتت جوعًا، لا أطعمتها، ولا أرسلتها تأكل من خشيش أو خشاش الأرض)، (جابر رضي الله عنه وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار، كان يسرق الحاج بمحجنه؛ فإن فطن له، قال: إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به)، (ابن عباس رضي الله عنه وأريت النار، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: يكفرهن، قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى أحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط)، (جابر رضي الله عنه ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك (عائشة رضي الله عنها ابن لحي، وهو الذي سيب السوائب)، يجر قصبه في النار، وإنهم كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم، وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما، فإذا خسفا فصلوا حتى ينجلي)، (أبو مسعود رضي الله عنه وادعوا الله حتى يكشف ما بكم)، (عائشة رضي الله عنها حتى يفرج الله عنكم)، (قالت أسماء رضي الله عنها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعتاقة في كسوف الشمس)، (عائشة رضي الله عنها ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر)، (عائشة رضي الله عنها فقال: إني قد رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال)، (أسماء رضي الله عنها فيؤتي أحدكم، فيقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن، فيقول: هو محمد، هو رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وأطعنا، ثلاث مرار، فيقال له: نم، قد كنا نعلم إنك لتؤمن به، فنم صالحًا، وأما المنافق أو المرتاب، فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلت)، (عائشة رضي الله عنها ثم رفع يديه، فقال: اللهم هل بلغت؟).
 

استنبط أهل العلم رحمهم الله تعالى مما سبق:
• لا تشرع صلاة الكسوف إلا إذا رئي التغير بالعين المجردة، دون الاعتماد على المناظير، أو الحسابات الفلكية.

• الأمر المطلق في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا) يدل على مشروعية صلاة الكسوف جماعة أو فرادى، في أوقات النهي وغيرها.
• تشرع خطبة بعد صلاة الكسوف، يُذكر فيها الخطيب بالجنة والنار، وعذاب القبر، وبعض المعاصي المنتشرة؛ كالزنا، والسرقة، والظلم، وجحد الحقوق، والشرك.
 
• إذا انقضت الصلاة ولم ينجلِ الكسوف، يشرع الإكثار من الاستغفار، والصدقة، والدعاء، والذكر، والتكبير، والعتق حتى ينجلي الكسوف.

• يشرع للخطيب أن يبين الحِكم الشرعية من الكسوف، ففيه تخويف الله لعباده في تغيير هذه الآيات، ودليل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وذلك أن اختلال الأشياء المنتظمة يدل على وجود مؤثر؛ وهو الله عز وجل؛ حيث جعلها تنتظم بقدرته وتختل بقدرته.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣