فضل صلاة المرأة في بيتها
مدة
قراءة المادة :
10 دقائق
.
فضل صلاة المرأة في بيتهابداية لابد أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع النساء أن يصلين في المساجد؛ فقد أخرج الإمام مسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها"، وفي رواية: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، وفي رواية عند ابن ماجه: " لا تمنعوا إماء الله أن يصلين في المسجد"؛ صحيح الجامع: 7455.
لكن إذا خرجت إلى المسجد فعليها بعض الأمور منها:
1- ألا تخرج متعطرة:
وذلك للحديث الذي أخرجه الإمام مسلم عن زينب زوجة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - قالت: "قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا".
• وفي رواية الإمام أحمد وأبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تفلات"؛ قال الخطابي - رحمه الله - في معالم السنن: يقال: امرأة تفلة إذا لم تتطيَّب.
2 - جعل باب خاص بالنساء للدخول والخروج منه:
• فقد أخرج أبو داود عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بني المسجد جعل بابًا للنساء وقال: لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد"، وفي رواية: "لو تركنا هذا الباب للنساء؟"، قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات.
• وعند البخاري في التاريخ الكبير عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخلوا المسجد من باب النساء.
3- فإذا دخلت المسجد وصلت فلتكُن في منأى عن الرجال حتى لا تُرى، فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها[1] وشرها أولها".
ووصف أول صفوف النساء بالشر، والمؤخر منهن بالخير، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال وعن مخالطتهم ورؤيتهم، وتعلُّق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك.
4 - فإذا قضيت الصلاة فليكن انصراف النساء قبل الرجال: فقد أخرج البخاري عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: "كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرًا".
قال ابن شهاب رحمه الله: فترى والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم؛ أي الرجال، ويدل على هذا رواية البخاري عن أم سلمة أيضًا رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ومما سبق يتبيَّن أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أذن للمرأة أن تصلي في المسجد، فإنه يتبع سنة المباعدة بين الرجال والنساء، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم وأكد أن صلاتها في بيتها أفضل من هذا كله، بل أفضل من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عمر- رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم:"لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن"؛ (صحيح الجامع: 7458) (صحيح أبي داود: 530)، وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر- رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها"؛ (صحيح الترغيب والترهيب: 344).
وأخرج الترمذي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان"؛)" صحيح الجامع (6690.
• ورواه ابن خزيمة وابن حبان بلفظه وزاد فيه: "وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها".
• وأخرج الطبراني عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس، فيستشرفها الشيطان[2]، فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبته، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين؟ فتقول أعود مريضًا، أو أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وما عبدت امرأةٌ ربها مثل أن تعبده في بيتها"؛ صحيح موقوف، (انظر صحيح الترغيب والترهيب 348).
• وأخرج الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خير مساجد النساء قعر بيوتهن"؛ (صحيح الترغيب والترهيب: 341).
• وفي رواية ابن خزيمة عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان في بيتها ظُلمة"؛ رواه ابن خزيمة (صحيح الترغيب والترهيب: 347).
- وأخرج الإمام أحمد وابن خزيمة عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني أُحب الصلاة معك، قال: "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بينك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي، قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها أو أظلمه، وكانت تصلي حتى لقيت الله عز وجل"؛ (صحيح الترغيب والترهيب: 340).
وقد بوب على هذا الحديث ابن خزيمة رحمه الله، فقال: "باب اختيار صلاة المرأة في حجرتها على صلاتها في دارها، وصلاتها في مسجد قومها على صلاتها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت صلاةٌ في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تعدلُ ألف صلاةٍ في غيره من المساجد دليل على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم صلاةٌفي مسجدي هذا أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه من المساجد"، إنما أراد به صلاة الرجال دون صلاة النساء؛ ا.
هـ.
• وأخرج الطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة المرأة في بيتها خيرٌ من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في دارها، وصلاتها في دارها خير من صلاتها خارج"، وفي رواية:" خير من صلاتها في مسجد قومها"؛ (صحيحالترغيبوالترهيب: 342).
• وأخرج أبو داود وابن خزيمة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها مخدعها[3] أفضل من صلاتها في بيتها"؛ (صحيح الترغيب والترهيب: 343) (صحيح الجامع: 3833).
والمراد من الأحاديث السابقة أن المرأة كلما استترت وبعد منظرها عن أعين الناس، كان أفضل لصلاتها، فصلاتها في قعر البيت أفضل من صلاتها في البيت، وصلاتها في البيت أفضل من صلاتها في حجرة البيت، وصلاتها في الحجرة أفضل من صلاتها في الدار خارج الحجرة، وصلاتها في الدار أفضل من صلاتها في المسجد، وقد صرح ابن خزيمة كما مر بنا وجماعة من العلماء بأن صلاتها في دارها أفضل من صلاتها في المسجد، وإن كان مسجد مكة، أو المدينة، أو بيت المقدس، والإطلاقات في الأحاديث المتقدمة تدل على ذلك.
[1] خير صفوف النساء آخرها: هذا في حال ما إذا كان النساء يصلين مع الرجال في نفس المكان وبدون عازل بينهم، فيكون أول صفوف النساء شرها؛ لأنه قريب من آخر صفوف الرجال، لكن إذا كانت النساء في معزلٍ عن الرجال وفي منأى عنهم، فإن خير صفوف النساء أولها، ويدخلن في الحديث: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ..." الحديث، ويدخلن كذلك في الحديث "...
أن الله وملائكته يصلون علي الصف الأول ..." الحديث؛ (انظر شرح " النووي علي مسلم :4 /159) (وانظر شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين: 3 /338).
[2] فيستشرفها الشيطان: أي ينتصب، ويرفع بصره إليها، ويهم بها لأنها قد تعاطت سببًا من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها۔
[3] المخدع: بكسر الميم وإسكان الخاء وفتح الدال المهملة، وهو الخزانة تكون في داخل البيت.