أرشيف المقالات

تبويب البخاري باب الحيلة في النكاح

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
سلسلة الرد المفصل على الطاعنين في أحاديث صحيح البخاري (22)
تبويب البخاري بَاب الْحِيلَةِ فِي النِّكَاحِ
 
مما تمخضت به عقول بعض الطاعنين في الصحيح: إنكارهم تسمية البخاري رحمه الله لأحد أبواب صحيحه باسم "بَاب الْحِيلَةِ فِي النِّكَاحِ"، وزعموا أن في هذا استحلال لما حرم الله من الفروج.
 
وأقول: لو أن أحد هؤلاء الطاعنين أو مقلديهم كلَّف نفسه أن يقرأ ما ذكره البخاري في هذا الباب لاستحيا من ذكر هذا، ولعل بعضهم قد قرأ ما ذكره البخاري في هذا الباب وعلم مقصد البخاري من هذا العنوان، ولكنَّ المفترين لا يستحون، واتباع الهوى يعمي ويصم عن الحق كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].
 
وسأكتفي في كشف هذه الشبهة بذكر الحديث الأول الذي ذكره الإمام البخاري في هذا الباب ليتبين للقارئ أن مراد البخاري من الحيلة في النكاح هو الشغار المنهي عنه، فالبخاري بوب هذا الباب ليبين حكم الحيلة فيه، وليبين خطأ قول بعض أهل العلم بصحة عقد النكاح في نكاح الشغار.
 
قال البخاري (6961): حدثنا مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله، قال: حدثني نافع، عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن الشغار» قلت لنافع: ما الشغار؟ قال: «يَنكح ابنة الرجل ويُنكحه ابنته بغير صداق، ويَنكح أخت الرجل ويُنكحه أخته بغير صداق» وقال بعض الناس: إن احتال حتى تزوج على الشغار فهو جائز والشرط باطل.
 
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (12/ 334): "وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الْحِيلَة فِي الشِّغَار تُتَصَوَّر فِي مُوسِر أَرَادَ تَزْوِيج بِنْت فَقِير فَامْتَنَعَ أَوْ اِشْتَطَّ فِي الْمَهْر فَخَدَعَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: زَوِّجْنِيهَا وَأَنَا أُزَوِّجُك بِنْتِي؛ فَرَغِبَ الْفَقِير فِي ذَلِكَ لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَعَ الْعَقْد عَلَى ذَلِكَ وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْعَقْد يَصِحُّ وَيَلْزَم لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْر الْمِثْل فَإِنَّهُ يَنْدَم إِذْ لَا قُدْرَة لَهُ عَلَى مَهْر الْمِثْل لِبِنْتِ الْمُوسِر، وَحَصَلَ لِلْمُوسِرِ مَقْصُوده بِالتَّزْوِيجِ لِسُهُولَةِ مَهْر الْمِثْل عَلَيْهِ".
 
وهذا الاجتزاء لعنوان الباب وترك بيان مقصد البخاري منه إن دل على شيء فإنما يدل على مخادعة الطاعنين في السنة لقرائهم، وفاعل ذلك كالذي يستدل بقوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴾ [الماعون: 4] على التحذير من الصلاة، ويا أسفا على الذين سلَّموا عقولهم لهؤلاء المضلين، والله المستعان.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣